×
محافظة حائل

مجانين الأهلي: «ناوين الكأس»

صورة الخبر

الدمام علي عاشور الكتاب: شرفة على أرواح أمهاتنا المؤلف: سماء عيسى الناشر: دار مسعى 2014 هل الشرفة عندما تفتح، بيدٍ أو بقلمٍ على ورق، هي حقاً شرفة ٌ فقط؟ إذ لا تستطيع تجاوز هذه المفردة وهي متسعٌ على أرواح أمهاتنا! هذا ما أيقنه الكاتب العماني سماء عيسى وهو يضع عنوان كتابه «شرفة على أرواح أمهاتنا» الصادر عن دار مسعى 2014. عنوان ٌ هو فاتحة نصوصه، فاتحة رؤاه المتناثرة على نظرات الحياة و الوجود والألم والجوع والميثولوجيا والتراث العماني بقصصه وجغرافيته. نصوص ٌ ميلودرامية، مفتوحة كالشرفات بسردٍ شاعريّ وسيناريو يتلبس الكاتب شخوصه حينا، وتسيطر على قلمه وتجرفه معها متلبسةً إياه حيناً آخر. اللغة ُ لا تعمد ُ تركيب مفرداتها بصيغ المضاف والمضاف إليه، والجمل الاسمية المتناثرة بوفرتها وكثرتها على الصفحات، إلا أنها سيطرت على الكاتب بتركيبات محدودة ومتكررة في كلماتها ومعانيها، وخصوصاً في النص الأم، علّ الفكرة من أجبرته، أو علّها الشاعرية التبادلية ما بين الموت والحب من طغت واستحوذت عليه. عمل ٌ يجذبك بعذوبته، والفانتازيا التي خلقها سماء، هي سماء ٌ تأوّل الروح، وترتكزُ على الحاجة الإنسانية النفسية والجمالية، وتضع الجسدَ، إذ الجسد ُ فناءٌ محتمٌ، في قائمة الحسمِ على فقدانه وعدم الالتفات إليه كثيراً في النص. قد يكون مرض الأم، أو مرض الملاريا الذي أصابهُ، أو فقدان أحبّائه، وانتهاك حياة الإنسان عبر التاريخ التي تؤرقه، جعلته يجهشُ بمفردات الحاجةِ والسأمِ: كالجوع والطعام والدمِ والبكاء والأرواح والموت. يوزّع الأفكار بعناوين ترتّبت وتواترت بتجلّ ملحوظ، إذ الأم والموت والحب والذكريات والسيرة المختصرة في «شرفة على أرواح أمهاتنا» بينما الحس الميثولوجي الذكي في «الجرار»، النص الذي أعطى الدلالات المحلية للأسطورة أو الشعب القديم للمنطقة، كما سطّر وجهات النظر لعنوان الوجودِ الآدمي – جسداً وروحاً – بحوارٍ يتناوبه الكاتب وآخره. لتطلعات المرأة العمانية وأثر الحياة القروية والزراعية سطوة ٌ كبيرة. كما لسماء عيسى تطلعاته الفكرية، حيث يؤسس للقارئ وجهة النظر القائلة: امتدادي التاريخي، وحاضري الاجتماعي، لا يفتأ السريان بذاتي. «شرفة على أرواح أمهاتنا» المرور بولاداتٍ عدّة، وبعلاقات مملوءة بالعاطفة، كما هي الأم والأبناء، فاختيار الكاتب للشرفة الأكثر تأثيراً بالشجن ليس محل إسقاط للمعنى أو مجازاً عابراً، بل ذكاء قلمٍ يعيدك إلى الحنين الأول، حيث تتطاير صور الطفولة، حتى تسلبك َ وحشك القابع بداخلكَ دون كلمةٍ تحرّض الرحيل.