مفتاح شعيب تؤشر التقارير الواردة من واشنطن عن تردد إدارة دونالد ترامب في تصنيف جماعة «الإخوان المسلمين» منظمة إرهابية إلى اضطراب كبير تعانيه هذه الإدارة، رغم الوعود والتهديدات الطويلة التي أطلقها رئيسها أثناء حملته الانتخابية، حين تعهد بشن حرب لا هوادة فيها على الإرهاب والجماعات التي أنتجته ومنها الجماعة المحظورة في كثير من البلدان العربية والإسلامية.تردد الإدارة الأمريكية في حسم أمرها في اتخاذ موقف من «الإخوان» ليس هو الملف الوحيد الذي تشعر إزاءه بانعدام الحيلة والجرأة، فحتى إعلانها المبدئي عن خطوات غير مسبوقة في مكافحة الإرهاب لم يرق إلى المأمول، بل إن الجهود الأمريكية الحالية تراجعت عما كانت عليه مع إدارة الرئيس السابق باراك أوباما المتهمة بالتواطؤ مع الإسلام السياسي وتلميع جماعاته بما فيها «الإخوان» والحركات السليلة منها. وكان يفترض أن تستمر هذه السياسية لو فازت برئاسة البيت الأبيض المرشحة الديمقراطية السابقة هيلاري كلينتون. ولكن خسارتها سددت ضربة موجعة لأطراف في الشرق الأوسط مازالت تدافع عن التيار الإخواني وتراهن على عودته لاستكمال المشروع الذي توقف بعد افتضاح مخطط «الربيع العربي». ومما يلفت في التوقيت أن الاضطراب الذي تعيشه الإدارة الأمريكية شوش عليها الرؤية وأصابها بالبلبلة، وهو أمر لم تعرفه، على الأرجح، إدارة أمريكية سابقة. ومثلما تعصف بها التجاذبات إزاء «الإخوان»، لا تكاد الأطراف ومراكز القوى المتنافرة داخلها تتحد في موقف واحد بشأن الكثير من القضايا، فما يقوله ترامب قد يعكسه نائبه مايك بنس، وما يصرح به وزير الخارجية ريك تيلرسون ينفيه وزير الدفاع جيمس ماتيس أو سفيرتهم في الأمم المتحدة نيكي هالي أو أي مسؤول آخر في هذه الإدارة العجيبة.لقد أحدثت السياسة الأمريكية الجديدة من المشكلات الدولية أكثر مما نجحت في حل بعضها، والخطأ ليس في الأمريكيين، وإنما في الآخرين الذين لم يستوعبوا أن العالم يتغير وينبني على توازنات جديدة لا تستحق مزيداً من الإشارة والتوضيح. وفي الشرق الأوسط حيث تتركز الصراعات والأزمات، أثبتت إدارة ترامب أنها أعجز من أن تغير شيئاً، بل إنها ليست أفضل من إدارة أوباما إلا من جهة الجعجعة وبعض الاستعراضات العسكرية المألوفة، وهو دليل آخر على أن هذا القوة العظمى ترتكب مزيداً من الأخطاء بإضعاف مصداقيتها وعجزها عن اتباع سياسات واضحة تتوافق مع مصالح الدول الأخرى خصوصاً في البلدان العربية والإسلامية التي اكتوت من الإرهاب وجماعاته والحروب ونتائجها الاقتصادية والاجتماعية المدمرة. ومما يذكر في هذا الشأن، أن إدارة ترامب استهلكت 70 يوماً من السلطة ولم تكشف عن رؤية محددة تتعلق بسياستها الخارجية خصوصاً في الأزمات الكبيرة والملفات الملحة. وبمناسبة الحديث الذي لا ينقطع عن مكافحة الإرهاب، فإن مساهمة واشنطن ليست أفضل من مساهمات الدول الأخرى في مجابهة هذه الآفة، فهناك إنجازات كبيرة تحققت في العراق واليمن وسوريا وليبيا بعيداً عن الجهود الأمريكية، لاسيما أن واشنطن تروّج لنفسها أنها أقدر من يخوض الحروب وأنها تقود تحالفاً دولياً من 60 عضواً لملاحقة الإرهاب، ولكن إنجازاتها ظلت أقل من المتوقع لأن سياساتها لا تبدو مخلصة في هذا الشأن بسبب ما يعتريها من غموض وغياب للمواقف الحاسمة بشأن مواجهة الجماعات المتطرفة وما ترتب عنها من مخاطر وتهديدات. chouaibmeftah@gmail.com