من المسلسلات العربية التي سكنت كثيرا ذاكرة مشاهديها في الثمانينات من القرن الماضي مسلسل (عبده غلط في الحساب) وتقوم حبكة السيناريو على أن عبده طلع على المعاش في الستين وحصل على تعويض مالي قدر أنه سيسد حاجته حتى يوم وفاته، وقسم المبلغ على عشرين سنة وفق حسبة بسيطة للنفقة والاحتياج اليومي من مطعم ومشرب ودواء على اعتبار أنه سيقضي نحبه في ظل عقدين من الزمن ليس أكثر إلا أن عبده بلغ الثمانين ولم تدركه الوفاة ونفد المبلغ الذي كان بحوزته بكامله فبدأ عبده يبحث عن مخارج آنية له من الأزمة ويستعين بالأصدقاء والأولاد ليسهموا في تأمين ضرورياته، تذكرت المسلسل وأنا أسأل عن دور وحضور وزارة التخطيط حكوميا ومجتمعيا كونها راصدا أمينا لواقع المجتمع، ورابطا مؤتمنا بين مؤسسات الدولة وبين المواطنين، فالحكومات يعنيها لتحقيق الجودة معرفة المدخلات والمخرجات، والتخطيط حسب فهمي المتواضع هو إجراء سابق لكل قرارات أي وزارة بحيث يكون المسؤول وصانع القرار أمام حقيقة عددية أو رقمية وحاجة بشرية فعلية ويوازن بين الأولويات، والتخطيط أيضا إجراء متجدد بمعنى أن دوره لا يتوقف طالما أن الوطن فيه كل عام مواليد وطلاب وطالبات يبحثون عن تخصصات وخريجون مؤهلون للعمل، ونحن نثق أن دولتنا تستجيب لمطالب شعبها من توفير احتياجات خدمية صحية وبلدية وتعليمية وحرصها على تحقيق الرفاه للشعب، وإذا كانت وزارة التخطيط تحصر عدد السكان في السعودية كل عام وتعرف ماذا يحتاجون من مشاريع خدمية وبرامج تنمية من طرق ومدارس ومستشفيات وحدائق ووظائف، فلماذا نشاهد ونسمع عن بطالة وتراكم مخرجات لا يحتاجها سوق العمل وعجز عن استيعاب خريجي تخصصات معينة وقصور ونقص في خدمات في مناطق عدة؟، أخشى أن الأمور ماشية بالبركة أو على رأي القائل (اللي ستر أمس يستر اليوم ويستر بكرة)، فهناك دول إمكاناتها أقل من إمكاناتنا لديها خطط سنوية وخمسية وعشرية وخمسينية طالما أنها ترصد النمو السكاني لأنه من الطبيعي كلما زاد عدد السكان وزاد وعيهم كلما ارتفع سقف مطالبهم وأرجو ألا تكون حلقة الوصل المفقودة هي وزارة التخطيط وأرجو ألا تكون غلطت في الحساب.