×
محافظة المنطقة الشرقية

الدولار الأمريكي يرتفع إلى أعلى مستوى في سبعة أسابيع

صورة الخبر

الأشد خطورة أن ارتفاع حمى الإرهاب، كشف عن مكونات لتواطؤ وتآمر بعض القوى التي تزعم أنها فاعلة في المقاومة، وربما التصريحات والتلميحات الأميركية المختلفة بشأن مسئولية إدارة الرئيس باراك أوباما عن تضخم تنظيم داعش أحد العلامات المهمة في هذا الاتجاه، ناهيك عن الإشارات التي بدأت تتوالى بخصوص دور تركيا وإيران وقطر في استفحال المتطرفين في المنطقة، وهو ما يجعل من الصعوبة استمرار التعامل الانتقائي. والصمت على الازدواجية السابقة بات خطرا داهما. هناك ملامح كثيرة تقول أن العالم أمام مرحلة فارقة، لن تصلح معها الأدوات والمفردات القديمة، وثمة حاجة ماسة لتقريب المسافات لكي يتمكن من يتصدرون المشهد في هذا الفضاء من القضاء على الإرهاب وذيوله وفلوله، وبدون تحديد المسميات وتدارك أخطاء الماضي والتوافق حول رؤية شاملة، سوف يكون من المستحيل تحقيق اختراق إيجابي في أي من الصراعات والحروب والتوترات الراهنة، التي تندرج جميعها تحت بند الإرهاب، لأنه أصبح قاسما مشتركا في التراكمات النهائية لما يجري في المنطقة والعالم. شبح الإرهاب لم يكن ظاهرا بقوة في الأزمات التي اندلعت خلال السنوات الماضية، غير أنه تعاظم وتحول إلى رقم مركزي في كل المعادلات التي نراها، فالثورات العربية التي اندلعت في بعض الدول، قفز عليها غول الإرهاب، عن عمد أو بحكم التطورات التالية، والهجرة غير الشرعية أصبحت مرادفا للإرهاب تقريبا، بل ومعاناة دول بعيدة عن التوترات أضحت خاضعة لطقوسه. وهكذا تحول الإرهاب إلى سيف مسلط على رقاب الجميع، واختلط الحابل بالنابل، وتحولت عملية التفرقة بين من يقومون فعلا بمكافحته ومن يعملون على تغذيته إلى ما يشبه اللوغارتمات، وتشابكت الخريطة السياسية بين من يطالبون المجتمع الدولي بشن مزيد من العمليات العسكرية ضد البؤر الإرهابية، ومن ينادون بالتمهل حرصا على حياة المدنيين. التداخل اللافت ضاعف أيضا من صعوبة الفصل بين المسميات، وجرّنا إلى خندق مفتعل من حرب المصطلحات، وحاولت جهات كثيرة تجاهل (عن عمد) أن أحد أهم فك شفرات الصراعات الحالية يكمن في القضاء على الإرهاب، لأنه المدخل الرئيسي والصحيح لفتح الطريق أمام التسويات السياسية المنتظرة. هل يمكن حل الأزمة السورية بدون التخلص تماما من الإرهابيين واقتلاع جذورهم من جميع الأراضي؟ وهل تستطيع ليبيا أن تحافظ على وحدتها دون إنهاء ظاهرة الميليشيات التي ترتكب جرائم على الهوية؟ وهل يمكن أن يسترد العراق عافيته السياسية قبل القضاء على تنظيم داعش وأعوانه، الذين أصبحوا مطية لكثير من الاختراقات الخارجية؟ وهل يمكن الحديث عن أمن واستقرار اليمن في ظل أوضاع تتجاذبها قوى مختلفة، بينها جهات تمارس الإرهاب باقتدار؟ وهل يتحقق الاستقرار في أي بلد قبل تجفيف المنابع في البيئة الحاضنة للإرهابيين؟ إذا جرى الكلام عن تسويات سياسية، فالمؤتمرات واللقاءات والاجتماعات التي تعقد هنا وهناك لن تفضي إلى نتائج إيجابية، ما لم تنتفض القوى المؤثرة والفاعلة لمكافحة الإرهاب بصورة حقيقية، وتتخلص من المناورات والمراوغات التي أطالت عمر الإرهاب وجعلته مصدر تهديد خطير لدول كانت تعتقد أنها بمنأى عنه، لمجرد أنها سهلت انتقال عناصره من أراضيها، ومكنتهم من الاستقرار في أماكن بعيدة، ثم اكتشفت أن هؤلاء تحولوا لقنابل موقوتة يضربون ويقتلون في الدول التي خرجوا منها، بعد أن حصلوا من قادتها على صك براءة مقدما، وتلقوا أنواعا مختلفة من الدعم. التوجهات التي تتبناها مصر تقول أن الإرهاب هو القاعدة التي يجب التوافق على تفاصيلها، والتناقضات الإستراتيجية التي تباعد بين بعض الدول يمكن أن تتلاشى أو تتراجع، إذا تم التفاهم حول الأسس العلمية لصد الهجمات الإرهابية، لذلك فالتصورات التي خرجت من الولايات المتحدة وروسيا وعديد من الدول في الشرق والغرب، بشأن التفكير في عقد مؤتمر دولي لمكافحة الإرهاب، يمكن أن تصبح نواة أو خطوة أولى على الطريق السليم، شريطة أن يتم تجاوز التعقيدات التي منعت التفاهم حول سبل القضاء عليه، وإبعادها عن الحسابات العقيمة لبعض القوى الدولية. في تقديري أن الفرصة مهيأة لوقف ظاهرة التجاذبات، وتجاوز أزمة النظرة الضيقة، والتعامل مع الإرهاب باعتباره أزمة عالمية، ولن يكون أحد بمنأى عن تداعياته السلبية، وأول حجر يوضع في هذا المضمار لا بد أن يتضمن توافقا على الأسس الرشيدة لمكافحته، والتعاون بين الدول المتضررة منه والتخلص من التعريفات التي تتسم بالميوعة السياسية، التي يريد أصحابها حصر الإرهابيين في فئة محددة وتجاهل فئات أخرى، لعبت دورا في انتشار الظاهرة على نطاق واسع، فلم تعد هناك رفاهية للاستمرار في حرب التعريفات، وما يمر به العالم من تطورات يمثل اختبارا لحسم مشكلة الأدوات الناجحة لمكافحة الإرهاب.   محمد أبو الفضل