تخضع استراتيجية "أوبك" لتحقيق التوازن في سوق النفط، ودعم الأسعار عبر تقليص تخمة المعروض العالمية خلال المرحلة الراهنة لأكبر اختبار قد تواجهه، بحسب تقرير لـ"بلومبيرغ". ويهدف اتفاق "أوبك" الذي أعلن عنه نهاية نوفمبر لتحفيز عملية تآكل المخزونات العالمية، لكن بشكل أو بآخر كان لذلك أثر جانبي غير مرغوب، وهو تزايد إنتاج الولايات المتحدة بشكل كبير وتعاظم مخزوناتها لأعلى مستوى على الإطلاق. وبطبيعة الحال، تسبب ذلك في تخلي أسعار الخام عن جزء كبير من المكاسب التي حققتها عقب الاتفاق، ومع تحول التركيز إلى ما ستقدم عليه المنظمة لاحقاً، فهناك نقاط تحدد المسار الذي قد يتحول إليه سوق النفط. 1- كسر مستوى 50 دولاراً للبرميل هبطت أسعار خامي "برنت" و"نايمكس" بأعلى وتيرة خلال أكثر من عام بنهاية تعاملات الأربعاء 8 مارس الجاري، وأعقب ذلك تراجع الخام الأميركي أدنى 50 دولاراً للمرة الأولى منذ ديسمبر. وقال مؤسس صندوق تحوط السلع البريطاني "Matilda Capital Management" ريتشارد فولارتون، إن السوق سيدخل في حالة من عدم اليقين الشديد لأيام عدة، لكن السؤال هنا هو إلى متى ستمتد هذه الحالة؟ وأضاف فولارتون أن أعضاء "أوبك" وغيرهم من المنتجين بذلوا جهوداً مضنية لإبراز درجة الامتثال المرتفعة لخطة خفض الإنتاج، ومن الغريب أن تنهار الأسعار الآن. 2- انهيار المنحنى كان الهدف من خفض المعروض، هو قلب سوق النفط رأساً على عقب ليدخل إلى الاتجاه المعروف بـ"الميل إلى التراجع"، وهذا يعني أن الأسعار خلال المدى القصير ستكون أفضل مقارنة بتلك البعيدة، ما يضمن تزايد إيرادات "أوبك" دون منافسيها. ومع ذلك، انخفض الفرق بين أسعار خام "نايمكس" لشهر ديسمبر للعامين الحالي والمقبل، بينما عقود "برنت" لأقرب تسعة أشهر ما زالت أيضاً ضمن هذا الاتجاه. وقال العضو المنتدب لشركة الاستشارات "بتروماتريكس" أوليفير جاكوب، إن التشكك إزاء ما يحدث في السوق إنما يدل على أنه ما زال هشاً للغاية. 3- خيارات الاتجاه الهبوطي تتحول أسواق الخيارات أيضاً بشكل متزايد نحو هبوط أسعار العقود المستقبلية، بينما الفرق في تكلفة عقود النفط الهابطة والصاعدة والمعروف بـ"الانحراف" تحرك بحدة لصالح انخفاض الأسعار. وأعقب ذلك تسجيل ثاني أعلى حجم تداول على الإطلاق لعقود الخيارات من خام "نايمكس" الأميركي يوم الأربعاء، حيث سعى المستثمرون نحو التحصن ضد انخفاض الأسعار. ومن المؤكد أن تراجع الأسعار أدنى مستويات نوفمبر هو آخر ما كانت تنتظره "أوبك" عند إبرام اتفاق خفض الإنتاج، لذا يرى محللون أن هبوط الأسعار أخيراً هو تحدٍّ أصيل في مواجهة تطلعات المنتجين. 4- عودة البائعين انخفاض الأسعار، من شأنه اجتذاب البائعين على المدى القصير، مما يشكل عقبة أخرى في طريق "أوبك" لدعم الأسعار، إلى جانب ذلك ارتفع عدد عقود خام "نايمكس" المعلقة إلى مستويات شبه قياسية تزامناً مع هبوط الأسعار، مما يعزز من الرهان على حدوث انخفاض أكبر. عقبة فنية إذا كان كل ما سبق ليس كافياً بالنسبة لـ"أوبك" كي تعيد التفكير فهناك أيضاً قضية فنية يجدر الالتفات إليها. أنهت أسعار "برنت" و"نايمكس" تعاملات الأربعاء أدنى متوسط تحركاتها لـ50 يوماً و100 يوم، بينما هبطت أدنى متوسط تحركات 200 يوم عند إغلاق الخميس، وهو ما يصفه محللون بـ"البيع الفني".