نقضت المحكمة الاتحادية العليا حكماً قضى بإعدام متهم قصاصاً أدين بالاشتراك في جريمة قتل عمداً، وأحالت القضية إلى محكمة الاستئناف لنظرها مجدداً، بعد قبول دفاع المتهم بانتفاء التهمة، فضلاً عن تقدم زوجة المجني عليه بالتنازل عن القصاص أمام المحكمة. وتفصيلاً، أحالت النيابة العامة المتهم وآخر إلى المحاكمة الجنائية، موجهة إليهما أنهما قتلا عمداً مع سبق الإصرار والترصد شخصاً داخل شقته، إذ أمسكه المتهم الأول وضربه الثاني على رأسه بقطعة خشبية وخنقه من رقبته بقطعة قماش، وطلبت النيابة العامة معاقبتهما. وقضت محكمة أول درجة حضورياً وبالإجماع بإدانة المتهم الأول ومعاقبته بالقتل قصاصاً بالوسيلة المتاحة عن قتله المجني عليه عمداً، على أن ينفذ الحكم بحضور ولي الدم أو من يمثله. واستأنف المتهم هذا الحكم، فقضت محكمة الاستئناف بإجماع الآراء بإقرار الحكم الأول. ولم يلقَ الحكم قبولاً لدى المحكوم عليه فطعن بالنقض أمام المحكمة الاتحادية العليا، كما طعنت النيابة العام مطالبة برفض طعن المحكوم عليه وإقرار الحكم الصادر. وقال المحامي علي العبادي، بصفته وكيلاً عن المتهم، إن «الحكم خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وأخل بحق الدفاع، ذلك أنه دان موكله بالجريمة المسندة إليه، رغم عدم صلة المتهم بالواقعة، وانتفاء الدليل المادي، وأن ما قرره المعمل الجنائي بشأن الحمض النووي بأنه يحتمل أن يكون لموكله، هو مجرد استنتاج، وقد ثبت أن البصمات الموجودة تخص متهماً الآخر، وقد جاءت أسباب الحكم قاصرة دون أن تحقق دفاع موكله بالمذكرة التي رفعت بمحكمة الاستئناف، ولم يناقش ما ورد بها من أدلة فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه». وأيدت المحكمة الاتحادية العليا طعن الدفاع، مبينة أن «الحكم يجب أن يتضمن في ذاته ما يطمئن المطلع عليه، أن المحكمة محصت الأدلة التي قدمت إليها والطلبات والدفوع الجوهرية المبداة أمامها، وبذلت في سبيل ذلك كل الوسائل التي من شأنها أن توصلها إلى ما ترى أنه الواقع والحقيقة في الدعوى، وأن الدفاع الجوهري الذي قد يتغير ببحثه وجه الرأي في الاتهام يتعين على المحكمة أن تقسطه حقه في الرد، وإلا كان حكمها معيباً بالقصور المبطل، والإخلال بحق الدفاع بما يوجب نقضه». وأشارت إلى أن «الثابت من مطالعة الأوراق أن دفاع المتهم تمسك بمذكرة دفاعه أمام محكمة الاستئناف بانعدام الدليل المادي وانتفاء الواقعة في حق موكله، وأن ما سطر بأوراق الدعوى من اعتراف منسوب للمتهم لا يمكن الاستناد إليه ولم يكن دليلاً كافياً». وخلال المحاكمة طالبت زوجة المجني عليه أمام المحكمة بالتنازل عن القصاص. وقالت المحكمة الاتحادية العليا في الحيثيات، إنه «بموجب قانون العقوبات فإن حضور أولياء الدم وتدخلهم في المحاكمات واجب في قضايا القتل العمد للأخذ بحقهم في القصاص من إعدام الجاني إذا توافر موجبه أو العفو عنه بمقابل أو بغير مقابل، لما يترتب على حكم القصاص من إعدام الجاني، ما يتعين معه حضورهم، وإذ كان ذلك الموضوع يقتضي تحقيقاً موضوعياً لا يتسنى للمحكمة العليا إلا نقض الحكم مع الإحالة».