أشرت في هذه الزاوية ضمن مقالة بعنوان (المبادرات: المغامرات) نشرت قبل أكثر من عامين في العدد 15961 إلى المبادرة الثقافية الرائدة التي أطلقها ولي عهد دبي بالتعاون مع وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع في دولة الإمارات العربية المتحدة والتي سميّت (مبادرة حمدان بن محمد بن راشد للإبداع الادبي)، حيث تكفل في هذه المبادرة المشكورة بطباعة 100 ديوان مقروء ومسموع، لكبار شعراء الساحة الشعرية الخليجية، إضافة إلى الترويج لتلك الدواوين وتسويقها بالشكل الذي يليق بالشاعر والشعر وبتلك المبادرة. ولا شك إن هذه المبادرة كما أعلن مطلقها هدفت إلى الحفاظ على التجارب الشعرية، ودعم الشعراء ومساعدتهم لإبراز شعرهم بشكل يليق بهم وبأشعارهم بحيث لا يقف العائق المادي أمام الشاعر وأمام إصدار ديوان له، فتبقى تجربته حبيسة الأمسيات أو الانترنت معرضة للنقل الخاطئ وربما تشويه القصائد ومعانيها وربما فقدان الشاعر لحقوق الملكية الفكرية لإبداعه، وبالتالي جاءت المبادرة لتوثيق الإبداع الشعري للشعراء والاحتفاء بهم وهم على قيد الحياة ليتمكنوا من الاستمتاع والفخر بإنتاجهم، والذي يدفعهم الى مزيد من الإنتاج والإبداع، وللمساهمة في تكوين مكتبة الشعر الشعبي في دول مجلس التعاون الخليجي التي يجمعها التاريخ والجغرافيا والأدب كما تجمعها وشائج الدين والدم والنسب. والحقيقة أن هذه المبادرة الكريمة كما علمت لا تقف عند طباعة الديوان وتسويقه بل تمتد إلى تكريم الشاعر ومنحه مبلغا ماليا كبيرا يجعل لسانه يلهج بالثناء الدائم لصاحب هذه المبادرة جعلها الله في ميزان حسناته حيث رفع من قيمة بضاعة الشعراء الوحيدة بعد مواسم طويلة من الكساد والإهمال. وبعد سنوات من إطلاق المبادرة قد تصل إلى حوالي أربع سنوات وصل عدد الدواوين التي أنتجتها المبادرة إلى عشرين ديواناً فقط!! منها ثلاثة عشر ديواناً مطبوعاً وسبعة دواوين مسموعة وكان نصيب الشعراء السعوديين منها 35% بخمسة دواوين مطبوعة وبديوانين مسموعين؛ ونحن إذ نثني أجلّ الثناء على هذه المبادرة ونتاجها وبغض النظر عن تصاريح القائمين عليها في بعدها العميق في الحفاظ على التجربة الشعرية أو كونها إصدارات فخمة شكلاً ومضمونا تليق بتجربة كل شاعر أو كون المصمم يتعمق في أشعار الديوان قبل البدء بتصميم الغلاف أو منهجها في المناقشة مع الشعراء في حال تعديل أي كلمة أو بيت، أو قول أحدهم: أن كل ديوان يستغرق العمل لإنجازه ما يقارب الأربعة أيام!! فما يهمنا والمبادرة تقطع 20% من مشوارها الثقافي النبيل أن ننبه على بعض الملاحظات على الدواوين المطبوعة والتي نوجهها إلى المشرف العام على المبادرة الشاعر (ماجد عبدالرحمن البستكي) فلعل الملاحظات تصل إليه عبر الجريدة فيأخذ منها ما يراه لتطبيقه في الدواوين ال80 الباقية أو لا يأخذ فإنما هي وجهة نظر نعرضها ولا نفرضها، وأول هذه الملاحظات افتقاد الدواوين لأي معلومات عن الشعراء ومن الأولى بل هو حق من حقوق الشاعر كتابة نبذة موجزة عنه لتعريف القارئ الخليجي به، وثانياً افتقاد الدواوين للمقدمات التي تمهّد للقارئ دخول الديوان فبمجرد فتح الغلاف تصطدم بقصيدة فقصيدة ثم قصيدة إلى نهاية الديوان والمقدمة محطة مهمة قد يكتبها الشاعر ذاته لإضاءة الديوان ببعض المعلومات حول تجربته عموماً أو حول قصائد الديوان خصوصاً، وقد يكتبها أحد الأدباء أو الباحثين المتابعين لشعر الشاعر لتكوين صورة بانورامية عن الديوان، والأمر الثالث افتقاد الدواوين لأي تصدير من الجهة الناشرة (المبادرة) وهو تقليد سائد تسير عليه كل الجهات الثقافية في إصداراتها ويمكن للتصدير أن يكون موحداً يشرح أهداف المبادرة وسبب اختيار الديوان، وأخيراً فإن بعض الدواوين تفتقد للتبويب كما تفتقد للفهارس!!