×
محافظة المنطقة الشرقية

«المرسم الحر».. البداية أبوظبي وعجمان

صورة الخبر

صار معلوما الآن أن الشاب أحمد الخطيب الذى أصيب منذ سبعة أشهر بمرض «اللشمانيا» الخطير، كان ضمن ٥٢٩ شخصا رشحوا للعفو الرئاسى، ولكن اسمه استبعد من قائمة المفرج عنهم. الذى أكد المعلومة هو الدكتور أسامة الغزالى حرب الذى رأس اللجنة الخماسية التى كلفتها الرئاسة ببحث ملف المظلومين فى السجون، بعد إثارته فى مؤتمر الشباب بحضور الرئيس السيسى. وأغلب الظن أن الدكتور أسامة أراد أن يرضى ضميره بعدما أثيرت أسئلة عديدة حول دور ومسئولية لجنته إزاء تجاهل مثل تلك الحالة. لذلك فإنه اختار أن يخرج عن صمته ويعلن على شاشة فضائية «دريم» أن الحالة تم بحثها وأن اسم أحمد الخطيب كان مدرجا تحت رقم ٢٩٢ فى القائمة بعدما أيقنت اللجنة أنه جدير بأن يشمله العفو، وفى سعيه إلى إبراء ذمته، فإنه أعلن أن قائمة العفو الثانية التى أرسلت ضمت ٥٢٩ اسما، ولكن القرار الذى صدر تضمن ٢٠٣ أسماء فقط. وما لم يقله الدكتور أسامة أن ٥٪ ممن رشحتهم لجنته أدرجت أسماؤهم فى القائمة، أما نسبة الـ٩٥٪ الباقية فقد رشحتها جهات أخرى فى الدولة. وهى المعلومات التى كنت قد أشرت إليها فى تعليقى على الموضوع الذى نشر فى ١٨ مارس الحالى. إذا كانت حالة أحمد الخطيب قد استبعدت رغم خطورتها البالغة على حياته، ورغم المخاوف التى يثيرها احتمال نشر الوباء وتوطينه فى السجون، فذلك يثير أكثر من سؤال حول المعايير التى يعول عليها فى العفو. لقد تضامنت نقابة الأطباء مع أحمد الخطيب ودعت إلى إطلاق سراح المسجونين المصابين بأمراض خطرة، سواء لتوفير العلاج المناسب لهم، أو للسماح لهم بأن يموتوا بين أهلهم وذويهم. كما تضامن معها وتبنى نفس المطالب المجلس القومى لحقوق الإنسان وعدد كبير من الحقوقيين والمثقفين والنشطاء فى مجالات عدة. أما حملة التعاطف المتداولة فى مواقع التواصل الاجتماعى، فلا تفسير لها إلا أن ضمير المجتمع يجرحه ويستفزه أن يبقى فى السجون أمثال هؤلاء، خصوصا أن ابتلاءهم مضاعف. فمظلوميتهم دمرت مستقبلهم، وأمراضهم هددت حياتهم. أضف إلى ذلك أن الإهمال الطبى لنزلاء السجون يعد من قبيل القتل البطىء والمتعمد. ومما يؤسف له أن التقارير الحقوقية المصرية أشارت إلى تزايد حالات الوفاة فى السجون بسبب الإهمال الطبى. إذ وثقت ٣٥٨ حالة فى عام ٢٠١٥. وهذا الرقم وصل إلى ٤٤٨ حالة فى العام الذى يليه (٢٠١٦). يتضاعف القلق حين نكتشف أن اللجنة الخماسية التى شكلتها الرئاسة رشحت ٥٢٦ مظلوما لكى يشملهم العفو فى الدفعة الثانية، ولكن القرار الرئاسى تضمن ما لا يزيد على ٥٠ شخصا منهم. ولئن كان جيدا أن يطلق سراح مظلومين آخرين من أى جهة كانوا، إلا أن ذلك يعنى أمرين، أولهما أن ثمة أعدادا هائلة من الأبرياء لايزالون قابعين فى السجون وينتظرون الفرج. الأمر الثانى أن معيار الإفراج سياسى وليس إنسانيا، بديل أن مائتى شخص من القائمة التى تضمنت ٢٠٣ أسماء، صنفوا باعتبارهم «متعاطفين» فقط (مع الإخوان) كما جاء فى البيان الذى نشر على سبيل الخطأ فى وسائل الإعلام. إن الإبقاء على المرضى وغيرهم ممن أضعفتهم الشيخوخة فضلا عن طوابير المظلومين والأبرياء لا تفسير له إلا أنه من قبيل التنكيل والانتقام. وذلك جزء من عملية التعذيب التى يتعرض لها الجميع فى السجون وأقسام الشرطة. لذلك فإننى أستغرب الغضب المصرى إزاء التقارير الدولية التى انتقدت انتهاكات حقوق الإنسان فى مصر، وأحدثها تقرير الخارجية الأمريكية. كأنما المطلوب منها أن تغض الطرف عن تلك الانتهاكات أو تباركها. إن سقف طموحاتنا يتراجع حينا بعد حين. فقد ارتفعت أصواتنا فى ثورة يناير ٢٠١١ داعية إلى إطلاق الحريات. ثم أصبحنا نطالب بتحقيقات نزيهة ومحاكمات عادلة للنشطاء. واكتشفنا أن جهدا يجب أن يبذل لمحاكمتهم أمام محاكم مدنية وليست عسكرية. ثم صارت غاية منانا أن يتوقف تعذيب المحتجزين. وتراجعنا خطوات أخرى إلى الوراء حين تمنينا تارة أن يوضع النشطاء فى سجون طبيعية وليس السجون مشددة الحراسة التى ترتفع فيها معدلات التنكيل. وفى تارة أخرى أصبحنا نطالب بإيداعهم زنازين عنابر عادية وليس فى زنازين التأديب. وها نحن الآن نطالب بإنقاذ المسجونين أصحاب الأمراض الخطرة وإطلاق سراح العجزة لكى يموتوا بين أهلهم. وتلك رحلة محزنة وصادمة لا يصدق أحد أننا قطعناها فى ثلاث سنين فقط. ملحوظة: التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.