أبوظبي: نجاة الفارس حراك ثقافي حضاري منقطع النظير تشهده الدولة منذ إعلان مبادرة عام القراءة في العام الماضي من قبل صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، فقد تسابقت المؤسسات الثقافية، في إطلاق فعاليات تدور في فلك القراءة، وقد كثّفت هذه المؤسسات من عدد فعالياتها، وطوّرت من مستواها ، وهو الأمر الذي انعكس على مجمل فعاليات شهر القراءة.حرصت دار الكتب في هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة على أن تكون سبّاقة في الاستجابة للمبادرات التي أطلقها صاحب السمو رئيس الدولة الرامية إلى ترسيخ القراءة كعادة مجتمعية دائمة في الإمارات ولدى الأجيال القادمة، وكانت البداية بالاستجابة لمبادرة «عام 2016 عاماً للقراءة»، من خلال تنفيذ عدد من المبادرات التي تهدف لجعل عام القراءة هو بداية لتغيير في علاقة الأفراد بالكتاب وجعل القراءة جزءاً لا يتجزأ من ثقافة المجتمع . في هذا السياق قال عبدالله ماجد آل علي المدير التنفيذي لقطاع دار الكتب بالإنابة: «لقد كان العام الماضي حافلاً بالجهود والإنجازات دعماً لمبادرة عام القراءة»؛ حيث أطلقت دار الكتب مبادرة لدعم المكتبات التابعة للمؤسسات الحكومية والمجتمعية، فتمّ تزويدهم بمختارات متنوعة من إصدارات الهيئة ومشروع «كلمة» للترجمة، وحرصنا على أن تتناول الكتب المهداة مختلف جوانب الحياة وتلبي احتياجات مختلف الفئات العمرية بهدف خلق جيل مثقف قارئ ومطّلع على كافة الثقافات والشعوب الأخرى، ولتعزيز وعي الأجيال الصاعدة بأهمية القراءة وقيمتها في بناء العقول المستنيرة وأثرها في دفع عجلة تقدم المجتمعات وازدهارها، فاشتملت على كتب في الأدب، والتاريخ، والجغرافيا، والعلوم، والإدارة والاقتصاد، والفنون والألعاب وغيرها».وأوضح عبدالله ماجد «بلغ عدد المستفيدين من هذه المبادرة أكثر من 70 جهة تتنوع ما بين مؤسسات حكومية وغير حكومية مثل: «مبادرة تبون تقرون؟!» إحدى مبادرات برنامج الشيخة شما بنت سلطان بن خليفة آل نهيان للقراءة الإبداعية لدى الأطفال في المستشفيات والعيادات، أبوظبي للإعلام، نادي تراث الإمارات، مكتبة وزارة شؤون الرئاسة، مكتبة الدفاع المدني، مكتبة مجمع جسيورة، إلى جانب مكتبات سفارات الدولة بالخارج، ومكتبات عدد من البلدان العربية كمكتبة طانطان في المغرب، ومكتبة حديقة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان في لبنان...إلخ. وأعرب عبدالله ماجد عن اعتزازه بهذه المبادرة التي عكست عمق أواصر التعاون والشراكة بين المؤسسات الحكومية على مستوى أبوظبي ومدينة العين والمنطقة الغربية، وكشفت عن حجم الاهتمام بنشر المعرفة والثقافة في المجتمع المحلي. وبمناسبة تخصيص شهر مارس/ آذار من كل عام شهراً للقراءة، أكد عبدالله ماجد أن دار الكتب ستستمر في إطلاق المبادرات التي تترجم الاستراتيجية الوطنية للقراءة الساعية إلى ترسيخ القراءة كأسلوب حياة في المجتمع الإماراتي بحلول عام 2026؛ وذلك بالتعاون مع المؤسسات الحكومية والخاصة، ومن خلال دعم مكتبات الجامعات والمعاهد والمستشفيات ودور الرعاية. وأضاف آل علي: «ستكثّف دار الكتب جهودها في دعم الجامعات ومراكز البحوث والدراسات خارج الدولة بمختارات متنوعة من إصدارات الهيئة ومشروع «كلمة» وذلك تشجيعاً للبحث العلمي وإجراء البحوث والدراسات التي تسهم في تطوير وتنمية المجتمعات العربية وبهدف دعم حركة النشر باللغة العربية والتعريف بمكانة اللغة العربية كلغة كبرى بين لغات العالم، مشيراً إلى أن هذه الجهود تصبّ أيضاً تجاه دعم مبادرة «عام الخير».المزيد من الأنشطة والفعاليات: يذكر أنه على مدار العام، نظّم قطاع دار الكتب بهيئة أبوظبي للسياحة والثقافة سلسلة من الفعاليات والأنشطة لترسيخ ثقافة القراءة لدى كل فئات المجتمع، لعل أبرزها «احتفالية 900 كتاب» التي أطلقها مشروع «كلمة» للترجمة تحت شعار «وخير جليس في الزمان كتاب» احتفاء بعام القراءة والذي تزامن مع مرور تسع سنوات على انطلاق المشروع منجزاً خلالها 900 كتاب في مختلف مجالات المعرفة ومن عدة لغات عالمية. واستمرت الفعالية الثقافية لمدة ستة أيام وتضمّنت معرض كتاب خاص بكتب «كلمة» قدّم خصومات بنسبة 80% على جميع الإصدارات بمشاركة مع ياس مول ومكتبة جرير، وصاحب ذلك مجموعة من الندوات الثقافية وبرنامج خاص للأطفال. وفي الإطار نفسه، نظّمت دار الكتب معرض كتاب في مكتبة زايد المركزية بمدينة العين في 6 مارس/ آذار 2016، اشتمل المعرض على 620 عنواناً من إصدارات دار الكتب ومشروع «كلمة»، وتميّز المعرض بأنه أتاح الفرصة للزوار لاقتناء عدد كبير من الكتب مقابل درهم واحد لكل كتاب، مما شكّل أكبر تظاهرة ثقافية ومعرفية تشهدها مدينة العين.كما اهتمت دار الكتب بتنظيم برنامج ثقافي متنوع للأطفال على مدار العام تضمن عدداً من الأنشطة التفاعلية الثقافية التي تجسّد رؤية هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة في ترسيخ عادة القراءة عبر تقديمها للأطفال في قالب ترفيهي هادف، منها مسابقة «القارئ المبدع» والتي تهدف إلى تعزيز عادة زيارة المكتبات العامة لدى الأطفال والتعريف بها، ومسابقة «الكاتب الصغير في الكتاب الكبير» الموجهة لطلاب الحلقة الأولى والثانية بهدف دعم المواهب الطلابية وتشجيعهم على التنافس الإيجابي في كتابة القصص، وكذلك مبادرة «كتابك القديم كتابي الجديد» التي تدعم تعزيز وترسيخ مفهوم التبرع لدى الأطفال وفي إتاحة الفرصة أمام الجميع للقراءة عبر تبادل المعرفة من خلال الكتب. و أكد الشاعر سالم بوجمهور مدير اتحاد كتّاب وأدباء الإمارات فرع أبوظبي أن الاتحاد نظّم وما زال ينظّم العديد من الفعاليات والأنشطة التي بعام القراءة، موضحاً أن الاتحاد خلال موسمه الثقافي على مدار العام الماضي نظّم مالا يقل عن 10 فعاليات شهرياً تتفاوت مابين الأمسيات الشعرية أو النقدية أو أمسيات تتم خلالها مناقشة رواية حديثة أو عرض تجربة أديب متميز، إلى جانب استضافة الاتحاد لمعارض فنية تشكيلية، كما تمت إقامة عدة أمسيات وورش عمل عن القراءة وأهميتها، وأنواعها، وطرق القراءة السليمة، كما شارك أعضاء مجموعة الإبداع بقراءة عدة كتب ومناقشتها أثناء الجلسات الأسبوعية للمجموعة، وهذا قليل في حق القراءة ولكن بداية الغيث كما قيل قطرة. وأضاف لقد كان أثر هذه المبادرة الرائعة وما زال واضحاً من خلال فعاليات اتحاد الكتاب، فالفكرة راقية وعظيمة ومن الجميل جداً استمراريتها كخطة استراتيجية عشرية في الدولة، في مختلف المؤسسات الثقافية بل وفي كافة المؤسسات خاصة في شهر القراءة مارس / آذار. وذكر أيضاً قيام الاتحاد بمبادرة مائدة الكتاب؛ حيث يتم توزيع كتب مجانية على من يرغب من الحضور مع فتح باب استلام كتب من جمهور الاتحاد ليتم تداولها وتدويرها بين الجميع. من جانب آخر نظّمت وزارة الثقافة وتنمية المعرفة فعاليات متنوعة احتفت فيها بعام القراءة تحت شعار «الإمارات تقرأ.. الإمارات ترقى» وقد بدأت فعالياتها في الثاني من فبراير/شباط 2016، وكان للوزارة دور مهم في نجاح مبادرات تعزيز عادة القراءة لدى أفراد المجتمع، لتكون كما أكد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، عادة مجتمعية شبابية تعكس شغف شعب الإمارات بالتميز والتسلح بالعلم والتكاتف لتحقيق الرؤية الوطنية 2021. وحرصت الوزارة خلال موسمها الثقافي على مواءمة خططها وبرامجها مع التوجّهات الاستراتيجية للحكومة، باعتماد فعاليات لتشجيع عادة القراءة، والحفاظ على اللغة العربية، والحرص على مشاركة الشباب، وإعلاء قيم الولاء والانتماء وتعزيز العلاقة مع المثقفين والأدباء، وهو ما تمت ترجمته إلى مبادرات محددة الأهداف غطّت إمارات الدولة كافة على مدار العام، ووصلت لأكثر من 100مبادرة وفعالية كبرى شاركت فيها كافة المراكز الثقافية التابعة للوزارة. و يشهد شهر القراءة، مارس الجاري، نشاطاً مكثفاً للوزارة؛ حيث تطلق أكثر من 160 مبادرة متنوعة، وتسعى الوزارة إلى أن تصل مبادراتها التي تهدف إلى تأكيد مكانة القراءة، وتعميق ثقافتها، إلى كافة أنحاء الدولة، ومختلف فئات المجتمع، كما تهدف هذه المبادرات إلى تفعيل التعاون المجتمعي للوصول إلى مجتمع واعٍ ومثقف، وأن يكون الكتاب في متناول الجميع بحيث تتحول الثقافة والمعرفة إلى أسلوب حياة. ومن أهم مبادرات الوزارة خلال شهر القراءة مبادرة بنك الكتاب الذي يركز على إقامة قنوات لاستلام الكتب باختلاف طبيعتها (مستعملة أو جديدة) من أفراد المجتمع والجهات ودور النشر، وتتيح الفرصة لتبادل الكتب بين المهتمين بالقراءة، وهناك مبادرة «منح المعرفة» التي تركز على دعم المخيمات واللاجئين والمجتمعات التي تفتقر للكتب، بحيث توصل إليهم ووسائل المعرفة، كمبادرة من إمارات الخير. وهناك مبادرة لإطلاق جائزة في مجال كتابة القصة القصيرة وذلك للكتّاب والأدباء والمبدعين من الإماراتيين والعرب المقيمين على أرض الإمارات، وتهدف الجائزة إلى نشر القصص الهادفة وتعزيز قيم الثقافة المجتمعية والتركيز على اللغة العربية كوعاء فكري أصيل. أمّا مشروع «إعداد المؤلفين الشباب» فيسعى إلى دعم المؤلفين الموهوبين والمبدعين الإماراتيين، من خلال إطلاق مجموعة من الأنشطة والفعاليات والمسابقات والجوائز الداعمة وتهيئة البيئة الملائمة لتعزيز قدراتهم، وتنمية طاقاتهم الإبداعية في مجالات الكتابة الأدبية. مبادرة «نشر مكتبات المقاهي» تسعى إلى توفير ما يزيد على 80 عنواناً متنوعاً للمقاهي في المراكز التجارية بكافة إمارات الدولة لإحياء ثقافة القراءة في المقهى. وتنظم الوزارة فعالية «القراءة في مجالس الأحياء» من خلال مجموعة من الفعاليات والورش المستمرة لتفعيل دور المجالس في الأحياء كمنابر للقراءة والمعرفة، وسيتم ربط مبادرات عام الخير بمبادرات الاستراتيجية الوطنية للقراءة من خلال تعزيز مفهوم العطاء الثقافي كتوجّه مجتمعي عام ينخرط فيه كافة فئات المجتمع. كما ستتحول المراكز الثقافية التابعة للوزارة خلال شهر القراءة إلى منارات حقيقية للقراءة من خلال مبادرة «نقرأ للإمارات» وهي مبادرة ثقافية معرفية سيتم إطلاقها قريباً، وتهدف إلى إتاحة وخلق المناخ الثقافي والمعرفي لتنمية القدرات القرائية والمعرفية لدى أفراد مجتمع الإمارات، من خلال دمج جميع الفئات من رواد المكتبات والمراكز الثقافية والمتطوعين، وتنفيذ مجموعة من الفعاليات والأنشطة التي تزيد على 100 برنامج وفعالية متنوعة لتشجيع وتعزيز ثقافة القراءة والمعرفة في المجتمع الإماراتي. وستقدم الوزارة برنامج «قرأنا لكم» كحملة توعوية من خلال مواقع التواصل الاجتماعي للتشجيع على القراءة من خلال اقتراح عدد من الكتب للقراءة. وقد أعدت الوزارة لفئة ذوي الاحتياجات الخاصة برامج خاصة للقراءة تتناسب مع احتياجاتهم جنباً إلى جنب مع أقرانهم من أفراد المجتمع، سواء من خلال الكتاب الصوتي وغيره من البرامج، كما تنظم الوزارة عدة أنشطة لتشجيع فئة العمال على القراءة من خلال الوصول بالكتاب إلى أماكن تجمعهم.وتوجد مبادرة داخلية خاصة بموظفي وزارة الثقافة لتشجيعهم على القراءة واقتناء الكتب من خلال «الموظف القارئ» وهي عبارة عن مسابقة تقوم إدارة الموارد البشرية بإطلاقها لتشجيع الموظفين، واختيار أفضل خمسة موظفين، ممارسة لعادة القراءة على مستوى الوزارة، كما تطلق وزارة الثقافة برنامج «المعرفة الذكية» لكافة موظفي المؤسسات والجهات الحكومية ويتضمّن نشرات إلكترونية للترويج والتدريب على استخدام المكتبة الذكية التي توفر آلاف العناوين العربية والأجنبية وتكون متاحة مجاناً لموظفي الدولة.