باريس: ميشال أبو نجم بينما كان متوقعا أمس عقد لقاء بين وزير الخارجية الأميركي جون كيري والمبعوث الدولي - العربي الأخضر الإبراهيمي في جنيف على هامش الاجتماع الرباعي المخصص لبحث الوضع في أوكرانيا، قالت مصادر أوروبية وثيقة الاطلاع على الاتصالات الخاصة بالأزمة السورية إن طريق الحل السياسي «مسدود تماما» وإنه «لا استئناف في الظروف الحالية لمفاوضات جنيف المعلقة بين النظام والمعارضة إلا بعد أن يقبل الأول وبضمانات جدية» العمل بخريطة الطريق» المعروفة باسم «بيان جنيف» الصادر في يونيو (حزيران) 2012. وعدت هذه المصادر التي تحدثت إليها «الشرق الأوسط» مطولا أن العودة إلى «حوار الطرشان» الذي شهدته جولتا جنيف2 «لا معنى لها ما دام يسعى النظام لكسب الوقت ونسف أسس المفاوضات من خلال تنظيم انتخابات رئاسية على مقاس الرئيس السوري» الأمر الذي ترى فيه «رفضا نهائيا» لأهم فقرة في بيان جنيف وهي تشكيل هيئة حكم انتقالية تتمتع بكافة الصلاحيات التنفيذية بما فيها صلاحيات رئيس الجمهورية. بيد أن هذه المصادر لا ترى من هي الجهة الخارجية التي يمكنها أن تقدم الضمانات المطلوبة بل إنها تعتبر أن الموقف الروسي الذي كان الجميع يعول عليه لدفع النظام السوري إلى التعاون وإظهار الليونة «لم يتزحزح» من مكانه شأنه في ذلك شأن موقف طهران التي ما زالت على دعمها المطلق للنظام السوري ومتمسكة بـ«تصورها» للحل القائم على إجراء انتخابات «مفتوحة» أمام كافة الأطراف. ويعتقد الغربيون، وفق المصادر المشار إليها، أن مناخ «الحرب الباردة» القائم حاليا بين روسيا والغرب بسبب أوكرانيا «لا يساعد أبدا» على اجتذاب الدبلوماسية الروسية للعب دور «إيجابي» بمعنى تسهيل تطبيق بيان جنيف1 والدفع باتجاه حل سياسي. إزاء هذا الوضع، يدرس الغربيون الذين يؤكدون أكثر من أي وقت مضى أنه لا حل عسكريا للأزمة السورية «الخيارات المتاحة» لتحريك المسألة السورية إن على الصعيد الدولي أو على صعيد الوضع الميداني. وفي هذا السياق، يعمل الغربيون على خطين: الأول، نزع الشرعية مسبقا عن أي انتخابات رئاسية يسعى النظام لإجرائها وتكون نتائجها مضمونة سلفا للرئيس الأسد لأن ذلك معناه «التمديد للأزمة سنوات واستمرار الحرب» التي حصدت حتى الآن 150 ألف قتيل. ويقوم الخط الثاني على العمل من داخل مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة على إبراز انتهاكات النظام لحقوق الإنسان على نطاق واسع وارتكابه المجازر والجرائم ضد الإنسانية. ويندرج التقرير المسمى «قيصر» الذي يوثق للآلاف من حالات التعذيب الممنهج ضمن هذا السياق. والغرض من إعادته إلى الواجهة زيادة الضغط على النظام بحيث يكون تأثيره كالذي جاء به الكشف عن استخدام النظام للسلاح الكيماوي في غوطتي دمشق الشرقية والغربية في شهر أغسطس (آب) من العام الماضي. ولا يستبعد أن يعود الغرب للتنديد باستخدام النظام لورقة نزع السلاح الكيماوي للابتزاز والتلاعب بالأسرة الدولية بحجج مختلفة منها الوضع الأمني ومنها إلقاء اللوم على الأسرة الدولية التي لم توفر المعدات اللازمة. وقالت المصادر الغربية لـ«الشرق الأوسط» إن اجتماعا على مستوى المجموعة الضيقة من أصدقاء الشعب السوري سيعقد في الأسبوع الأول من مايو (أيار) لتدارس التطورات السورية ولبلورة خطة تحرك سياسي - دبلوماسي متوازية للجهود المبذولة لمساعدة المعارضة ميدانيا وزيادة دعمها المادي على جبهات القتال. ومؤخرا تم تشكيل لجنة مصغرة من داخل المجموعة الضيقة للنظر فيما يمكن فرضه من عقوبات مالية واقتصادية إضافية على النظام السوري. وتعود المصادر الغربية إلى المسلمة الأولى التي خلاصتها أنه لا مجال لحل سياسي ما لم تتغير المعادلة العسكرية التي تميل في الوقت الحاضر لصالح النظام. ويريد داعمو المعارضة تمكينها من تقوية مواقعها للدفاع عن المناطق «المحررة» التي تسيطر عليها وحماية المدنيين والدفاع عنهم وإظهار أن هناك «بديلا» عن نظام الأسد. فضلا عن ذلك، فإنها ترى أن تحقيق هذا الهدف يفترض زيادة كميات السلاح المخصص للمعارضة المعتدلة وتحسين نوعيته الأمر الذي بدأ بالظهور ميدانيا. وما زالت المخاوف من انتقال السلاح المتطور إلى الأيدي الجهادية حاضرة. لكن داعمي المعارضة السورية يريدون في الوقت عينه تحقيق هدفين متلازمين: من جهة، دعم المعارضة المعتدلة من غير المرور بالمجلس العسكري الذي كانوا يراهنون عليه في السابق والذي تبينت عدم فاعليته في الأسابيع الأخيرة. ومن جهة أخرى، مساعدة هذه المعارضة في مواجهتها للجماعات الجهادية المتطرفة المتمثلة حتى الآن بـ«داعش». وقالت مصادر من المعارضة السوري لـ«الشرق الأوسط» إن «الأمور بدأت بالتغير» في الأسابيع الأخيرة فيما خص وصول الأعتدة والأسلحة إلى المعارضة أكان ذلك مكن الحدود الجنوبية أو الحدود الشمالية. بيد أنها رفضت الخوض أكثر في التفاصيل، معتبرة أنه يتعين الانتظار «بعض الوقت» لتبدأ الأمور بالتغير في ساحات القتال حيث ما زالت المبادرة بأيدي قوات النظام مدعومة بالعناصر الخارجية في محيط دمشق ووسط سوريا.