سيظل رجل الحزم والعزيمة يطوي الأرض، متوشحًا همته، دون أن يهدأ له بال، ودون أن يكلّ أو يملّ طالما كانت هنالك فرصة لرفع هامة الوطن، ودعم اقتصاده، وطالما كان ثمة موضع للذبّ عن حياض الأمة، وانتشالها من مهاوي الردى. وسيظل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز ـ أيّده الله ـ حاضرًا في كل مولد أمل، وفي كل لحظة شروق، وفي كل موعد حلم يمكن أن يصعد بشعبه، ويعزز رفعة أمته، وهو المسكون بهاجس استرداد مجد الأمة وعزتها وكرامتها، خاصة وهو من قرأ التاريخ بعمق، وعاش تلك الأمجاد، وأدرك محدداتها. لن يضنيه السفر، وهو القادم بالأمس من أقصى مشارق الأرض في جولة باهرة باتتْ تؤتي أكلها عبر منظومة من الاتفاقيات والتفاهمات لكل ما من شأنه خير شعبه ووطنه وأمته، ليصل إلى عاصمة الجبال السبعة في الأردن الشقيق في موعد آخر من مواعيد إعادة بناء سياج الأمة، الذي تعهده الملك سلمان منذ أن استلم مقاليد الحكم، ليعمل على لمّ شمل الأمة، وتوحيد صفوفها، وتعزيز قيم العمل العربي المشترك، ومداواة جراحها التي تكاثرتْ بتدخلات الآخرين وأطماعهم في شؤونها الداخلية. يصل إلى عمّان التي طالما عانقتْ الرياض في مختلف تفاصيل حمل الهم العربي، وشاركتها الرأي والرؤية باتجاه إخراج الأمة من نفق التدخلات الأجنبية، لكنه يصل هذه المرة مبكرًا قبل القمة لمزيد من المصافحة بين العاصمتين، لإجراء مزيد من المباحثات مع شقيقه جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين، في كل ما من شأنه تعزيز العمل العربي المشترك، ومواجهة التحديات الكبرى التي تخوضها الأمة في سوريا والعراق وفي اليمن، والمضي قدما في التنسيق بين العاصمتين لتنمية العمل العربي المشترك. وتأتي الزيارة تأكيدا لتجذّر العلاقة بين البلدين، وتجسيدا لعمقها تاريخًا، ورسوخها هدفًا، واستمرارها غاية. الملك سلمان الذي أمسك بزمام القرار العربي بقوة حزمه وصلابة قراراته، والتي دفعتْ الأمة للوقوف خلف المملكة في مواجهة المأساة السورية، والحيلولة دون اختطاف اليمن، وتنحية ألسنة اللهب عن الخليج، هو محطّ آمال الأمة من محيطها إلى خليجها، وموئل أحلامها في إعادة تشييد سياجاتها، وحماية شعوبها ومستقبلها من العدوان، لا يزال هو الزعيم الذي تلتفّ حوله الآمال في إطفاء الحرائق المشتعلة، وإعادة تسيير قطار الأمة العربية في المسيرة الظافرة باتجاه المستقبل، وهو القائد الذي يمتلك القدرة على مواجهة التحديات بنفاذ رؤيته، وقوة إرادته، وصلابة عزيمته التي لا تلين في حماية حقوق هذه الأمة، وجبر انكساراتها. ذلك لأنه سلمان العروبة الذي حمل أحلامها حيثما اتجه، ولن يهنأ ولن يستريح له بال طالما هنالك مِن أبنائها مَن يتوجّع.