×
محافظة الرياض

"بر الرياض" توقع اتفاقية لتدريب أبناء وبنات مستفيديها

صورة الخبر

تعثر المشروع لا يقصد به فشل المشروع بقدر ما يعني انتهاء المشروع متأخرا عن وقته، أو بجودة أقل من المطلوب، أو بتكاليف تفوق ما هو مقدر له. وسبق لرئيس هيئة نزاهة أن أوضح في ندوة عقدت عام 1436 أن نسبة المشاريع الحكومية المتعثرة والمتأخرة تقارب النصف. ورغم أن التعثر يقع في مشاريع القطاعين العام والخاص على حد سواء، إلا أن المشاريع الحكومية تكتسي أهمية بالغة لما لها من دور حيوي مهم في تحقيق التنمية المستدامة والرفاه الاجتماعي المنشود، ومن هذا المنطلق سأحاول توضيح بعضها: - انعدام التخطيط أو ضعفه: رغم كل التقدم الذي حصل في الجهات الحكومية وتوفر الوسائل التقنية إلا أن هناك قصورا في التخطيط للمشاريع ووضع المواصفات الفنية الدقيقة، والنظر للمعايير التي تضمن النجاح مثل تحديد مستوى الجودة وكيفية إدارة المشروع ومراقبة تنفيذه والمخاطر المحتملة وإدارة التغيير اللازمة، ومقاييس الأداء المناسبة KPI. حتى ينجح المشروع يجب أن يكون نتاجا لخطة إستراتيجية طويلة الأجل ولّدت خططا عملية قصيرة الأجل تدرس المتطلبات المستقبلية، وتضع الأهداف وتحدد المشاريع التي يتطلب تنفيذها لتحقيق هذه الأهداف. - عدم تطبيق المنهجيات الحديثة لإدارة المشاريع: المنهجيات الحديثة لإدارة المشاريع ظهرت منذ الخمسينات الميلادية، إلا أن بعض الإدارات الحكومية حتى الآن لا يوجد بها مكتب محترف لإدارة المشاريع (PMO)، وما زالت المشاريع تُدار بأساليب تقليدية تركز على «توثيق» ما حدث وليس «تخطيط» ما سيحدث و«التنبؤ» بما قد يحدث و«إدارة» ما يحدث. وفي ظل ثورة المعلومات وتعدد وسائل التقنية الحديثة وتطبيقاتها المتخصصة؛ حري بالإدارات الحكومية أن تتبنى نظاما إلكترونيا لإدارة مشاريعها، يكون مبنيا على المبادئ الأساسية لمنهجيات إدارة المشاريع في التخطيط والتنفيذ والرقابة والتحكم. - نظام المشتريات والمنافسات الحكومي: يعيب هذا النظام أنه يركز على «الإجراء» أكثر من تركيزه على «المُنتج» النهائي. كما أن آليات وشروط اختيار «المتنافس» الأفضل لا تتيح في الواقع اختيار «المنفذ» الأفضل، بالإضافة إلى إلزام الجهات الحكومية بالنماذج الموحدة للعقود الحكومية المحشوة بما لا يخدم تنوع المشاريع. وفيما يخص لجان البت في المنافسات فإنها في الغالب تعاني من انشغال بعض أعضائها بأعمال أخرى أو عدم كفاءتهم، مما يتسبب في تأخير اتخاذ القرار واتخاذ قرارات خاطئة. ليكون هذا النظام فعالا يجب إعادة كتابته بشكل جذري بحيث يكون مجرد إطار عام لسياسات وإجراءات الحكومة في ترسية وتنفيذ مشاريعها يعطي الأولوية للجودة، ثم يترك الأمر للجهة الحكومية المختصة لإدارة المشروع، حسب احتياجها وطبيعة عملها عبر تطبيق منهجيات إدارة المشاريع الدولية، وربطها بنظام إلكتروني على المستوى الوطني. - عدم توفر آليات فعالة وكفاءات بشرية للإشراف والرقابة على التنفيذ: الكثير من المباني التي تتصدع بعد الإنشاء أو الطرق التي تهبط، أو الجسور التي تنهار أو نظم الحاسب التي لا تعمل سببها عدم تطبيق رقابة فعالة أثناء التنفيذ. ويرجع ذلك إلى عدم توفر الآلية والكفاءات الفنية اللازمة لأعمال الرقابة الفعالة القادرة على تصحيح المسار قبل تدهور الجودة أو تأخر العمل. - دور المكاتب الاستشارية: العديد من المشاريع التي تعثرت أو فشلت، ظهر بعد فشلها أن السبب لم يكن من التنفيذ بقدر ما كان من الدراسة أو التصميم أو الإشراف الذي قام به الاستشاري. هذا الوضع يستدعي وضع نظام أقوى لترخيص وتصنيف وتقييم هذه المكاتب. - ضعف المستوى الفني والإداري للمقاولين: لا شك أن القطاع الخاص بقدر ما يضم العديد من الشركات المحترفة الجادة، إلا أن هناك عددا لا بأس به من الشركات التي لا تتوفر لها الاحترافية الفنية والإدارية وروح المسؤولية، وتسعى إلى الربح السريع دون النظر للجودة والالتزام بالخطة. وللأسف فإن نظام المنافسات الحكومية يتيح لمثل هؤلاء دخول سوق المشاريع الحكومية طالما كان عطاؤه مكتملا على الورق. إن جزءا من حل هذه المعضلة هو إنشاء قاعدة معلومات وطنية مشتركة لجميع الجهات الحكومية يتم من خلالها مشاركة المعلومات عن المشاريع والمقاولين والاستشاريين وتقييمهم، والتوصية بمدى إمكانية الاستمرار في التعامل معهم في جميع الجهات، مع إعادة هيكلة آلية ترخيص وتأهيل وتصنيف المقاولين. - المشاكل المالية في الاعتمادات والصرف: اعتماد مبلغ يقل عن الحد الأدنى لتحقيق أهداف المشروع يضطر الجهة الحكومية إما إلى تخفيض حجم الأعمال أو تجزئتها أو تخفيض مستوى جودتها بشكل يضر بتحقيق الغرض الأساس من المشروع، كما أن خضوع صرف مستحقات للمقاولين لإجراءات حكومية مرتبطة بتوفر السيولة قد يؤدي إلى تأخير الصرف رغم قيام المقاول بإنجاز كامل العمل المطلوب منه، مما يؤدي -بلا شك- إلى تعطيل المقاول والضغط عليه، وبالتالي يتضرر المشروع القائم بتنفيذه أو مشاريعه الأخرى، إما في مستوى الجودة أو في تأخير التسليم. على الجانب المشرق، فإن الأمر المبشر بالخير وجود توجه حكومي مؤخرا من أعلى مستوى لاتخاذ خطوات عملية لتلافي تعثر المشاريع الحكومية، ومنها توجه مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية لتطبيق منهجيات مكاتب إدارة المشاريع (PMO) في الأعمال الحكومية وتطبيق ﻣﺆﺷﺮات قياس اﻷداء اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ اﻟﻤﻌﺮوﻓﺔ بـ(KPIs)، بالإضافة إلى التعديلات الواسعة المتوقعة على نظام المنافسات والمشتريات الحكومية، وكذلك إنشاء المركز الوطني لقياس أداء الأجهزة العامة، وكلها خطوات تدل على أن هذه العوائق في طريقها للزوال تدريجيا، بإذن الله.