الجزيرة نت-صنعاءتسبب سعي جماعة الحوثي لإحكام سيطرتها على مفاصل الدولة اليمنية بتعيين عناصرهم في وظائف حكومية وإقصاء شركائهم في الانقلاب والحرب من أتباع الرئيس المخلوع على عبد الله صالح في زيادة حدة الصراع بين الطرفين. ويقول مراقبون إن محاولات الحوثيين للهيمنة على أجهزة ومؤسسات الدولة العسكرية والمدنية تلقى رفضا واسعا من أطياف المجتمع اليمني، الذي يقاوم انقلابهم على الشرعية وسعيهم لممارسة السياسة برداء طائفي ومذهبي وسلالي، وتطبيق نموذج "الولي الفقيه" الإيراني في اليمن. ولقيت آخر خطوة حوثية في هذا السياق رفضا من شركائهم في الانقلاب، وتتمثل بإعلانهم الثلاثاء الماضي تشكيل هيئة إفتاء جديدة، كل أعضائها من الحوثيين، مما أثار غضب وحنق حزب المؤتمر الشعبي العام بزعامة صالح، الذي أعلن أمس الخميس عبر موقعه الالكتروني "المؤتمر نت" إلغاء الهيئة الحوثية.الحوثي يتراجعونشر الموقع المذكور خبرا يفيد بأنه "تم الاتفاق على إلغاء قرار تشكيل هيئة الإفتاء الصادر عن المجلس السياسي الأعلى يوم الثلاثاء الموافق 10 إبريل الجاري، وأنه تم الاتفاق على أن يعاد تشكيل هيئة الإفتاء من العلماء المشهود لهم بالكفاءة والنزاهة والعلم والتقوى". واعتبر مراقبون أن حزب المخلوع يرى أن أعضاء الهيئة الحوثية برئاسة شمس الدين محمد شرف الدين -الذي عين في الوقت نفسه مفتي للديار اليمنية بدلا من القاضي محمد بن إسماعيل العمراني- لا تتوفر فيهم صفات "العلماء المشهود لهم بالكفاءة والنزاهة والعلم والتقوى". كما يعد الرفض لتشكيلة هيئة الإفتاء ردا على تشدد الحوثيين تجاه قادة وأعضاء المؤتمر الشعبي الذين وصفهم زعيم الحوثيين بـ "الطابور الخامس"، ودعا إلى تصفيتهم وتنظيف الجبهة الداخلية منهم. الحكومة اليمنية الشرعية كانت رفضت قرار الحوثيين بتشكيل هيئة إفتاء جديدة وأدانته، ورأت أنهم يمهدون لاستباحة دماء اليمنيين باسم الدين، وقال وزير الأوقاف والإرشاد في الحكومة القاضي أحمد عطية "إن تشكيل دار إفتاء انقلابية يعني أن الشعب اليمني ينتظر فتاوى جديدة لاستباحة دمه، وشرعنة ذلك باسم الدين لتكريس الطائفية والمذهبية والشحن المناطقي البغيض ضد أبناء الشعب اليمني". وأكد الوزير اليمني في تصريحات صحفية أن "قرار تشكيل دار الإفتاء حق دستوري محض للرئيس عبدربه منصور هادي، وهو من يصدر قرار تشكيل دار الإفتاء وتعيين مفتي الجمهورية".شمسان: تعيين الحوثيين عناصرهم بمؤسسات الدولة يندرج في إطار إستراتيجية الثورة المضادة(الجزيرة) الولي الفقيهويعد المفتي المعين شمس الدين محمد شرف الدين أحد المنظرين للحوثيين، تلقى تعليمه في الحوزات الإيرانية، وترأس سابقا ما يسمى رابطة علماء اليمن التي شكلها الحوثيون عقب الانقلاب بديلا لهيئة علماء اليمن. وجاء هذا التعيين بعد تعيين جماعة الحوثي في ديسمبر/كانون الأول الماضي يحيى بدر الدين الحوثي (شقيق رئيس الجماعة) في منصب "وزير" التربية والتعليم في حكومة الانقلابيين في صنعاء، التي تشكلت مناصفة بين الحوثيين والمخلوع صالح، ورأى مراقبون أن ذلك يأتي في إطار سعي الجماعة لتغيير المناهج الدراسية وصولا إلى بث التشيع. ورأى عبد الباقي شمسان أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة صنعاء أن تعيينات الحوثيين لعناصرهم بمؤسسات الدولة، تندرج في إطار إستراتيجية الثورة المضادة للثورة اليمنية التي قضت على حكم الأئمة في عام 1962، وثورة التغيير عام 2011 التي أطاحت بحكم الرئيس المخلوع صالح. وقال شمسان في حديث للجزيرة نت إن الحوثيين عملوا منذ انقلابهم في 21 سبتمبر/أيلول 2014، على خلق كيان مواز داخل مؤسسات الدولة العسكرية والاستخباراتية والمدنية، وإنشاء دويلة لهم داخل الدولة اليمنية. وأضاف أن الحوثيين عملوا من خلال استيلائهم على المال العام وموارد الدولة على إنشاء طبقة اقتصادية للسيطرة على الحياة الاقتصادية، وكذا شراء عقارات وأراض في صنعاء بهدف السيطرة الجغرافية عليها، وأشار كذلك إلى إنشاء جماعة الحوثي لشركات عابرة من موارد واحتياطي الدولة، بهدف تمويل واستمرار مليشياتهم حتى تحقيق مشروع دولتهم وفق نظام "الولي الفقيه" الإيراني.