×
محافظة المنطقة الشرقية

لا صحة لإصابة طبيب وممرضة

صورة الخبر

الأصلُ في المبتعثين من كلا الجنسين أنهم طيِّبون خيرُهم أكثرُ من شرِّهم، قد ذهبوا من أجلِ العلمِ وخدمةِ الوطن، الاستثناءُ هو أن يظهرَ من بينهم مَن يمُارسُ سلوكاً منحرفاً أو يسلك طريقاً آخرَ غير طريقِ العلم، وحين يأتي من يُعمِّمُ هذا الاستثناءَ ليجعلَ منه أصلاً فهو مريضٌ لا نملكُ له سوى الدعاء بالرحمةِ والشفاءِ العاجلِ، كما أنَّ الأصلَ في العلاقةِ بين الفتاةِ ووالدِها أن تكونَ قائمةً على الحبِ والعطفِ والحنانِ والثقةِ في أعلى درجاتها، الاستثناءُ هو أن يكونَ الوالدُ داعراً سكيراً يتحرشُ بابنته وأقرب الناسِ إليه، وحين يأتي من يدعو البناتَ إلى عدمِ الخلوةِ بآبائهن أو ارتداءِ نوعٍ معينٍ من اللباسِ بالقياسِ على هذا الشاذ، فهو بذلك قد انتزعَ من الإنسانِ أدنى مراتب البشريةِ وأصبح يتعاملُ معه كبهيمةٍ لا همَّ له سوى البحثِ عن إشباعِ غرائزه وشهواتِه بأي شكلٍ من الأشكال، كذلك فإنَّ الأصلَ في العلاقةِ بين المرأةِ والمرأةِ أن تكونَ طبيعيةً خاليةً من كلِ مظاهرِ الشذوذِ والانحرافِ والعلاقاتِ المشبوهةِ أو المحرمة، الاستثناءُ هو الشذوذُ و أن تعشقَ المرأةُ المرأةَ أو ما يُعرَف بظاهرةِ (البويات)، وحين يأتي من يُعمِّمُ الاستثناءَ ليجعلَ منه أصلاً ويحرِّمُ ممارسةَ الرياضةِ للبناتِ بالاعتمادِ على سلوكِ الأقليةِ المنحرفةِ فإنه بذلك قد أعلى من قيمةِ الشواذِ وأدنى من قيمةِ الأسوياء، كما أنَّ الأصلَ في العلاقةِ بين الرجلِ والرجلِ أن تكونَ قائمةً على الاحترامِ المتبادلِ والصداقةِ البريئةِ والتعاملِ السوي، الاستثناء هو الشذوذُ وأن يعشقَ الرجلُ الرجلَ، وحين يأتي من يعمِّمُ هذا الاستثناءَ ليجعلَ منه أصلاً فيحرِّم على نوعٍ من الرجالِ ممارسةَ نشاطٍ معينٍ أو يَحرِمهم من دخولِ المجمعاتِ والأماكنِ العامة فليس له إلا أن يُذهَبَ به إلى أحدِ المصحاتِ النفسيةِ، لأنه قد آخذَ طبيعياً سوياً بجريرةِ شاذٍ منحرف، ولأنه عجَّلَ بالعقوبةِ قبل الذنبِ، فالذين يعمِّمون الاستثناءَ على حسابِ الأصل إنما يغذون التطرفَ، ولا يُرجَى منهم عمارة للأرضِ ولا إصلاحاً لها، لأنهم سيعانون من اتساعِ الهوةِ بين ما يعتقدون أنه صحيحٌ وواقعِهم المليءِ بالمعاصي، ولن يكونَ للثقةِ والعفةِ والأدبِ والمروءةِ والحياء عندهم أيُّ معنى، كما أنهم بمبالغتهم في تشويه الواقعِ إنما ينكرون دورَ الدينِ والأخلاقِ والقيمِ في التأثيرِ على سلوكِ الناسِ، إذ صوروهم على أنهم يتصرفون في غيابِ الرقابةِ على أنهم وحوشٌ بشريةٌ تتربصُ بفرائسِها الدوائر، وتنتهزُ الفرصَ للانقضاضِ على ضحاياها بلا إنسانيةٍ أو رحمةٍ أو ضمير!. ليعلم إخوانُنا أنَّ الحياة هي الأشياءُ الطبيعيةُ التي تحدثُ لنا وليست الاستثناء، وإذا كانوا سيتخذون من الاستثناءِ أصلاً في الحكم ِعلى الأشياء فسينتهي بهم الحالُ إلى تحريمِ كل شيءٍ، وتحويلِ الدينِ من اليسر إلى العسر، كما أنهم سيتعاملون مع الناسِ على أساسِ الخطيئةِ، من الجائزِ التلصصُ عليهم والتفتيشُ لهم والمطاردة، فقبل أيامٍ سمعت أحدُهم يقولُ في التدليلِ على تحريمِ رياضةِ البنات: كيف تسمحون برياضةِ البناتِ مع انتشارِ ظاهرة ِ(البويات) في المدارس!، وهو لا يدري أننا لو أخذنا برأيه وسرنا في التحريمِ على هذا المنوالِ لحرَّمنا بالضرورةِ رياضةَ الأولادِ كذلك، لأن حـالاتٍ شاذةً أيضاً وُجِدَت في مدارسِ الأولاد، وقد كنتُ أقولُ في نفسي: إن هذا الرأيَ شاذٌ، والشاذ لا حكمَ له، غير أن يأسي كان كبيراً حين وجدتُ مَن هم أشد منه، إلى درجةَ أن أحدهم عدَّ ذلك القرارَ كبيرةً من كبائرِ الذنوب، وآخرَ دعا أعضاءَ مجلسِ الشورى المؤيدين للتوصيةِ إلى التوبة!. وما درى هؤلاء الفضلاء أنَّ الخيرَ المطلقَ معدومٌ في هذا العالم، وكل شيءٍ يحُكَمُ له أو عليه بالقياسِ إلى غيره، فإن غلب نفعُه ضرره صار حلالاً، وإن غلب ضرره نفعَه صار حراماً، وأننا لو أخذنا بوجهاتِ نظرهم لعاقبنا الأكثريةَ المنضبطةَ بذنبِ الأقليةِ المنحرفة!. كما أنهم حين يعترفون بعجزِهم عن ضبطِ سلوكِ الشبابِ في المواقفِ العادية، فكأنما يوبِّخون أنفسَهم، لأن هذا المجتمعَ الذي لم ينجح من وجهةِ نظرِهم- في الوصولِ إلى الحدِ الأدنى من الحياةِ الطبيعيةِ الخاليةِ من الشذوذِ والانحراف، هو من أكثر المجتمعاتِ تعرضاً للتربيةِ الدينيةِ والوعظِ والإرشاد، وهو الذي يأتمرُ بأمرِهم وينتهي بنهيهم بصفتهم المنظرين له، فلا يلوموا الناسَ وليلوموا أنفسَهم!.