تشكل أولى جلسات انتخاب رئيس جديد للجمهورية في لبنان، والتي تعقد بعد غد الأربعاء، أول اختبار لصدقية النواب في التزامهم حضورها استجابة لنداء البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي، وعدم تطييرهم النصاب الذي يتطلب حضور ثلثي عدد أعضاء البرلمان لانعقادها، على رغم أنها لن تؤدي الى نتائج عملية، وستفتح الباب أمام دعوة رئيس المجلس النيابي نبيه بري الى عقد دورات لاحقة لانتخاب الرئيس قبل انتهاء ولاية الرئيس الحالي ميشال سليمان في 25 أيار (مايو) المقبل، لأن من يتخلف عن حضور الجلسة يضع نفسه في مواجهة مع المجتمع الدولي والبطريرك الراعي، ومن خلاله المسيحيين ويدخل في مغامرة غير محسوبة تنعكس سلباً على المتخلفين في الجلسات اللاحقة. ويقتصر الترشح العلني حتى الساعة على رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، إلا إذا أصر الرئيس الأعلى لحزب «الكتائب» الرئيس أمين الجميل على خوض المعركة مقفلاً الباب في وجه الجهود الرامية الى إقناعه بالعزوف عن الترشح. (للمزيد) ويبدو أن المشهد السياسي لجلسة الانتخاب لم يستقر، قبل يومين من موعد انعقادها، على صورة واضحة ولا يزال يكتنفه الغموض «المقصود» بسبب إصرار معظم الكتل النيابية الرئيسية على عدم كشف أوراقها بذريعة أنها لم تنتهِ من المشاورات، إن على صعيدها الداخلي أو مع حلفائها لبلورة موقف موحد. لكن الغموض المقصود، كما تقول مصادر نيابية بارزة مواكبة للاتصالات، لـ «الحياة» لا يعني أن لدى معظم الكتل ميلاً لتبديل موقفها لجهة احتمال التصويت لمصلحة جعجع في جلسة لن يتأمن فيه النصاب لفوزه، بمقدار ما انها تستمر في مناقشة مجموعة من الخيارات في تعاطيها مع الجلسة، وهذا لا ينطبق على قوى 14 آذار الداعمة ترشحَ جعجع باستثناء كتلة نواب «الكتائب» التي علقت موقفها على نتائج مشاورات اللحظة الأخيرة التي تجريها مع «القوات» بحثاً عن ثمن سياسي لعزوف الجميل عن خوض المعركة في دورتها الأولى. إلا أن انصراف قوى 8 آذار، ومعها «تكتل التغيير والإصلاح» برئاسة العماد ميشال عون، للبحث عن الموقف الذي ستتخذه من جلسة الانتخاب، يفترض أن يبقى تحت سقف عدم تطيير النصاب، وإمكان الاقتراع بورقة بيضاء تاركة لـ «14 آذار» أن تسجل موقفها في التصويت لجعجع لأنه سيرتب على إخلالها بالالتزام للبطريرك الراعي في حضور الجلسة تداعيات سياسية يمكن أن تنسحب على الجلسات اللاحقة كرد فعل على مقاطعتها الجلسة. فيما يحرص رئيس «جبهة النضال الوطني» وليد جنبلاط على بلورة موقفه النهائي في الساعات المقبلة، كعادته في التنسيق مع بري، بينما لم يحدد «حزب الله» موقفه من حضور الجلسة على رغم ان مصادره تستبعد مقاطعتها لأسباب تتجاوز جعجع الى مراعاة موقف بكركي. وفي هذا السياق تردد أن معظم نواب «8 آذار»، ومعهم نواب «تكتل التغيير» لا يمانعون في النزول الى البرلمان، لكنهم سيحاولون تأجيل الجلسة، أو أن يكون البديل انعقادها على أن تكون مفتوحة على تطيير النصاب لحظة بدء عملية الاقتراع. لكن مصادر في «8 آذار» و «تكتل التغيير» تؤكد لـ «الحياة» ان القرار النهائي سيتخذ في الساعات المقبلة، ولم تستبعد مشاركة النواب المحسوبين على الطرفين في تأمين النصاب وإنما بطريقة مدروسة على أن يقترعوا بورقة بيضاء. وتؤكد المصادر نفسها ان جميع الكتل باتت على يقين بأن جلسة الانتخاب الأولى ستكون مناسبة لتأكيد أن هناك حاجة للتوافق على رئيس «تسوية»، وإلا فإن الجلسات اللاحقة لن تكون أفضل حالاً من الأولى. وكانت فرصة عيد الفصح شكلت مناسبة لتسليط الأضواء على الاستحقاق الرئاسي تمثلت في الخلوة التي عقدها سليمان مع الراعي على هامش زيارته الصرح البطريركي لتهنئته بحلول العيد. ودعا سليمان بعد الخلوة جميع اللبنانيين الى الاتعاظ من التجارب التي مر بها لبنان وبقي موحداً، مشيراً الى ضرورة تطبيق الدستور بحذافيره وعدم مقاطعة جلسات انتخاب رئيس الجمهورية. وأيد الراعي موقف سليمان في هذا الخصوص، وقال موجهاً كلامه إليه: «إننا معكم نناشد نواب الأمة بدورهم المشرف الذي يوجب عليهم الحضور في كل الجلسات الانتخابية التي يدعو إليها رئيس المجلس، وأن يضع الجميع نصب أعينهم مصلحة الوطن العليا، وأن يكون الشرط الأساسي الضامن لاختيار الأفضل والأجدر والأنسب لاختيار رئيس جديد للبلاد يشكل الرمز لوحدة الوطن والرأس للدولة». لبنانالانتخابات اللبنانية