أحزاب تونس تسابق الزمن استعدادا للانتخابات المحليةتستمد الانتخابات المحلية أهميتها باعتبارها الامتحان الأكبر أمام مختلف الأحزاب السياسية، إذ ستشكل مجالا لاستعراض القوة الانتخابية، وانعكاسا لمدى ثقة الناخبين في القوى السياسية.العرب [نُشر في 2017/04/05، العدد: 10593، ص(4)]الانتخابات ستكشف الحجم الحقيقي لكل حزب تونس - بدأت الأحزاب السياسية التونسية الإعداد للانتخابات المحلية الأولى بعد سقوط نظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي. وشهدت الساحة السياسية الأسابيع الماضية تحركات غير مسبوقة حيث تم الإعلان عن ميلاد أحزاب جديدة، في حين دخلت أحزاب أخرى في تحالفات على غرار “جبهة الإنقاذ” التي تم الإعلان عنها الأحد. ويُنتظر أن تبدأ الأحزاب استعداداتها لخوض الانتخابات المحلية وسط انقسام التيار العلماني الذي يواجه خطر تشتت أصواته بين جبهة الإنقاذ، والجبهة الشعبية اليسارية ونداء تونس، في مقابل انطلاق حزب النهضة الإسلامي بحظوظ كبيرة للفوز. ورغم معارضة عدة أحزاب ومنظمات لإجراء الانتخابات المحلية في 2017 وتقترح إرجاءها إلى مارس 2018، إلا أن رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات شفيق صرصار، أعلن الاثنين أن 17 ديسمبر هو موعد إجراء الاستحقاقات المحلية. وكانت عدة أحزاب قد عارضت مقترح الهيئة بإجراء الانتخابات المحلية قبل موفى السنة الحالية، مبررة رفضها لعدم تمكن مجلس النواب من المصادقة على قانون الجماعات المحلية ولعدة اعتبارات أخرى.النهضة هي الأكثر استعدادا لخوض الانتخابات المحلية مقارنة ببقية الأحزاب التي يعاني بعضها صراعات داخلية وبرر محسن مرزوق رئيس حركة مشروع تونس وأحد الأحزاب المكونة لجبهة الإنقاذ، رفضه لإجراء الانتخابات خلال السنة الحالية لأن القانون المنظم للانتخابات المحلية متناقض مع حركة المعتمدين الأخيرة، التي تمت وفق المحاصصة الحزبية، ويعتبر أن السلطة المحلية يجب أن تكون محايدة بما في ذلك سلك المعتمدين والولاة (المحافظين). واتهم مرزوق حركة النهضة بالسعي إلى إجراء الانتخابات قبل إتمام الإجراءات اللازمة للفوز بها مع شركائها في الحكم “لأنها تدرك أن بقية الأحزاب مازالت غير جاهزة”. وتستمد الانتخابات المحلية أهميتها باعتبارها ستكون بمثابة الامتحان الأكبر أمام مختلف الأحزاب السياسية، إذ ستشكل مجالا لاستعراض القوة الانتخابية، وانعكاسا لمدى ثقة الناخبين في القوى السياسية. ويجمع متابعون على أن حزب حركة النهضة الإسلامي هو الأكثر جاهزية لإجراء الاستحقاقات المحلية، مقارنة ببقية الأحزاب التي مازال بعضها جديدا، في حين يعاني بعضها الآخر تفككا وصراعات عاصفة بها وفي مقدمتها حزب نداء تونس الفائز في الانتخابات التشريعية الماضية. ولم تتوقف أزمة نداء تونس عند انسحاب مرزوق الذي كان من أبرز قادته برفقة عدد من زملائه نهاية 2015 وقد أسسوا في ما بعد حركة مشروع تونس، بل تواصلت لتمتد إلى ما تبقى في الحزب الذي انقسم إلى مجوعتين؛ مجموعة موالية لحافظ قائد السبسي ومجموعة أخرى تعارضه وتطلق على نفسها اسم “الهيئة التسييرية لحركة نداء تونس”. وأدت الأزمة التي يعانيها حزب نداء تونس إلى تراجع شعبيته، كما أن تحالفه مع حركة النهضة الإسلامية التي هاجمها بشدة أثناء الحملة الانتخابية سنة 2014، أفقدته مصداقيته لدى الرأي العام التونسي. ولا يستعبد متابعون أن يتحالف شق قائد السبسي مع حركة النهضة خلال الانتخابات المحلية. ويستند هؤلاء في توقعاتهم إلى تصريحات رئيس الحركة راشد الغنوشي الذي سبق وأن أكد حرصه على ضرورة توحيد القوائم الانتخابية بين الحزبين. وأوضح الغنوشي أنه حريص على ألا يحدث في الانتخابات البلدية استقطابٌ ثنائي بين تيارين، وإنما أن تتمّ الانتخابات في ظلّ توافقات مضيفا “نحن منفتحون على التوافقات مع الجميع بما في ذلك تشكيل قائمات مشتركة”. ومن المتوقع أن تشهد الانتخابات المحلية إقبالا ضعيفا لعدة اعتبارات، من بينها أن المواطن التونسي لا يهتم كثيرا بهذه الاستحقاقات، التي يرى أنها لن تغير شيئا في واقعه، خاصة في ظل غياب التوعية الإعلامية اللازمة. كما أن الصراعات الحزبية والفضائح السياسية المتتالية التي كانت آخرها تصريحات لرئيس لجنة التحقيق في تسفير الشباب إلى بؤر التوتر ليلى الشتاوي عن حزب نداء تونس، سيكون لها تأثير سلبي على الحزب وعلى نسبة الإقبال عموما. واتهمت الشتاوي أعضاء من حزب تونس بالضغط عليها كي لا تكشف الحقيقة، متهمة أطرافا داخل الحزب، مقربين من قيادات إسلامية في ليبيا بالمشاركة في عمليات تسفير الشباب للقتال في صفوف الجماعات الإرهابية بكل من سوريا وليبيا.