وكلاء توريد السيارات الذين تصاعدت مطالباتهم بتعديل قوانين شراء السيارات وتحرير القطاع تدريجيا وضرورة التصدي للتوريد العشوائي، بعد أن تكبدوا خسائر نتيجة الكساد الذي ضرب تجارتهم.العرب رياض بوعزة [نُشر في 2017/03/21، العدد: 10578، ص(11)]أين الزبائن كشفت مصادر مطلعة في وزارة الصناعة والتجارة التونسية أن الحكومة تعمل حاليا على مراجعة الضريبة على الدخل وخاصة مداخيل الطبقة المتوسطة بهدف دعم ترويج برنامج سيارات محدودي الدخل (السيارات الشعبية) الذي أطلق قبل 23 عاما. وأكدت المصادر التي رفضت الكشف عن هويتها لـ“العرب” أنّ الحكومة ستقرر خلال مجلس وزاري في الأيام القادمة كل التعديلات الخاصة بقانون 1994 المتعلق بتنظيم توريد السيارات الشعبية، ليتم في ما بعد إحالة المشروع على البرلمان للمصادقة عليه. ووفقا لبيانات الوزارة، فإن أكثر من 80 بالمئة من الملفات المشاركة في الحصول على هذا الصنف من السيارات تم رفضها بسبب تدني معدل الدخل السنوي للتونسي الذي لا يتجاوز خمسة آلاف دينار (2.2 ألف دولار)، وهو السقف المخوّل للانتفاع بالبرنامج. ويطالب وكلاء السيارات بمراجعة ملف توريد السيارات من خلال تحرير توريدها من أجل الضغط على الأسعار، بعد أن دخل سوق بيع السيارات في ركود غير مسبوق جراء عدة عوامل مرتبطة بالوضع الاقتصادي الراهن. ويتوقع أن تقوم الحكومة بإدخال تعديلات على قانون نظام الضرائب رقم 103 الصادر سنة 2002 خاصة في الجزء المتعلق بنسبة الضريبة على الدخل لتوسيع دائرة المنتفعين بهذا البرنامج. ويشكو العديد من التونسيين وخاصة الموظفين الذين استطلعت “العرب” آراءهم من عدم قدرتهم على التمتع بالبرنامج بسبب الشروط المعقدة التي لا تتلاءم مع مداخليهم. وقال زياد العذاري وزير التجارة والصناعة إن “القانون المعمول به حاليا لم يعد يصلح بالنظر إلى مداخيل التونسيين والوضع الاقتصادي الراهن بالبلاد لذلك رأينا إجراء تعديلات على القانون المتعلق بشراء السيارات الشعبية”. وأكد العذاري في تصريح صحافي في وقت سابق هذا الشهر أن مستوى دخل التونسيين جعل الإقبال على هذا البرنامج ضعيفا للغاية وأقل مما هو متوقع، مشيرا إلى أنه تم تسجيل خلال العام الماضي مؤشرات تدل على ذلك. ويؤكد اقتصاديون أن تآكل الطبقة الوسطى وتراجع القدرة الشرائية للمواطنين وتدهور سعر صرف الدينار أمام العملات الرئيسية علاوة على اختلال الميزان التجاري، تعدّ من أهم العوامل التي دفعت التونسيين إلى صرف النظر عن شراء السيارات في السنوات الأخيرة. وتأتي الخطوة بعد إصرار غرفة وكلاء وتصنيع وتوريد السيارات على رفع سقف الضريبة على الدخل للمنتفعين بالبرنامج من 5 آلاف دينار (2.2 ألف دولار) إلى 8 آلاف دينار (3.5 ألف دولار) لتوسيع دائرة المستهلكين لشراء هذا الصنف من السيارات. ويقول مهدي محجوب الناطق باسم الغرفة إنه رغم تنامي الطلب على السيارات الشعبية، إلا أنّ قانون سنة 1994 المتعلق بشراء هذا الصنف من السيارات يحرم الكثير من التونسيين من التمتع بالبرنامج الذي يعتمد على توريد 8 آلاف سيارة سنويا. وأرجع محجوب ذلك التراجع إلى رفض البنوك المحلية منح قروض للتونسيين نظرا لاختلال نسبة الضرائب على المداخيل والشروط المتعلقة بشراء السيارات التي تضاعفت أسعارها لتصل في المتوسط حاليا إلى 24 ألف دينار (10.5 ألف دولار) بينما كان لا يتجاوز سعرها مع بدء البرنامج سقف 4.4 ألف دولار. ويتضمن قانون المالية لعام 2017 رفع نسبة الضريبة على القيمة المضافة للسيارات من 12 بالمئة إلى 18 بالمئة، وهو ما يعني أن أسعار السيارات سترتفع آليا، الأمر الذي يجعل أغلب التونسيين عاجزين عن شراء سيارات جديدة. ورغم الحوافز الحكومية لتشجيع وكلاء السيارات على توريد السيارات الشعبية خاصة قرار وزارة الصناعة والتجارة القاضي بزيادة هامش الربح من 218 دولارا إلى 440 دولارا عن كل سيارة يتم بيعها، إلا أنّ الخطوة لم تنقـذ القطـاع من حـالة الركود التي يعيشها. وبحسب بيانات غرفة وكلاء توريد السيارات، فإنه تم توريد العام الماضي حوالي خمسة آلاف سيارة شعبية بيعت منها حوالي 1500 سيارة فقط. ويعود هذا البطء في المبيعات، وفق المختصين في القطاع، إلى الإجراءات الإدارية الخاصة بعمليات التوريد والتي تمر من مرحلة تسجيل الزبائن وإرسال القائمات إلى وزارة الصناعة والتجارة للحصول على القرارات اللازمة في ذلك. ولم يقم ثلاثة وكلاء بتوريد حصصهم العام الماضي، وهم وكلاء شركة رينو الفرنسية وشركتا نيسان وميتسوبيشي اليابانيتان من أصل 11 وكيل بيع سيارات يعمل في البلاد. وتشير بيانات إحصائية رسمية، إلى أنّ رقم معاملات توريد السيارات في تونس يبلغ سنويا قرابة 610 مليون دولار، وهو لا يتجاوز 5 بالمئة من إجمالي واردات البلاد.