بالرغم من هبوط أسعار النفط والذهب واليورو وما نتج عنها من انخفاض مباشر في أسعار العديد من المنتجات الاستهلاكية وعلى رأسها أسعار الغذاء على صعيد الأسواق العالمية والمجاورة بحسب منظمة «الفاو»، وتباطؤ النمو العالمي ــ الذي يعد محددا رئيسيا للأسعار ــ إلا أن مؤشر السلع وأسعار المنتجات الاستهلاكية في أسواقنا المحلية بشتى أنواعها سار عكس هذا التيار. وبعيدا عن إطار أجواء الأسعار في العالم من حولنا، فكانت النتيجة إما ارتفاع الأسعار أو بقاء الوضع على ما هو عليه، مع انخفاض طفيف وصوري لبعض الماركات التجارية ذات الإقبال الضعيف. مبررات وزارة التجارة التي لا ننكر جهودها وإسهاماتها في دفع عجلة الحركة الاقتصادية، تنصب باستمرار في اتجاه الإجابة التقليدية بأن مؤشر السوق يخضع دوما إلى آلية (العرض والطلب)، ولكن الواقع والمنطق يشيران إلى أن خلل الرقابة وتنامي مستويات الاحتكار الكامل والجزئي التي يتقاسمها التجار والمستوردون والوكلاء هي التي أصبحت وأمست تحكم أسواقنا المحلية، بالإضافة إلى تكدس المخازن بالبضائع التي تم شراؤها مسبقا وفق الأسعار القديمة. ولذلك، لا مفر من إعادة برمجة آليات رقابية فاعلة وتحديث القيود والاشتراطات التي تفرض على حركة الأسعار، حتى تخضع سوقنا المحلية تدريجيا وفق مؤشر أسعار السلع الاستهلاكية العالمية، وبحسب واقع الشراء والطلب وليس افتعاله، فهناك طبقات من المستهلكين لم تعد قادرة على الشراء إلا بالاستدانة، وهذا ما يدعو إلى المزيد من الجهد الرقابي لمفتشي التجارة على الأسواق لضمان أسعار عادلة تعكس واقع السوق وآمال المستهلكين.