أبدت الولايات المتحدة الأميركية قلقها من احتمالات حدوث تدهور حاد في الأوضاع الغذائية في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحركة الشعبية لتحرير السودان - شمال في غضون شهرين، حال عدم موافقة «الشعبية» على مبادرة واشنطن بإيصال المساعدات لتلك المناطق، ودعت طرفي النزاع إلى تسريع الوصول إلى اتفاق يقضي بإيصال الإغاثات للمتأثرين في تلك المناطق على وجه السرعة. وقال استيفن كوتسيوس، القائم بأعمال سفارة الولايات المتحدة في الخرطوم، في مقال نشرته صحيفة «سودان تربيون» السودانية على الإنترنت أمس، إن على الحركة الشعبية قبول إيصال المساعدات الإنسانية للمناطق التي تسيطر عليها من الولايتين، موضحاً أن التنبؤات المتعلقة بوقوع حالة «انعدام الأمن» الغذائي خلال شهرين في تلك المناطق، تجعل من توقيع اتفاقية للسماح بوصول المساعدات الإنسانية أمراً بالغ الأهمية للحفاظ على أرواح المدنيين، وأضاف أن «هذا يعني أن المدنيين في حاجة ماسة لرؤية المواد الغذائية والإمدادات الإنسانية الأخرى في مناطقهم في أسرع وقت». وحث كوتسيوس الحكومة السودانية على إحداث بيئة مواتية لحرية التعبير، والمشاركة السياسية الكاملة لكل قوى المعارضة المسلحة وغير المسلحة داخل وخارج السودان، لتلعب دورها في معالجة الأسباب الجذرية للنزاع، لتحقيق سلام مستدام في البلاد. ودعا القائم بالأعمال الأميركي الأفرقاء السودانيين جميعهم للعب الأدوار المنوطة بهم، والدخول في عملية سياسية حقيقية بديلة للحرب، وحث متمردي الشمال على إلغاء شروطهم «السياسية» التي تمنع وصول المساعدات الإنسانية إلى المدنيين في المناطق التي تسيطر عليها. وتقدمت الإدارة الأميركية في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي بمبادرة تنقل بموجبها «المعونة الأميركية» والمساعدات الطبية والإنسانية جواً إلى المناطق التي تسيطر عليها الحركة الشعبية في ولايات جنوب كردفان والنيل الأزرق، بعد إخضاعها لتفتيش الحكومة السودانية، وهو ما ترفضه الحركة الشعبية - الشمال. وتأسف كوتسيوس لفشل الطرفين في التوصل إلى اتفاق بشأن المساعدات الإنسانية، بقوله إن «هذا المأزق يضر السودانيين في المناطق التي تخضع للحركة الشعبية، ويمنع السودان من المضي قدماً في خارطة الطريق الأفريقية للسلام والمصالحة». وتسبب فشل الطرفين في الوصول إلى اتفاق بشأن إيصال ما نسبته 20 في المائة من المساعدات الإنسانية عبر مدينة أصوصا الإثيوبية في انهيار إنفاذ وثيقة «خريطة الطريق الأفريقية»، الموقعة من الطرفين العام الماضي، وفي توقيع وقف العدائيات. وتشكك الحركة الشعبية في نيات الحكومة السودانية، وترى أنها تريد استغلال الإغاثة لتحقيق مكاسب سياسية وميدانية، فيما تقول الحكومة إن نقل الإغاثة إلى أراضيها من دولة ثالثة يعد مساساً بسيادتها. وقال كوتسيوس إن حكومة بلاده عرضت إيصال المساعدات الإنسانية لكسر الجمود بشأن الاتفاق على تسهيل وصولها، ولمنح الحركة الشعبية الثقة بأن الحكومة السودانية «لن تسيطر أو تمنع المساعدات بموجب هذه الآلية». وكانت الخرطوم قد وافقت على المبادرة الأميركية، لكن الحركة الشعبية لم تسمح بوصول المساعدات للمناطق التي توجد تحت سيطرتها، لكنها أبدت أخيراً استعدادها لمناقشة المبادرة الأميركية. وأوضح كوتسيوس أن حكومة بلاده على استعداد للبدء في نقل الإغاثات والمعونات الطبية واللقاحات للمناطق التي تسيطر عليها الحركة الشعبية، بعد تفقدها من قبل سلطات الجمارك السودانية عند منفذ الدخول، وأن تبقى في عهدة الولايات المتحدة لحين تسليمها للمناطق التي تسيطر عليها «الشعبية». وقال كوتسيوس في مقالة إن «طريقة إيصال المساعدات الإنسانية للمنطقتين، كانت الحاجز الأخير المتبقي في اتفاق وقف الأعمال العدائية في أغسطس (آب) الماضي ووضع حد لعقود من القتال»، وأضاف موضحاً أن الاتفاقية «تشمل رصد واتفاق دولي بشأن الإيصال الكامل للمساعدات الإنسانية الأخرى، وتسليمها من قبل وكالات دولية، وهذا يعني أن المدنيين في حاجة ماسة لرؤية المواد الغذائية والإمدادات الإنسانية الأخرى في مناطقهم في أسرع وقت».