منتصف القرن التاسع عشر رسا أسطول سفن أمريكي في ميناء طوكيو للتزود بالوقود والمؤن ، لكن سرعان ماغادر لأن اليابانيين لم يكن لديهم الإمكانيات ، عاد الأسطول العام المقبل ومعهم هدايا وعرفوا بأنفسهم أكثر فكان لهم ماأرادوا ، لكن المسألة أثارت فضول مجموعة من العلماء والمفكرين اليابانيين .. فكيف حصل ذلك ؟ توصلت النخبة المجتمعة إلى: أننا كيابانيين لم نر من قبل سفينة عليها مدافع ، ولابحارة يلبسون زياً موحداً ، ولا.. ولا.. فماذا يعني ذلك ؟ يعني أننا أناس جهلة ، فماذا نفعل ؟ نتعلم .. كيف ؟ "إما أن نستقطب العلماء من حول العالم ، وإما أن أن نبعث بشبابنا للخارج" .. فأرسلوا بعثة من المختصين وكانوا أحد عشر لشتى البلاد ، فعادوا بتقرير أننا بحاجة للإنجليز ليبنوا لنا سكك حديد ، وإلى فرنسيين ليضعوا لنا الدستور ، إيطاليين للرسم والفنون، ألمان للمستشفيات ، وأمريكيين للتعليم . أغلق اليابانيون الباب على أنفسهم 10 سنوات ، ففوجىء العالم بالأسطول الياباني يغرق الأسطول الروسي ! وعندما أطلق الروس "سبوتنيك" في عام 1957 كانت مفاجأة للعالم و صفعة للأمريكيين ، كونهم استحوذوا على علماء ألمانيا المهزومة وعلى رأسهم "فون براون" ليقدموا لهم برنامجاً صاروخياً ، الا أن الكونجرس أجل المشروع لضخامة النفقات ، فعجلت لطمة الروس بتفعيل البرنامج . ومن "تقرير ترومان" المقدم للرئيس الأمريكي خرج تقرير خطير بعد سنوات تحت عنوان "أُمةُ في خَطَر" "A Nation at Risk" يصف حال انحدار التعليم الأمريكي ويُحذر من أثر ذلك على الأمة ، وصدر قرارٌ بأن تبقى لجنة التقرير منعقدة لآخر القرن ! ثمة مقولة في تاريخ الشعوب تسمى "النبوءة الناسخة لنفسها" ، وتعني أن تقوم أنت بمعالجة الخطر المُقدم عليه فتتفادى خطر المستقبل المحتوم ، ولدى بداية الرأسمالية قامت الدول المبشرة بها بفعل عكس ماحذرت منه الشيوعية في كتبها الناقدة للرأسمالية ، فسادت واحدة وبادت الأخرى.