×
محافظة المنطقة الشرقية

البتال: أمير الشرقية حريص على صحتكم ومتابعا للجناة

صورة الخبر

عمّان: ماهر عريف تتطلع حنان عزمي أبو عثمان، لأن تصبح أول عربية، برتبة «ربّان أعالي البحار»، بعدما سجّلت أسبقية دراسة المجال نسائياً في الأردن، ووصلت حتى الآن إلى درجة «ضابط نوبة ملاحية»، وتجاوزت صعوبات مختلفة بمساندة وتكاتف أفراد أسرتها، الذين تعدّهم سر نجاحها. في أول حوار صحفي معها، تؤكد أبو عثمان «27 عاماً»، أنها اكتشفت نفسها من جديد، بعدما مرّت بتجربة اجتماعية غيّرت مسار حياتها، وجعلتها تعود إلى مقاعد التعليم، وترتدي «مريول» المدرسة عقب زواجها وإنجابها، قبل أن تتجه للعمل مضيفة طيران، ثم تلتحق في الأكاديمية الأردنية للدراسات البحرية. بحضور أفراد أسرتها، تحدثت أبو عثمان ل «شباب الخليج»، في منزل شقيقها «جهاد»، في العاصمة عمّان، بعد وصولها من رحلة بحرية عبر ميناء العقبة جنوبي المملكة، وقبيل تجهيزها لأخرى. في البداية حدثيني عن تأثير تجربة اجتماعية غيّرت مسار حياتك؟ أنهيت الصف الأول الثانوي، وتزوجت في سن مبكرة، قبل نحو 10 أعوام، وأنجبت «عيسى»، ونتيجة عدم الاتفاق مع والده، انفصلنا، وعدتُ مع طفلي إلى منزل أسرتي، وبقيت 3 سنوات «مُعلّقة»، للحصول على الطلاق، قررت خلالها بتحفيز أمي وأبي وأشقائي، تغيير مسار حياتي، وبدأتُ بالحصول على رخصة لقيادة السيارة، والعودة إلى مقاعد الدراسة، وكنتُ أرتدي «المريول»، وأقود مركبة والدي إلى المدرسة، وأحضر جميع الحصص، ثم أرجع إلى المنزل، لأعتني بابني، حتى أكملت «التوجيهي»، في القسم العلمي، بنسبة تقترب من 80%، وانطلقت تجاه خطوة عملية جديدة. ما دافعك للعمل مضيفة طيران تالياً؟التجربة الاجتماعية الشخصية، أحدثت نقلة نوعية في حياتي، وأردت أن أبدأ من جديد، مع المحافظة على احتشامي وثقة أهلي، وعندما ذهبت بصحبة والدتي للالتحاق بالعمل كمضيفة، فور انفصالي عن زوجي السابق، اشترطوا في شركة الخطوط الملكية الجوية، حصولي على «التوجيهي»، كحد أدنى، وإجادتي اللغة الانجليزية، وهذا ما فعلته لأجد مكاناً ضمن طاقم الطائرة.ماذا تقولين عن تلك المرحلة؟كانت الأصعب، لأنني تحديت نفسي، وأردت أن أثبت قدرتي على تخطي بعض العراقيل، وعملت طوال عامين بين رحلات السفر على متن الطائرات، بدون إحباط، لكن مخاوف أسرتي بسبب تكرار بعض الحوادث الجوية، وتباين مواعيد المغادرة ليلاً ونهاراً، دفعني إلى عدم تجديد العقد مع الشركة، وشققت طريقاً آخر.هل صحيح أنّكِ فكرتِ في دراسة المختبرات الطبية بعدها؟نعم، وكنت بصدد إنهاء إجراءات التسجيل في إحدى الجامعات قبل معرفتي بفتح باب القبول في الأكاديمية الأردنية للدراسات البحرية، ولم يكن لدي ميول واضحة لذلك، لكن الفكرة لمعت في رأسي فجأة، وبتشجيع كبير من أمي، ذهبنا معاً للأكاديمية، قبل ساعات من نهاية موعد الالتحاق، وأنجزنا الأوراق والفحوصات الطبية اللازمة، وأتممت طلب التقديم في الوقت الحاسم ضمن دفعة 2011.كيف تصفين نظرة الإدارة وزملاء دفعتك حينها؟الإدارة رحّبت على اعتبارها سابقة في الأردن، والزملاء تعجّبوا واستهجنوا في البداية، وتوقعوا انسحابي سريعاً، لأنني أول أردنية تدخل هذا المجال، وكان ذلك غريباً، لكن الأمر تحوّل لاحقاً إلى إعجاب وتشجيع، لاسيما مع تفوقي، وحصولي على المركز الأول بينهم. كيف سارت مرحلة الدراسة؟شدّني كثيراً وجود مواد تتعلق بالأرصاد والفلك، وفهم الخرائط وقوانين البحر، وسارت مرحلة الدراسة الأكاديمية لعامين، ثم التدريب العملي على المراكب والسفن والبواخر، لمدة عام، والحصول على دورات لاحقة بشكل إيجابي، وتدرّجت وفقاً للرُتب، حتى وصلت حالياً إلى «ضابط نوبة ملاحية ثان مسؤول»، وبصدد الحصول على «كبير ضبّاط»، لأكمل مشواري بعدها، وأصبح أول «قبطانة» بحرية عربية بدرجة «ربّان». ألم تسبقك المصرية مروة السلحدار عام 2013؟سبقتني في دخول المجال، كأول عربية بصورة عامة، ويحسب لها ذلك بكل تأكيد، ونحن نطلق عُرفاً وبصورة مجازية على كل من يتولى هذه المهمة، مسمى «قبطان»، لكنني أطمح أن أصبح أول أنثى برُتبة «ربّان أعالي البحار»، في الوطن العربي، بدرجة علمية وخبرات متخصصة، وهذا يتطلب إنجاز دراسات ودورات لعامين، وتدريبات أخرى، لمدة عام على الأقل. ما مهامك الحالية؟بدأتُ مهامي الرسمية العملية في البحر قبل نحو عام ونصف العام، وبصفتي «ضابط نوبة ملاحية مسؤول»، في شركة الجسر العربي، فإنني مؤهلة للعمل على وسائل النقل البحرية المخصصة للركاب، من وزن 50 طناً، إلى 300 ألف طن، ومنذ 6 شهور أتولى مسؤولية سفن وبواخر على متنها 1000 راكب، و20 مركبة، ومهامي تتعلق بتوجيه خط سير الرحلة وتطبيق مسار الخرائط، والإشراف على «البحّارة»، و«الزيّاتين»، ومجموعة عمّال ميدانيين. ماذا عن تقبّل الموظفين لإصدارك التعليمات؟كان هناك شيء من الحرج أوّل الأمر، لأنني أنثى أولاً، وصغيرة في السن ثانياً، قياساً على موظفين آخرين، وكان صعباً عليهم، نوعاً ما، تقبّل ذلك في البداية، لكنني تعاملت مع الموضوع بصفة مهنية حاسمة، ولم ألمس تعنتاً شديداً منهم. } هل وجدت اعتراضاً من بعض الركاب؟ واجهت استغراباً وتجمعاً عند الحاجز الزجاجي للمراقبة، بعد التفاجؤ بوجود «قبطانة» في الرحلة، وأحدهم رفض الصعود على السفينة، ثم تقبّل الأمر، وألمس مشاعر اعتزاز من الشابات والسيدات تحديداً. ماذا عن خط رحلاتك ومدتها؟بين العقبة وطابا وبين العقبة ونويبع، وبين شرم الشيخ والغردقة، ومدة كل رحلة لا تتجاوز 3 ساعات غالباً، لكنني ملتزمة بالبقاء طوال مدة العقد من 3 إلى 6 شهور، على متن المركب أو السفينة أو الباخرة، وعدم المغادرة إلى اليابسة إلاّ وفق تصاريح.هل واجهتك بعض المخاطر؟درجة الأمان في وسائل النقل البحرية عالية، وهناك فريق متخصص يمكنه التعامل مع الطوارئ، والأمر لا يخلو من ارتفاع الموج، وشدة سرعة الرياح، لكنني لم أتعرّض إلى موقف خطر. ماذا عن دعم الجهات المعنية لكِ؟لمست تشجيعاً معنوياً من إدارة الأكاديمية الأردنية البحرية، عند التسجيل، وخلال الدراسة، تمنّيت دعماً محفزاً يفتح المجال لاستقطاب شابات أخريات في ظل ارتفاع التكلفة المادية، لكنني لم ألقَ ذلك، ولم يتم تسليط الضوء على تجربتي إعلامياً، كما توجهت والدتي بطلب إلى جهات رسمية للحصول على منحة مالية بدون جدوى، ووعدتنا وزيرة نقل سابقة بالمساندة بدون تحقيق ذلك، وساعدتني شركة عملي في الحصول على قرض، قمت بتسديده عبر الخصم من راتبي.هل هناك شابات أردنيات دخلن المجال بعدك؟لا حتى الآن، وأعتقد أن الأمر مرتبط بإشكالات الدعم والتحفيز أسرياً، ومن جهات خاصة وعامة، وأطراف إعلامية. ما سر نجاحك؟أفراد أسرتي، الذين سخّروا أنفسهم حتى أنجح، وكادوا يبيعون منزل العائلة لإكمال مشواري الدراسي والمهني، وأقامت والدتي في فترة سابقة في مدينة العقبة، حتى تبقى قريبة مني، وأعتقد أنهم يحققون حلمهم الكبير من خلالي، وهذه مسؤولية مضاعفة ملتزمة بإيفائها.ماذا عن إمكانية تركك العمل حال اشتراط شريك حياتك مستقبلاً؟لن أفعل، ومؤخراً رفضتُ متقدّماً للزواج، لأنه اشترط جلوسي في المنزل، وأعتقد أنني سأتزوج «قبطاناً»، أو صاحب دراية كافية بمجال عملي. ماذا عن طفلك عيسى؟يدرس في الصف الرابع التأسيسي، واصطحبته معي ذات مرة، وصار يتفهم سبب غيابي، وأسرتي اليوم على علاقة طيّبة مع والده، ونحن انفصلنا وديّاً في نهاية الأمر، وهو تزوج من أخرى بعد طلاقنا، لكننا نتكاتف من أجل تنشئة سوية لابننا، برعاية أمي في المقام الأول. «سندبادة» محل ثقة حنان أبو عثمان كبرى أشقائها، تطلق عليها والدتها أميرة أبو عامر «ربة بيت»، لقب «سندبادة»، وتدفعها نحو المزيد من التفوّق، فيما يؤكد والدها عزمي أبو عثمان «متعهد بناء»، فخره بابنته، وتجدها شقيقتها ياسمين أبو عثمان «طالبة جامعية في كلية الحقوق»، بمثابة نموذج وقدوة، ويبدي شقيقها جهاد، الأب لثلاثة بنات، ثقة دائمة في عطائها، وينسحب ذلك على شقيقها الأصغر عبد الناصر، ويراها معلمها وصديق أسرتها جهاد الشوبكي، قادرة على الوصول إلى مواقع مهمة، ويشير إلى استمداده من تجربتها عودته لإكمال دراساته العليا.