×
محافظة مكة المكرمة

المطلوب الأول للسعودية وأميركا.. صانع المتفجرات الأخطر «العسيري» يظهر مجدداً

صورة الخبر

من المعروف أن الرأي العام يتأثر بشدة بالعواطف والاشاعات، ولذلك لا يستغرب أن يكون رأي الشارع غير دقيق أو خطأ في كثير من الأحيان. مؤخرا تعاطف المواطنون بشدة مع قضية ايجارات محال المباركية. وصلت المسألة لدرجة ان النخب السياسية والإعلامية التي يفترض أن تكون صوتا للعقل والمنطق باتت تنظر للوضع بشكل عاطفي يفتقر إلى الموضوعية أو حتى أبسط درجات المنطق. من الذي يرفع الأسعار على المستهلك وينهب أموال الدولة؟ لا يخفى على الجميع أن أكثر محال سوق المباركية هي محال يقوم باستئجارها مواطنون بأسعار رمزية من أملاك الدولة ليقوم بعد ذلك بتأجيرها أو تضمينها بسعر أعلى بكثير من السعر الرمزي على وافد يدير المحل ويقوم بكل الأنشطة التشغيلية والتجارية. ويقوم المستهلك بدفع أسعار السلع المحملة بالأجرة الرمزية التي تحصلها الدولة والأجرة العالية التي يحصل عليها المواطن صاحب المحل والتكاليف التشغيلية التي يقوم بها الوافد. وللاستدلال على ما سبق يكفي أن ننظر إلى خلوات المحال التي تجاوزت مئات الآلاف لنعرف أن هناك مالا سهلا يتكون لأصحاب المحال على حساب المستهلكين والدولة. مؤخرا مع تطبيق عقد الشراكة الجديد لسوق المباركية دخلت الشركة الجديدة لتصحح وضع الإيجارات الرمزية للدولة وتزاحم أصحاب المحال الذين استغلوا أموال الدولة ورفعوا الأسعار على المستهلك. إذ كان الهدف الرئيسي من عملية الشراكة هو تحصيل الأموال بشكل أكثر عدالة بين الدولة والشركة الجديدة وأصحاب المحال دون رفع الأسعار على المستهلك، وذلك لشدة استفادة أصحاب المحال بأسلوب أقرب إلى النهب منه إلى التجارة الشريفة على حساب الدولة والمستهلك والوافد الذي يدير ويشغل المحل. (لا توجد شفافية كبيرة حول العقد الجديد لكن تم افتراض منطلق اصلاحي) بسبب العاطفة أصبح المواطنون يحمون من ينهب أموالهم كثيرا ما يستاء المواطنون من حماية الدولة للفاسدين. لكن جاءت المفارقة الغريبة في حادثة محال المباركية عن طريق مساعدة المواطنين أنفسهم لمن يسيء استغلالهم وتشجيعه على الاستمرار بذلك. للأسف بسبب المسرحية التي قام بها أصحاب المحال، بدل الرجوع إلى المنطق، تعاطف المواطنون والنخب السياسية والكثير من الإعلاميين مع أصحاب المحال الذين يغرفون من أموال الدولة والمستهلك دون أي جهد يذكر. وأصبح المواطنون الذين يتذمرون من نهب فئة قليلة لأموالهم، أصبحوا يحمون ويدافعون عن أصحاب المحال الذين ينهبون أموال الدولة ويستغلونهم. بدلا من أن يدفعوا ويضغطوا للوصول إلى حل يحقق التوازن بين أموال الدولة والمستثمر الجديد وأصحاب المحال دون أن يتسبب ذلك في رفع الأسعار عليهم كجزء من مسؤوليتهم نحو الإصلاح الاقتصادي المرتقب. محاربة التأجير بالباطن لأملاك الدولة جزء من الإصلاح الاقتصادي يشكل التضمين أو الايجار بالباطن عبئاً مالياً على المستهلك غير مبرر اقتصاديا. اذ يستفيد من يؤجر أملاك الدولة بالباطن من الفارق بين السعر المخفض من الدولة بهدف توفير السلع والخدمات بأسعار معقولة للمستهلك وسعر السوق الخاضع لقوى العرض والطلب. فقد كانت الدولة تضحي بنصيبها عن طريق تخفيض الإيجارات إلى مستوى أقل من سعر السوق ليستفيد المستهلك. لكن مع الأسف لم يستفد من ذلك إلا المستغلون لأملاك الدولة الذين في الأغلب حصلوا على الامتيازات بالواسطة والمحسوبية أو طرق أخرى غير نزيهة. مما سبق، يكون من المنطقي أن ترفع الدولة الإيجارات على أملاكها التي لم يستفد المستهلك من انخفاض ايجارها بهدف تحصيل جزء من الأرباح غير المستحقة التي يحصل عليها أصحاب المحال وغيرهم. فهي أموال عامة تخسرها الدولة دون تحقيق أي قيمة اقتصادية مضافة للمستهلك. وهنا من منطلق الإصلاح الاقتصادي السليم لا بد من توجيه الرأي العام ليقف ضد من يسيء استغلال أملاك الدولة ولا يحقق أي فائدة للمستهلك دون التسبب في أي رفع مستقبلي للأسعار. خارج النص بعد أيام ستقام حفلة غنائية لم يتمكن الكثيرون من حجز مقاعد لها. ليس لأنهم تأخروا بالحجز أو شيء من هذا القبيل. لكن وحسب ما هو متداول، بأنه تم تفعيل رابط آخر للحجز خاص للزبائن المرغوب فيهم فقط، غير الرابط التقليدي كما هو حال باقي الحفلات. وهذا يدل بوضوح على أن تكوين علاقات مع المتنفذين في الكويت أفضل عند أصحاب الأعمال من الممارسات التجارية السليمة مع الزبائن. وما زاد الأمر سوءاً، هو الاستعانة بمغردين معروفين بكلامهم المرسل بأسلوب كوميدي لتبرير هذا الفعل غير الأخلاقي. لذلك لن أستبعد أن أجد كبار المسؤولين الحكوميين والمتنفذين والمغردين، ومن يعز عليهم داخل قاعة الحفل، وكأنهم كانوا أول من قام بالدخول على الموقع عند فتح باب الحجز!     محمد رمضانكاتب وباحث اقتصاديrammohammad@