طالب خبراء أمن بضرورة التنسيق بين أجهزة مكافحة الفساد وإصدار تشريع موحد يجمع قوانين المكافحة فى سبيل الارتقاء باسم مصر فى قائمة المعايير الدولية لمكافحة الفساد، مع تعظيم العمل الرقابى فى الجرائم الاقتصادية التى تزايدت فى الآونة الأخيرة.واقترح مدير مباحث الأموال العامة الأسبق اللواء عبدالله الوتيدى توحيد أجهزة مكافحة الفساد تحت مسمى «الهيئة القومية لمكافحة الفساد»، تسند رئاستها إلى رئيس هيئة الرقابة الإدارية بحكم خبرته حيث إنه بدرجة وزير.وأضاف الوتيدى لـ«الشروق» أن هذا الاقتراح يتسق مع المادة 6 للاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد، والتى صدقت عليها مصر، وأن الهيئة من المقترح تشكيلها تضم خبراء من جميع الأجهزة المعنية بإنفاذ القانون، منها أيضا جهاز الكسب غير المشروع.وأوضح أن الأمر يتطلب تعديلا تشريعيا لإنشاء الهيئة، ووضع هيكل تنظيمى لها، وهذا سيساهم فى تحسين موقف مصر فى تقييم الدول الجادة فى مكافحة الفساد، كما سيساهم فى مكافحة الجرائم الاقتصادية التقليدية، والمستحدثة المنظمة، وغسيل الأموال ويكون أكثر تنسيقا بين مختلف الأجهزة التى تعمل فى هذا المجال.واستطرد: «الرقابة الإدارية جهاز رقابى يعنى بمكافحة الفساد المالى والإدارى، وما ينتهى من قضايا غسيل أموال، ولوحظ أنه نجح فى الآونة الأخيرة فى العديد من قضايا الفساد، لما لديه من عوامل كثيرة تعزز من هذا النجاح، منها الدعم البشرى والخبرات المتوافقة مع المعايير الدولية، وفقا لبرامج تدريبية متعددة، فضلا عن التقنيات الحديثة التى تساهم فى جمع المعلومات».وأشار الخبير الأمنى إلى أن مباحث الأموال العامة جهة تحريات معنية بمكافحة الجرائم الاقتصادية المستحدثة، مقترحا تعديل قانون الإجراءات الجنائية، وعدم تقادم العقوبات فى قضايا الأموال العامة، وعدم سقوطها إلا بعد الوفاة.واتفق خبير مكافحة الفساد وغسيل الأموال اللواء طولسن خيرى، مع الوتيدى فى النجاحات المستمرة لهيئة الرقابة الإدارية ومباحث الأموال العامة فى مكافحة الفساد، خاصة فى مواجهة الجرائم الاقتصادية، التى اشتركت فيها اللجنة الوطنية لمواجهة الإرهاب.ولفت طولسن إلى أن توحيد الأجهزة الرقابية والأمنية فى مكافحة الإرهاب يحتاج إلى استراتيجية وتنسيق بين العديد من الأجهزة تحت مظلة واحدة، حتى يمكن الاستفادة من الخبرات التى تعمل فى هذا المجال، فضلا عن توحيد قوانين مكافحة الفساد فى قانون واحد ينظم عمل اللجنة التى ترأس تلك الأجهزة، والتنسيق بين الإدارات المختلفة التى أنشأت مؤخرا، ومنها وحدة مكافحة غسل الأموال، واللجنة الوطنية لمكافحة تمويل الإرهاب، حتى يمكن تنفيذ منظومة قوية تساهم إلى حد كبير فى ضبط المتلاعبين باقتصاد البلاد.واعتبر مساعد وزير الداخلية الأسبق اللواء مجدى البسيونى، أن دمج مباحث الأموال العامة مع هيئة الرقابة الإدارية خطأ، مشيرا إلى أن الإدارة العامة لمكافحة المخدرات يتم التعامل فيها من خلال الإدارة العامة المركزية فى القاهرة، بينما مكاتب مكافحة المخدرات تتبع مديرى الأمن وليست لها علاقة بالإدارة، فضلا عن أن رئيس المباحث وضباط المراكز يعملون أيضا فى مكافحة المخدرات فى الوقت ذاته، شدد البسيونى على ضرورة وجود تنسيق بين الأجهزة فى الوقائع الكبيرة مثل مكافحة الإرهاب، فالأمن الوطنى لديه معلوماته فى هذه المجال، وفى الفترة الحالية يعمل الأمن العام أيضا فى هذا المجال.وأكد أن الرقابة الإدارية مهما تعددت وانتشرت فى المحافظات فهى غير منتشرة مثل مباحث الأموال العامة، ولا يجوز الدمج بين الجهتين، لأن مكافحة الفساد تقع على الأجهزة الرقابية جميع، فلا يوجد ما يمنع ضابط مباحث قسم الشرطة من القبض على شخص مرتشٍ، لكن لابد من وجود تنسيق حتى لا يفسد مخطط يقوم به الجهاز المختص الأساسى، فلو توافرت معلومات لمباحث الأموال العامة عن واقعة رشوة أو فساد كبيرة يفضل أن يكون هناك تنسيق مع هيئة الرقابة الإدارية.واقترح مساعد وزير الداخلية الأسبق وجود مندوب مخصص فى هيئة الرقابة الإدارية للتنسيق مع مباحث الأموال العامة، منوها إلى أن تعدد الأجهزة الرقابية أفضل سبل محاربة الفساد، لأن المجرم وقتها لا يعلم من أين تأتيه الضربة ومن أى جهاز.وتابع: «لو افترضنا أن شخصا من تلك الأجهزة اتفق مع متهم على رشوة أو سهل له الطريق فيها، فإن تعدد الأجهزة الرقابية سيكون له فاعلية كبيرة فى مكافحة الفاسدين، فالفساد موجود فى جميع دول العالم، ومكافحته الآن أصبحت أكثر من السابق، بعد تزايد انعدام الضمير وانفلات الأخلاق».