سيدة إيرانية تمر بأحد حقول الألغام على منطقة حدودية في إيران (غيتي)• أدلة تؤكد تورط إيران في تهريب الألغام إلى الحوثيين في اليمن ومليشياتها بسوريا وإلى حركة طالبان في أفغانستان • إيران ثاني أكبر بلد توجد فيه أراض ملغومة في العالم.. و طهران تعترف بزرعها للألغام الأرضية كإحدى الأدوات الدفاعية • لماذا لم توقع الحكومة الإيرانية على معاهدة أوتاوا لحظر الألغام حتى الآن؟ نيويورك:فيروزه رمضان زاده يعتبر يوم 4 أبريل (نيسان) «اليوم العالمي للتوعية بالألغام والمساعدة في الأعمال المتعلقة بالألغام». يقال إن 10 أشخاص هم ضحايا الألغام الأرضية يوميا. وتعتبر إيران من ضمن الدول الملوثة بشكل كبير بالألغام في العالم؛ حيث تبلغ مساحة الأراضي الملغومة فيها 6 ملايين هكتار. مع أن الحرب الإيرانية العراقية قد انتهت منذ 28 عاما غير أن عمليات تمشيط وكشف أكثر من 20 مليون لغم باقية في الأرض في محافظات أذربيجان الغربية وكردستان وإيلام وكرمانشاه وخوزستان لم تنطلق بعد. وأعلن مركز إزالة الألغام الإيراني أن الألغام والمتفجرات تغطي مساحة 4 ملايين و200 ألف هكتار من هذه المحافظات الحدودية الخمس مما أدى إلى مقتل عدد كبير من المواطنين الإيرانيين حتى الآن. هذا ولا توجد إحصاءات دقيقة عن عدد ضحايا الألغام. وأفادت صحيفة «شهروند» الصادرة في طهران أن الانفجار الناجم عن هذه الألغام الباقية في الأرض في هذه المناطق أدى إلى مقتل وإصابة على الأقل 55 شخصا في الفترة بين 21 مارس (آذار) 2016 حتى 8 مارس 2017. وكان شخصان من الضحايا من القوات العسكرية فيما بلغ عدد الضحايا المدنيين 166 شخصا. وأسفر انفجار الألغام في 2015 عن مقتل 15 شخصا وإصابة 30 آخرين. 14 خبيرا في إزالة الألغام و8 عساكر و23 مدنيا من ضمن الضحايا.مطاردة واضعي الألغام لم تنتشر هذه الألغام في المناطق الحدودية لإيران فحسب بل إنها وضعت أيضا في عدد من المناطق في داخل البلاد. وأفادت وسائل إعلام إيرانية في مارس 2014 أن الباحث الإيراني أمير طالبي غول وحميد هاشمي مدرب رياضة تسلق الصخور وركوب الدراجات قد توفي في صحراء لوط جراء انفجار اللغم.فتاة من ضحايا الألغام في إيران ( المجلة) وأثار هذا الخبر انتقادات واسعة آنذاك حيث وجه عدد من نشطاء البيئة والسياحة رسالة إلى الرئيس الإيراني حسن روحاني مطالبين إياه بمطاردة واضعي الألغام في عمق الأراضي الإيرانية و«إصدار أمر بإزالة الألغام في صحراء لوط فورا». ولم تنجح حكومة روحاني (التدبير والأمل) على غرار نظيراتها السابقة في اتخاذ الإجراءات الفاعلة بهدف إزالة هذه الألغام وتسريع عمليات تمشيط الأراضي الملغومة. وفي 3 ديسمبر (كانون الأول) 2017 وهو اليوم العالمي لذوي الاحتياجات الخاصة وجه 130 شخصا من الفنانين والنشطاء المدنيين ومحامي الدفاع عن ضحايا انفجار الألغام رسالة مفتوحة إلى الرئيس الإيراني حسن روحاني مطالبين إياه بمعالجة أوضاع المتضررين من انفجار الألغام.معاهدة أوتاوا وتعتبر الجمهورية الإسلامية الإيرانية من الدول القلائل التي لم توقع على معاهدة أوتاوا لحظر الألغام وقد وقعت عليها 158 دولة وهي تفرض حظرا شاملا على الألغام المضادة للأفراد وتقضي بتدميرها سواء أكانت مخزنة أم مزروعة في الأرض. والسؤال هنا لماذا لم توقع إيران على معاهدة أوتاوا حتى الآن؟دانيال كريغ (الثاني يسار) المحامي الأمم المتحدة العالمي يشرف على حملة للقضاء على الألغام والمخاطر المتفجرة في أحد حقول ألغام باليوم العالمي للتوعية بمخاطرها عيسى بازيار خبير إيراني في إزالة حقول الألغام وشظايا المواد المتفجرة تحت الأرض وهو من أصحاب الخبرة في قطاع إزالة حقول الألغام في المحافظات الحدودية الإيرانية. يقول بازيار لـ«المجلة»: «تلزم المادة الرابعة حتى السابعة من معاهدة أوتاوا لحظر الألغام كل دولة طرف أن تقوم بتدمير مخزونها من الألغام خلال أربع سنوات». وقال بازيار إن المادتين الخامسة والسادسة من معاهدة أوتاوا تشيران إلى تطهير جميع مناطق الألغام الموجودة تحت سيادة هذه الدول واتخاذ التدابير اللازمة لضمان إبعاد المدنيين فعلا عن تلك المناطق في أسرع وقت ممكن ومساعدة ضحايا الألغام بتقديم الرعاية وتنفيذ برامج للتوعية بخطر الألغام. وأضاف: «إذا أرادت الجمهورية الإسلامية الانضمام إلى هذه المعاهدة والتوقيع عليها فيجب عليها تدمير مخزونها من الألغام وتقديم إحصاءات دقيقة حول عدد ضحايا انفجار الألغام خلال هذه السنوات إلى اللجان المعنية في هذه المعاهدة. ولكن ما يحصل الآن هو أن إيران لم تمتنع عن تنفيذ هذه الالتزامات فحسب بل إنها تبادر بصناعة الألغام وزرعها». وتواصل دولة إيران صناعة الألغام واستخدامها وتصدير الألغام المضادة للأفراد، وذلك على الرغم من انتهاء الحرب الإيرانية العراقية وقبولها بقرار 598 الصادر عن مجلس الأمن حول وقف إطلاق النار. وقال المتحدث باسم مركز مكافحة تهريب السلع في يناير (كانون الأول) 2005 إن «إيران ستزرع الألغام كأحد الأساليب لمكافحة تهريب السلع في البلاد».المؤسسات الدفاعية الإيرانية ووجهت وزارة الخارجية الإيرانية في فبراير (شباط) 2007 رسالة إلى مركز إزالة الألغام الدولي قالت فيها: «إيران لها حدود طويلة قد تشكل ممرا للمهربين والإرهابيين ولذلك، تعترف المؤسسات الدفاعية الإيرانية بزرع الألغام الأرضية كإحدى الأدوات الدفاعية». وإذا تابعنا السياسات الكبرى الإيرانية في هذا الشأن سنجد أنه لا توجد بالأساس إحصائيات يمكن الاستناد إليها ولا توجد أيضا أية تقارير حكومية دقيقة حول الألغام بل إن الحكومة بادرت بزرع ألغام جديدة. ويرى عيسى بازيار أن «معاهدة أوتاوا تلزم الدول الأعضاء بالالتزام بالمواد 4 و5 و6 و7 ولذلك نجد أن إيران ترفض التوقيع على المعاهدة. فإيران تقوم بزرع وصناعة الألغام. وانتشرت أخبار حول زرع الألغام في الأراضي الحدودية. كما أن هناك أخبارا كثيرة تنتشر حول تهريب الألغام إلى الحوثيين في اليمن وبعض الجماعات الموالية لإيران في سوريا. وفي العام الماضي تم تداول خبر حول بيع أو تهريب الألغام إلى حركة طالبان في أفغانستان». وأشار بازيار إلى المادة السادسة في معاهدة أوتاوا قائلا «هذه المادة تلزم الدول الأعضاء وغير الأعضاء فيها بالقيام بعمليات التوعية ودعم المتضررين من عمليات انفجار الألغام». ويضيف الخبير الإيراني في إزالة الألغام: «سوف نلاحظ انخفاضا كبيرا في عدد ضحايا الألغام في إيران في حال إطلاق عمليات توعية حول مخاطر الألغام، فهم يستطيعون على أقل تقدير أن يقوموا بتوعية الناس في المناطق الملوثة بالألغام بشكل مناسب يتطابق مع المعايير الدولية». ويعتقد بازيار أن مركز إزالة الألغام في إيران «فقد تأثيره الحقيقي بالفعل منذ ثلاث سنوات. لقد اتخذت إجراءات لإزالة الألغام في عدد من المناطق على غرار قصر شيرين ولكن عدد ضحايا انفجار الألغام في هذه المنطقة بلغ 26 مدنيا منذ 2005. هذا يؤكد أن الإجراءات التي اتخذت في قصر شيرين لم تكن وفق المعايير الأساسية». وأوضح بازيار: «يعود ارتفاع عدد الضحايا إلى عدم تحديد المناطق الملغومة بالدقة للأسف. وقد شهدنا خلال الأسابيع الأخيرة مقتل 3 أشخاص وإعاقة 5 آخرين جراء انفجار الألغام في المناطق التي لم توجد فيها أي علامة أو لوحة تحذيرية حول وجود الألغام فيها».كابوس المواجهة وقدم بازيار إحصائيات حول عدد الأشخاص الذين لقوا حتفهم جراء انفجار الألغام في المحافظات المختلفة. وقال لقد أدى انفجار الألغام إلى مقتل 2433 وإصابة 5601 شخص في خمس محافظات وهي أذربيجان الغربية وكردستان وإيلام وكرمانشاه وخوزستان وذلك حتى مارس 2013. كما أن نحو 239 من خبراء إزالة الألغام أصيبوا و28 منهم قتلوا في هذه الفترة.إيراني من ضحايا الألغام في إيران ( المجلة) وفي الوقت الذي يواجه فيه عدد كبير من المواطنين المدنيين في المناطق الحدودية في إيران يوميا تهديد انفجار الألغام، قال رئيس مركز إزالة الألغام محمد حسين أمير أحمدي لوكالة «فارس» للأنباء في ديسمبر 2011 إن «إيران هي ثاني أكبر بلد توجد فيه أراض ملغومة في العالم. تغطي الألغام مساحة 4 ملايين و200 ألف هكتار من الأراضي الإيرانية. تبلغ مساحة الأراضي التي لم يتم تمشيطها بعد 70 ألف هكتار في حين تم تمشيط 95 في المائة من الأراضي الملغومة». وفي الوقت الذي أعلن فيه المسؤولون المعنيون بإزالة الألغام عن انتهاء عمليات إزالة الألغام في حقول الألغام فإن انفجار الألغام والمتفجرات ما زال مستمرا ليعكر فرحة تمشيط الألغام. ويقول عيسى بازيار: «تتمثل المشكلة الرئيسية في أن الجمهورية الإسلامية قامت بإزالة الألغام في الأراضي بمساحة 4 ملايين هكتار منذ 1988 حتى الآن ولكنّ هناك مواطنين فقدوا أرواحهم إثر انفجار الألغام في مناطق أخرى على غرار كرمانشاه وأذربيجان الغربية. لقد أعلنت الحكومة أن هاتين المحافظتين خاليتان تماما من الألغام. ولقي مواطنون حتفهم في مناطق في محافظة خوزستان جراء انفجار الألغام. وهذه المناطق كانت في البداية تخضع لسيطرة الحرس الثوري وبعد تحويلها إلى أراض عامة نجد أن المواطنين فقدوا أرواحهم في تلك المنطقة إثر انفجار الألغام». وبغض النظر عن الخسائر الاقتصادية والنفسية الجسمية التي تلحق بالمتضررين من جراء انفجار الألغام فإن المصابين من هذه الأحداث والمعاقين بسبب انفجار الألغام لا يتمتعون بدعم مالي كبير لدفع كلفة العلاج. هذا وتعيش عائلات كثيرة في إيران مع كابوس المواجهة مع القاتلين الصامتين.