الحب حين يكون سببًا للتعاسة «1»قراءة – سعد عبدالله الغريبي: رواية (شرفة لامرأة واحدة) رواية اجتماعية، صدرت عام (1437/ 2016) عن نادي تبوك الأدبي ومؤسسة الانتشار العربي للقاصة الروائية مريم الحسن. الرواية تسجيل لحياة ثلاث أسر، كانت نشأتهم الأولى في الأحساء، وما لبثوا أن توزعوا بين محافظات المنطقة الشرقية بحسب ظروف العمل، لكنهم حافظوا – هم والجيلان اللاحقان من ذرياتهم – على الروابط الأسرية المتينة. تعيش (سوسن) مع زوجها في شقتهما الصغيرة الجميلة التي لا تبعد عن البحر كثيرًا بسعادة بالغة، قوامها الحب. فعلى الرغم من أنهما لم يرزقا بأطفال بعد مرور أربع سنوات من الزواج إلا أنهما راضيان بقسمة الله لهما، ويعوضان ما فقداه من أطفال بالحب الوارف الذي يتفيآن ظلاله. خالتها (أم زوجها وليد)، وبدافع حبها لابنها، ورأفة به، أرادت أن يكون له ولد، يحفظ تسلسل نسب الأسرة.. ولأنها تحب شقيقتها المتوفاة رأت أن تبرها بتزويج ابنها من ابنة شقيقتها. لكن هذه البنت مريضة مرضًا نفسيًّا، ومع ذلك فإن الحب الممزوج بالشفقة لابنة شقيقتها جعل هذه الأم تتجاهل أن المرض النفسي إن لم يمنع المرأة من الإنجاب فإن الأطفال الذين ستنجبهم قد لا يكونون أسوياء! وليد يحب أمه حبًّا جمًّا إلى الدرجة التي لا يستطيع أن يعصي لها أمرًا، ولا يحطم لها رغبة، حتى وإن كانت هذه الرغبة تخص بيته وأسرته وزوجه التي يحبها حبًّا لا حدود له! وسوسن تحب زوجها وليد لدرجة أنها لا تعترض على رغبته ورغبة والدته في الزواج بأخرى، وتظن أنها بموافقتها وعدم اعتراضها سيزداد زوجها بها شغفًا وخالتها لها حبًّا؛ ومن أجل ذلك تضحي بسعادتها. بعد ثلاثة أشهر من غياب وليد مع عروسه الجديدة (بلقيس)، ومراعاة لحالتها الصحية، اضطر أن يسكن معها في بيت والديه، وحين عاد ليصطحب زوجه سوسن لم يأخذها إلى شقتها التي كانا يعيشان فيها بل إلى بيت والديه الذي انضمت إليه مؤخرًا زوجه الجديدة.. كان للأمور أن تسير بشكل طبعي لولا أن بلقيس أرادت أن تجعل من مرضها ذريعة للاستحواذ على زوجها، وإبعاد سوسن من طريقها؛ فمرة تتظاهر بأنها تخشى الوحدة إن تركها زوجها لضرتها، أو تتظاهر بالمرض ليكون وليد قريبًا منها. قد نجد في المرض النفسي سببًا لتصرفات بلقيس لكن من الواضح أنها تفعل كل ذلك لعلمها أن وليد لم يتزوجها حبًّا لها ولا اختيارًا، ولكن لغرض محدد معروف للجميع، هو إنجاب ذرية تحفظ له اسمه؛ ولذلك انقلب حبها لوليد، الذي أظهرته في أشهر حملها، إلى كراهية طاغية حين وُلد الطفل ميتًا؛ فأدركت أنها فشلت في الغرض الذي من أجله اقتحمت حياة وليد وبيته! هل انتهت الحكاية إلى هنا، وتعلمت أم وليد أن الحب قد يكون قاتلاً إذا لم نحسب للظروف المحيطة حساباتها؟ لا.. لم تتعلم أم وليد؛ فإنها ما لبثت بعد طلاق بلقيس من وليد أن زوَّجتها من جار لها، أصبح يعاني من الوحدة، وانتكست حالته بعد وفاة زوجه، واقتراح من حوله أن العلاج في الزواج! وأيضًا كان الدافع حبها لابنة شقيقتها وشفقتها على جارها العزيز! هناك إشارات على استحياء لبعض القضايا الاجتماعية، مثل قيادة المرأة للسيارة أو حرية تحرك المرة في المجتمع وسهولة تنقلها مستخدمة لذلك أسلوب الموازنة بين ما هو حاصل لدينا وما الحال عليه في منطقة قريبة منا، لا يفصلنا عنها سوى الجسر البحري.. لكن الأكثر وضوحًا في الرواية هو الإشارات الدينية التي تكاد تقترب من منطقة الوعظ المباشر؛ فهناك صلاة التهجد والدعاء واستتار المرأة من حموها والصدقة رغبة في انكشاف الضر.. لم تقسم الرواية إلى فصول كما جرت عادة الروائيين، على الرغم من تجاوز عدد صفحاتها الثلاثين بعد الثلاثمائة، لكنها تنساب من بدايتها إلى نهايتها، لا يفصل بين فصل وآخر إلا الانتقال الفجائي من حدث لآخر أو من مكان لآخر. لغة الرواية فصيحة متقنة، وأسلوبها جميل ومشرق، وإن طغى عليه السرد المباشر، وهي إضافة للرواية الاجتماعية المحلية.