بعد أن صادرت السلطات التركية 1289 شركة بالتهمة النمطية واللافتة الجاهزة “الانتماء لحركة الخدمة”، قام صندوق التأمين على الودائع بعرض هذه الشركات والممتلكات العائدة لها على البيع. نشر صندوق التأمين على الودائع قائمة تضم أسماء الشركات المستولى عليها سابقًا تضمنت أنواعًا شتى ، بدءاً من حدائق الزيتون والمزارع والماشية، مرورًا بالجامعات والمدارس ومراكز التعليم، وانتهاءً بالفنادق والعقارات والمطاعم ومعارض السيارات. والشيء الوحيد الذي لم تضمّه القائمة هو السلاح!! وكانت حكومة حزب العدالة والتنمية بأمر من الرئيس رجب طيب أردوغان فرضت حراسة قضائية على مجموعة كبيرة من المؤسسات الإعلامية قبل محاولة الانقلاب، بين صحيفة زمان الأكبر مبيعًا في تركيا، ووكالة جيهان للأنباء، ومجموعة إيباك الإعلامية، إضافة إلى عشرات القنوات التلفزيونية، ومن ثم نقلت هذه المؤسسات والشركات إلى صندوق التأمين على الودائع بعد محاولة الانقلاب التي كشفت تقارير دولية أن أردوغان دبرها وصممها على الفشل من أجل اختراق ذريعة “شرعية” حتى يتمكن من تصفية من يقفون وراء نظامه الشخصي تحت مسمى “النظام الرئاسي”. وتعتبر عمليات الاستيلاء على الشركات والممتلكات الشخصية “أكبر عملية اغتصاب” تشهدها تركيا على مدى تاريخها الطويل. يذكر أن أردوغان لما كشفته أجهزة الأمن والقضاء التي تضم موظفين من كل الانتماءات متلبسًا بجريمة “الفساد” في عام 2013، شعر بالحاجة إلى “لافتة جاهزة” ليصم بها الكاشفين عن فساده، من أجل إنقاذ نفسه ورجاله. واختار حركةَ الخدمة لتكون كبش فداء، وذلك لأنها الوحيدة “القابلة” لحملها هذا الحجم من “الاتهامات” كالانقلاب والسيطرة على كل العالم، نظرا لأنها تتمتع بقوة ونفوذ ليس في تركيا فقط بل في جميع أرجاء العالم من خلال مؤسساتها التعليمية. فاستحدث جريمة نمطية تحت مسمى “الانتماء إلى حركة الخدمة” لإلصاقها إلى كل من يريد تصفيته. ومثلما أن أردوغان أحدث “انقلابا مضادا” في اليوم التالي من بدء تحقيقات الفساد والرشوة، ونسف جهازي الأمن والقضاء من ألفه إلى يائه، بفضل لافتة “جريمة الانتماء لحركة الخدمة”، ثم أنشأ جهازي أمن وقضاء من أنصاره وجماعة “أرجنكون” المتحالفين معهم، وذلك من أجل التستر على جرائم الطرفين معا، كذلك أقدم على “انقلاب مضاد” في صبيحة ليلة الانقلاب المصمم مسبقا على الفشل أطاح بكل القادة في المؤسسة العسكرية التي هي العلمانية والكمالية في جوهرها، وأعضاء القضاء الأعلى المنتمين إلى تيارات مختلفة، بفضل اللافتة ذاتها، سواء شاركوا في الأحداث أم لم يشاركوا، وكانوا منتمين إلى حركة الخدمة أو لم يكونوا على أي صلة بها، وذلك من أجل التغطية على جريمة استعانته بالتنظيمات الإرهابية في تنفيذ مشاريعه في الداخل والخارج، مثل تنظيمي داعش وحزب العمال الكردستاني، والتي كشفها الجيش التركي عبر حادثة استيقاف شاحنات المخابرات التركية المحملة بالأسلحة المرسلة إلى داعش في سوريا. بمعنى أن أردوغان انتقم من جهازي الأمن والقضاء السابقين من خلال توظيف تحقيقات الفساد، والمؤسسة العسكرية بذريعة محاولة الانقلاب الفاشلة، ثم شرع في وضع اللمسات الأخيرة لنظامه الشخصي، مدعيا أن حركة الخدمة هي من تقف وراء الحادثتين، مع أنه وكل العالم يعلم أن هذه الحركة براء عن كل هذه الاتهامات بشهادة سيرتها الذاتية الناصعة.