في وقتٍ تهتم فيه الحكومة ببناء المدارس والجامعات ونشر العلم لبناء الإنسان والمكان، تمتد يد الغدر والخيانة لتغتال زهرة الشباب، وتدمر المجتمع من خلال تهريب وترويج المخدرات الرخيصة التي باتت في متناول الأطفال قبل المراهقين والشباب.. قرص واحد من الحبوب المخدرة قد يدمر العقل ويقود المتعاطي إلى حافة الجنون والضياع منهياً بذلك مستقبله، وحياته، وحياة أسرته، ومستقبل جيل تسعى الدولة بكل ما أُوتيت من جهد ومال لبنائه وتعليمه كي يكون لبنة من لبنات البناء مستقبلاً. هناك يد تبني، ومعاول تسعى لهدم البنيان وتقويض أركانه.. أصبحت المملكة على رأس الدول الإسلامية المستهدفة من قوى الشر الخارجية، والتي وجدت في المخدرات وسيلة ناجعة لمحاربة الإسلام، وضرب الأمن و الاستقرار، وتقويض أركان المجتمع، وصرف شريحة من المراهقين والشباب عن التعليم، والبناء، وجعلهم عالة على المجتمع، وأداة من أدوات الهدم المستقبلية. في استقباله أهالي وطلاب حفر الباطن، الفرحين بافتتاح جامعتهم الجديدة، تجاوز الأمير سعود بن نايف بن عبد العزيز، أمير المنطقة الشرقية، فرحة المناسبة، واستهل حديثه بالإشادة برجال مكافحة المخدرات على إنجازهم المتميز والنوعي في ضبط كميات كبيرة من المخدرات، كانت في طريقها إلى السوق السعودية عبر جسر الملك فهد. أجزم بأن وقف سواعد الهدم، لا يقل أهمية عن التوسع في البناء، برغم ضروريته للحياة، فنشر الجامعات قد لا يحقق هدف التنمية في حال إغراق المجتمع بالمخدرات القاتلة والمدمرة للعقول الشابة. أكثر من 22 مليون قرص مخدرة، تُقدر قيمتها بمليار ريال، تم ضبطها بالتزامن مع الإعلان عن افتتاح ثلاث جامعات جديدة، ومنها جامعة حفر الباطن.. لم يكن الأمر عرضياً، فهناك من يحاول مواجهة تنمية الإنسان والمكان بمعاول الهدم وأدوات الدمار، وعلى رأسها المخدرات. قد لا يعلم الكثير أن الجزء الأكبر من الأقراص المخدرة تُقدم لعصابات التهريب مجاناً شريطة إدخالها السوق السعودية، وأكثر من ذلك حصول العصابات المنظمة على تغطية استخباراتية خارجية لتأمين مرورها إلى وجهتها النهائية.. حجم المخدرات المنقولة يكشف عن الأهداف التدميرية الكامنة خلف عمليات التهريب المنظمة. «حرب المخدرات» باتت أهم أدوات قوى الشر الموجهة ضد السعودية.. خلال الخمسة أشهر الماضية، نجحت مكافحة المخدرات في إحباط تهريب ما يقرب من 45 مليون حبة كبتاجون، أي ما يوازي ضعف سكان المملكة. تركيز العصابات المنظمة على حبوب الكبتاجون يأتي لثلاثة أسباب رئيسية، السبب الأول أنها الأشد فتكاً وتدميراً لعقل الإنسان، والثاني تدني قيمة القرص الواحدة ما يجعلها ضمن القدرة المالية للأطفال، والمراهقين، والشباب، والثالث يرتبط بسهولة ترويجها، وإقناع الآخرين بتعاطيها لأسباب متعددة ومنها السهر بقصد المذاكرة للامتحانات. هي حرب لتدمير العقول وتعطيل قدرات الشباب، وصرفهم عن مهامهم الأساسية ومسؤولياتهم تجاه التنمية والبناء.. وهي حرب في مواجهة التعليم والعمل والتنمية بشكل عام.. قرص واحدة قد يجر متعاطيه إلى عالم الإدمان، وقد تهدم حصيلة سنوات التعليم الطويلة، وقد تقوض جهود الحكومة التنموية.. لذا لم يكن مستغرباً تقديم الأمير سعود بن نايف، خبر ضبط الحبوب المخدرة، على افتتاح الجامعة، برغم أهميتها القصوى للمحافظة، والمنطقة بشكل عام، فالبناء يحتاج إلى بيئة صحية آمنة، ومتى فقدت، تلاشت فرص النجاح وإن شُيدت الجامعات والمعاهد. حماية البلاد والعباد من شرور المخدرات بات هدفا ًرئيساً لوزارة الداخلية، التي تعلم أكثر من غيرها حجم الاستهداف الذي تواجهه المملكة ونوعيته، وشراسة العصابات الدولية التي تقف خلفة. جهود وتضحيات المديرية العامة لمكافحة المخدرات تستحق الشكر والتقدير والمساندة من المجتمع بكل فئاته، فحرب المخدرات موجهة ضد الوطن والمواطنين ومواجهتها ليست مقصورة على الأجهزة الأمنية، بل واجب ديني ووطني يجب أن يتحمله الجميع. نشر الجامعات والمعاهد والمدارس من أهم أدوات المكافحة، وهي في الوقت نفسه هدف لـ «حرب المخدرات» الموجهة ضدنا، والتي تسعى لتدمير المخرجات التعليمية النقية، بالوسائل القذرة.. التوسع في البناء ومكافحة المخدرات وضبطها وحماية المجتمع من شرورها هو الهدف المزدوج للحكومة والجهات الأمنية، وهو هدف سامٍ أسأل الله أن يبارك في جهود كُل من سعى لتحقيقه. فرحة افتتاح جامعة حفر الباطن، التي ستضم ما يقرب من خمسة عشر ألف طالب وطالبة في مختلف التخصصات العلمية والنظرية، قابلتها فرحة كبرى بحماية الوطن من شرور 22 مليون قرص مخدرة كانت كفيلة بتدمير شريحة مهمة من مكونات المجتمع. ستنتصر إرادة البناء وسواعد الإعمار الطاهرة على مخططات الهدم والدمار القذرة، فقوى الخير موعودة بالنصرة، بإذن الله، والعمل المثمر يقود غالباً لتحقيق النجاح.