تَسَبّب العرض العسكري الكبير الذي أقامته كوريا الشمالية، أمس السبت، في صدمة كبيرة لوسائل الإعلام الأمريكية؛ حيث تم عرض صواريخ طويلة المدى لأول مرة، وهي على الأرجح قادرة على الوصول إلى الأراضي الأمريكية؛ وهو ما أثار موجة من القلق لدى الخبراء العسكريين الذين يرون أن مواجهة عسكرية قد تكون نووية ستحدث لا محالة، إذا فشلت الصين في نزع فتيل هذا التوتر. العرض العسكري وتفصيلاً، عرضت كوريا الشمالية، أمس السبت، صواريخَ بدا أنها صواريخ جديدة طويلة المدى، وأخرى تُطلَق من غواصات، في الذكرى الخامسة بعد المائة لميلاد مؤسس البلاد "كيم إيل سونج"، مع اقتراب مجموعة قتالية مُرافقة لحاملة طائرات أمريكية مزودة بقوة نووية من المنطقة، وبدا أن الصواريخ كانت محور العرض العسكري الضخم الذي حيّاه الزعيم الكوري الشمالي كيم جونج أون قائد القوات الاستراتيجية، وهي فرع في الجيش يُشرف على ترسانة الصواريخ. صواريخ لأمريكا وقال محللون متخصصون في الأسلحة: إنهم يعتقدون أن بعض الصواريخ التي عُرضت عبارة عن أنواع جديدة لصواريخ باليستية عابرة للقارات، وكانت كوريا الشمالية قد قالت إنها طوّرت صاروخاً يمكنه أن يصل إلى البر الأمريكي؛ إلا أن مسؤولين وخبراء يعتقدون أنها لم تقترب بعدُ من التمكّن من كل التكنولوجيا اللازمة. ومن الغواصات وتضمّن الاستعراض أيضاً صواريخ بوكوك سونج التي تُطلَق من على غواصات، وهذه هي المرة الأولى التي تعرض فيها كوريا الشمالية مثل هذه الصواريخ التي يصل مداها إلى أكثر من ألف كيلومتر، وقال جوشوا بولاك رئيس تحرير دورية "حظر الانتشار" ومقرها واشنطن: إن عرض أكثر من صاروخ من هذا النوع يشير إلى أن كوريا الشمالية تحرز تقدماً في مساعيها لإطلاق صواريخ من غواصات وهي صواريخ يصعب رصدها. الحرب النووية وتحدّث تشوي ريونج هاي، مستشار كيم جون أون المقرب في الميدان، وقال: "إذا قامت الولايات المتحدة بأي استفزاز متهور ضدنا؛ فإن قوتنا الثورية ستردّ على الفور بضربة مهلكة، وسنردّ على أي حرب شاملة بحرب شاملة، وعلى أي حرب نووية بحربنا النووية". تجربة فاشلة! وأجرت كوريا الشمالية تجربة صاروخية، اليوم، كانت فاشلة، وأعلن البنتاجون أن الرئيس دونالد ترامب قد عَلِمَ بهذه التجربة، وهو يُجري مشاروات مكثفة مع مسؤولين أمريكيين وعسكريين. محاولة إثبات وعلّقت صحيفة "نيويوك تايمز" الأمريكية على الصواريخ الجديدة التي تم عرضها بالقول: "قبل ساعات من التجربة الفاشلة، عُرضت ثلاثة أنواع من الصواريخ الباليستية العابرة للقارات عبر بيونج يانج عاصمة الشمال في عرض سنوي اعتيادي؛ حيث حاولت البلاد إثبات أن قوتها العسكرية آخذة في الاتساع في وقت تصاعدت فيه التوترات مع الولايات المتحدة". سبب الفشل وكشفت صحيفة "نيويورك تايمز" عن سبب قد يكون خلّف فشل التجربة بالقول: "على مدى السنوات الثلاث الماضية، اندلعت حرب سرية ضد برنامج كوريا الشمالية الصاروخية والولايات المتحدة، ومع نمو مهارات كوريا الشمالية؛ أمر الرئيس السابق باراك أوباما بزيادة الهجمات ضد إطلاق الصواريخ بما في ذلك تقنيات الحرب الإلكترونية".. وتضيف الصحيفة: "من غير الواضح مدى نجاح البرنامج؛ لأنه يكاد يكون من المستحيل معرفة ما إذا كان أي إطلاق فردي قد فشل بسبب التخريب، أو الهندسة الخاطئة أو سوء الحظ؛ ولكن معدل فشل الإطلاق في الشمال كان مرتفعاً بشكل غير عادي منذ أوامر الرئيس السابق أوباما". "ترامب" يدرك وتابعت الصحيفة: "علّق وزير الدفاع الأمريكي جيم ماتيس في بيان غير عادي أثار تساؤلات حول ما إذا كانت الولايات المتحدة قد لعبت أي دور في إخفاق الإطلاق الأخير، قائلاً: "إن الرئيس وفريقه العسكري يدركان أحداث إطلاق صاروخ فاشل لكوريا الشمالية، وليس لدى الرئيس أي تعليق إضافي". تحدٍّ أمام العالم من جهتها، علّقت صحيفة "الواشنطن بوست" بالقول: "أقامت كوريا الشمالية، أمس السبت، عرضاً عسكرياً ضخماً للاحتفال بعيد ميلاد مؤسسها الذي عُرض فيه سلسلة من الصواريخ الجديدة والتكنولوجية المتقدمة أمام كيم جونغ أون، وهو بمثابة عرض قوة وتحدٍّ أمام العالم". وتابعت: "قدّمت كوريا الشمالية اثنين من أحدث صواريخها النموذجية في الموكب في ميدان كيم إيل سونغ؛ بما في ذلك النوع الباليستي الذي أُطلِق من الغواصات والذي أطلقته بنجاح العام الماضي والنسخة البرية التي أطلقتها الشهر الماضي". وقالت ميليسا هانهام الخبيرة في مركز جيمس مارتن للدراسات في كاليفورنيا: "هناك الكثير من الصورايخ عُرضت، والإشارة التي يحاولون إرسالها هي أنهم يتقدمون بصواريخ ذات وقود صلب"! عرض مقلق وأضافت "هانهام"، أن عرض يوم السبت كان مقلقاً، وتابعت: "لديهم الآن نظام محلي متطور؛ لذلك لديهم قاذفات أكثر، ولديهم وقود صلب؛ مما يعني أنهم يستطيعون إطلاق الكثير من هذه الأشياء في تتابع سريع دون الحاجة إلى التزود بالوقود". الرسالة الشاملة وتضيف الصحيفة: "تبدو إحدى الصواريخ مشابهة للصاروخ الباليستي العابر للقارات "ك إن- 08" الذي أدرجته كوريا الشمالية في مسيرات عسكرية سابقة"، وقال جوشوا بولاك رئيس تحرير موقع "حظر الانتشار النووي"، أن هذا الصاروخ، نظرياً قد يبلغ حوالى 7.500 ميل؛ وهو ما يكفي للوصول إلى جميع الولايات المتحدة من كوريا الشمالية"، وأردفت الصحيفة: "كانت الرسالة الشاملة للعالم هي أن كوريا الشمالية تمضي قُدُماً بصواريخها وتُحرز تقدماً تكنولوجياً". الصين تحذّر وتابعت وسائل الإعلام الأمريكية العرض العسكري بقلق كبير؛ خصوصاً مع الصورايخ الجديدة التي تم كشفها في العرض العسكري، وتَوَقّع محللون عسكريون -استضافتهم "سي إن إن"- أن تندلع حرب شاملة في أي لحظة؛ وهو ما حذّرت منه الصين، وناشدت في بيان لها أمريكا وكوريا الشمالية، نزع فتيل التوتر؛ مُحَذّرة من أن الحرب قد تندلع في أي لحظة. "أم القنابل" ولاحظت الصحف الأمريكية غياب مسؤولين صينين عن العرض العسكري؛ على غير العادة؛ وهو ما يكشف ضغوطاً كبيرة تقوم بها الصين لنزع فتيل حرب نووية مدمرة. ورَبَط العديد من المراقبين العسكريين عمليةَ إطلاق "أم القنابل" على كهوف أفغانستان لضرب داعش، بالاستعداد لقصف المنشآت العسكرية الكورية الشمالية بنفس السلاح.. وكان الرئيس الأمريكي قد حذّر في تغريدة له بأنه إذا لم تقم الصين بإيقاف كوريا الشمالية؛ فإن أمريكا ستقوم بمفردها بحل هذه المشكلة.. وعلّق السيناتور الجمهوري جون ماكين بالقول: إن الملف الكوري الشمالي أكثر ألحاحاً من أي قضية أخرى؛ في إشارة إلى دعمه لتهديدات الرئيس الأمريكي ترامب بحل الملف الكوري بالقوة العسكرية.