×
محافظة المنطقة الشرقية

جائزة الملك عبدالعزيز للأدب الشعبي تفصح عن 9 نجوم في المحاورة والنظم والشيلات غدًا

صورة الخبر

< ‎المال والسعادة العلاقة بينهما مهدت لكثير من الدراسات والبحوث العلمية لإيجاد الرابط بينهما، وقياس مدى أثرهما على بعض. كلاوديا هاموند عالمة بريطانية‎ مختصة في علم نفس «النقود»، أي ببواطن علاقة الإنسان بالمال، وهي أستاذة بفرع جامعة بوسطن الأميركية في العاصمة البريطانية لندن ومؤلفة كتب في هذا المجال، صدر لها أخيراً كتاب من 432 صفحة، عنوانه: «العقل فوق المال - فلسفة المال وكيف تستخدمه بصورة أفضل»، تتحدث فيه بإسهاب ومنطق عن فقدان البعض لقيمة المال الحقيقية. ‎قالت في كتابها: «إن المال هو تركيبة ماهرة وغريبة وذات عمق نفسي كبير، فالواحد منا يحمل في جيبه قصاصات ورقية ملونة، ويسود اتفاق بين الجميع، على أن هذه القصاصات لها قيمة. ويمكن التعبير عن ذلك بأن المال هو تجسيد للثقة، وتحويلها إلى بضاعة، يمكن للإنسان أن يتاجر فيها»، وأشارت إلى أن «فكرة المال موجودة في البشرية منذ أكثر من 5 آلاف سنة، وتشير إلى دراسات نفسية، تبين أن الشعور بالسعادة لامتلاك المال يحدث في المكان المخصص في المخ للشعور بالمكافأة، وهو نفس الشعور الذي ينتابنا عندما نأكل الشوكولاتة مثلاً». وأضافت في مبحثها: «هناك الكثير من الدراسات التي تناولت المبلغ الذي يجعل الإنسان سعيداً، فهناك من يزعم أنه مبلغ نصف مليون دولار، ويزعم آخرون أن السعادة تبدأ منذ امتلاك مبلغ 75 ألف دولار»، لكن الحقيقة كما نراها ونلمسها هي أن الإنسان يشعر بالاطمئنان إذا امتلك المبلغ الذي يغطي حاجاته لأشهر عدة، وكلما زادت الأموال التي يمتلكها الشخص يرتفع سقف طموحاته، فلا يشعر بالسعادة بالأشياء التي كانت تسعده وهو أقل دخلاً، ما يحرمه الكثير من أسباب الراحة والهناء. ‎وذكرت هاموند في كتابها أن «الإنسان لا يصل إلى نقطة معينة ويعتبرها قمة السعادة، بل يسعى دوماً إلى المزيد والمزيد». ونقلت نتائج بحث أجرته عالمة النفس الكندية إليزابيث دون، إذ قامت بتوزيع أظرف على أشخاص، في كل ظرف مبلغ من المال، وطلبت من نصف المستلمين أن ينفقوا المال على أنفسهم كما يشاءون، والنصف الآخر أن ينفقوه على غيرهم، وتبين أن النصف الثاني أكثر سعادة من النصف الأول، بغض النظر عن المبلغ الذي أنفقه كل واحد منهم. وكلنا يعرف أن إنفاق المال في لحظات الضيق ربما يجعل الشخص أكثر سعادة، لأنه أعطى نفسه هدية ليس في حاجة ماسة إليها، لكنها بمثابة تدليل للذات، فيكون رد الفعل إيجابياً على النفسية، لكن من الضروري أن يكون هذا السلوك استثنائياً، وليس قاعدة في حياة الشخص. وذكرت المؤلفة «أن الثراء ربما يؤثر في كثير من الأحيان سلباً في شخصية الإنسان، وبعض الأثرياء يرى أنه هو الأجدر بالحياة من آخرين بالجوار، لذلك نرى أحياناً بعض مديري الشركات العملاقة لا يفكرون في التنازل عن جزء من مكافآتهم التي تصل إلى الملايين، ويقبلون بدلاً من ذلك بإلغاء المكافآت السنوية عن مئات أو آلاف العاملين ضغطاً للنفقات وتعويضاً للخسائر»! الغريب أن الإنسان مستعد لأن يقبل قدراً أقل من المال، المهم أن يكون أكثر مما سيحصل عليه الآخرون من الزملاء حواليه، أو مما يمتلكه جيرانه أو أقاربه! وللأسف أن البعض يرى أن قيمته ومكانته تتحدد بالمقارنة بما يمتلكه الآخرون، ويرفض أن يكون أقل قيمة ممن حوله. ‎وأخيراً، تحذّر العالمة البريطانية من الشراء ببطاقات الائتمان، التي تجعل الإنسان ينفق أضعاف ما سينفقه لو دفع نقداً، لأن الإنسان ما زال في قراره نفسه واعياً لقيمة العملات النقدية، لكنه لا يجد مناعة داخلية، حين يوقع على المبلغ، أو يضع الرقم السري فقط. ‎وتختم بقولها: «إذا كان الكل يؤمن بأن المال وحده لا يجلب السعادة، لكن السعادة من دونه تكون أصعب، فإن إنفاق المال لإسعاد الشخص نفسه والآخرين يجعل الإنسان أسعد من إنفاقه على نفسه من دون غيره». المال - قنعنا أم لم نقنع - هو شريان حياتنا، ومن خلاله نستطيع فعل ما نريد في الوقت الذي نريد، لكن ما يجب علينا هو تنظيم علاقتنا مع المال، فلا نجعله يسرق حياتنا ويمنعنا من حياة سهلة، ولا نجعله مستحيلاً لا نستطيع توفيره، فنفقد الحياة الكريمة من دونه. المال وسيلة غايتها السعادة ولا شيء سواها!     taghreed_i_t@