×
محافظة المنطقة الشرقية

البداية “أمل” والنهاية “صدمة”.. الأطباء يُجهضّون أحلام المصرية “أسمن امرأة” في العالم !

صورة الخبر

مفهوم التراث في المدينة ربما يأخذ بعداً آخر غير تلك الأبعاد التي عادة ما ننظر بها للتراث بشكل عام، إنه تراث معاش وتفاصيله تشكل أسراراً تحتاج إلى تأمل وتأنٍ لفهمها وفك رموزها.. بدأنا في السير، أنا وجموعة ضباط الاتصال لمرصد التراث المعماري في البلدان العربية، عبر زقاق ضيق يعلوه سباط ممتد على شكل عقد حدوة الفرس الذي تشتهر به المدن الشمال أفريقية، فقد كنا في تونس العتيقة في مطلع الأسبوع الفائت نسير برفقة الصديق الزبير الموحلي، من مؤسسة التراث والمدن التاريخية العربية والمسؤول عن تونس القديمة. كان يشرح بإسهاب وحماس عن هذه المدينة المدهشة التي لا تمل فهي مكان يعبر عن عبقرية المدن العربية التاريخية وثرائها المعماري والاجتماعي، ويصعب أن تتحرك خطوة دون أن تلتفت يمينا وشمالا وتدور للخلف حتى لا يفوتك أي مشهد من مشاهد المدينة التي تضج بالأسرار. مررنا عبر زقاق بالقرب من جامع القصر، وتوقف الأخ الزبير أمام مئذنة الجامع وقال: إن هذه المئذنة "مالكية" وقد كانت مربعة المسقط مثل أغلب المآذن في تونس، ثم علق قائلا:إنها متأثرة بالمذهب الحنفي العثماني فهي مليئة بالزخارف والمنمنمات، بينما العمارة المالكية بسيطة ومتواضعة. لقد التفت إلى شماله وأشار بعيدا الى مئذنة تظهر عن بعد ذات ثمانية أضلاع وقال: إن تلك المئذنة حنفية عثمانية وتبين تأثر مدينة تونس بالحكم العثماني. ربما يكون غريبا لدى البعض تسمية المآذن وطرزها بأسماء المذاهب، لكن هذا الأمر شائع في تونس وربما في بقية جنوب المتوسط. المدن العربية العتيقة ذات طبقات تاريخية متراكمة، وتكتنز حكايات اجتماعية متجذرة في تفاصيل الحياة اليومية، ولها علاقات وشيجة بالاماكن التي تشكلت وتطورت عبر الزمن في هذه المدن. مفهوم التراث في المدينة ربما يأخذ بعداً آخر غير تلك الأبعاد التي عادة ما ننظر بها للتراث بشكل عام، إنه تراث معاش وتفاصيله تشكل أسراراً تحتاج إلى تأمل وتأنٍ لفهمها وفك رموزها، لذلك كانت محاولة الأمير سلطان بن سلمان المبكرة لوضع ميثاق للتراث العمراني العربي منذ العام 2004م مهمة، وتشكل نقطة تحول في العمل العربي في مجال المدن التاريخية. لهذا الميثاق، الذي أقر مؤخرا في العام 2016م وأدى إلى تأسيس مرصد التراث المعماري والعمراني في البلدان العربية في أكتوبر الماضي، حكاية طويلة، فقد مرت ثلاثة عشر عاما حتى أصبح واقعا، وتحول إلى منهج عمل يساهم في الحفاظ على ما تبقى من تاريخنا المعماري. المفاجأة في اجتماع ضباط الاتصال للمرصد بتونس أنني اكتشفت العديد من المنظمات والهيئات المهتمة بالمدن التاريخية، بعضها عربي مثل التي ينتمي لها الصديق الزبير، لكن البعض الآخر عالمي مثل منظمة مدن التراث العالمي التي قابلت سكرتيرها العام "دينيس ريكارد" وهو كندي يتحدث الفرنسية وقليلا من الانجليزية. هذه المنظمة لها نشاطات كبيرة في العديد من المدن العربية، لكنها غير معروفة لدينا في المملكة، ولا أعلم لماذا هي ليست معروفة، لكن من الواضح أن علاقتنا بالمنظمات الدولية التي تعمل في المجال الثقافي ضعيفة جدا، وفي اعتقادي أن السبب الرئيس في هذا أن من يتم اختياره لتمثيل المملكة في هذه المنظمات غير مهتم في الأساس بالعمل الثقافي، ووجوده في هذا المكان هو مجرد "برستيج" ليس أكثر. على كل حال، المرصد فرصة حقيقية للتواصل وتبادل الخبرات، وبناء فرق عمل عربية مشتركة، والحقيقية أنني قبلت أن أكون منسقا عاما لضباط اتصال المركز، كوننا في المملكة من طرحنا الفكرة وتبنيناها، بمتابعة مستمرة من الأمير سلطان، حتى أصبحت واقعا. تم تشكيل سبع فرق عمل أحدها لبناء سجل عربي للتراث المعماري، والأخرى للتنمية والتطوير والتعليم والدراسات وتوعية المجتمعات المحلية. الهدف هو تشكيل منظومة عمل توازي المؤسسات العالمية الجادة التي تعمل على تحقيق أهدافها من خلال العمل الممنهج، والتعامل مع الواقع وعدم الانغماس في الأحلام. لقد خرجت من اجتماعات المرصد وأنا متفائل، فنحن في المملكة لنا تجربة رائدة في العمل المنهجي الجاد في مجال التراث المعماري الوطني، من خلال مركز التراث العمراني في الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، وشعرنا بأهمية العمل العلمي الواضح القائم على الصبر والتأني، ومحاولة تكريس ثقافة المحافظة على التراث العمراني على مستوى المواطن والمجتمعات المحلية دون كلل أو ملل.