مفتاح شعيبلم يخيب 154 نائباً فرنسياً الظن، وأثبتوا، مرة أخرى، الصحوة الدولية الدافعة إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية رداً على الصلف الصهيوني المتجاهل لكل الأعراف والمواثيق والمعاهدات ذات الصلة بالقضية. والأهم من الاعتراف، هو الوعي بضرورته وبحق الشعب الفلسطيني في أن تكون له دولة مثل بقية الشعوب، ولو على جزء من أرضه التاريخية التي اغتصبت الصهونية والتآمر الدولي جزءها الأول منذ 70 عاماً.النواب الفرنسون وجهوا رسالة إلى الرئيس فرانسوا هولاند طالبوه فيها بأن يضرب موعداً مع التاريخ ويعلن الاعتراف الرسمي بالدولة الفلسطينية، مؤكدين أن هذه الخطوة ستظهر الإرادة الفرنسية في الخروج من هذا المأزق، والرد على الرفض الصهيوني لإنهاء احتلال الأراضي الفلسطينية وتدمير حل الدولتين. واللافت في أن هؤلاء النواب المحترمون جداً ينتمون إلى مختلف الأحزاب والتيارات، بما يؤكد أن النخب الفرنسية على درجة كبيرة من الانتباه والاعتراف بدولة مأمولة لشعب مضطهد، ويكاد يوجد اتفاق غير معلن بين هذه الأحزاب على عدم الزج بالقضية الفلسطينية في السجال السياسي خصوصاً أثناء الحملات الانتخابية التي ستعيش على وقعها فرنسا إلى حدود السابع من مايو المقبل. ومن حيث المبدأ، تؤكد هذه الرسالة رفضا للتعنت الصهيوني في إيجاد حل للقضية المركزية في الشرق الأوسط، كما ترد بشكل جريء على الموقف الأمريكي الذي عبر عنه الرئيس دونالد ترامب، حين أكد أن حل الدولتين ليس السبيل الوحيد للسلام في الشرق الأوسط.رداً على الصدمة الأمريكية التي قرئت على أنها تراجع متعمد على مبادئ حل القضية الفلسطينية، أعربت فرنسا عن غضبها واتخذت موقفاً رسمياً نددت فيه بكل الخطوات المنافية للتوصيات الدولية ولقرارات مجلس الأمن ولبيان مؤتمر باريس للسلام الذي انعقد أواسط يناير الماضي وشدد على ضرورة الالتزام بحل الدولتين باعتباره «الطريق الوحيد لتحقيق السلام الدائم». وبينما لقي ذلك البيان ترحيباً فلسطينياً وعربياً، تجاهله الكيان الصهيوني واستخف به ترامب. وقد رأت الأوساط السياسية والإعلامية الفرنسية في الموقف الأمريكي/ الصهيوني «إهانة» لباريس، ومنذ ذلك الحين بدأت التحركات للرد من خلال التنديد المتواصل بخطط الاستيطان وبانتهاك الشرعية الدولية، وجاءت رسالة النواب ال 154 مكملة لهذا التحرك الفرنسي المتعدد الوجوه، والذي ينسجم مع مواقف دولية داعمة يمثلها على الخصوص نواب في البرلمان الأوروبي طالبوا مؤخراً دولهم بالاعتراف بالدولة الفلسطينية ورفض أي تغييرات ديموغرافية أو جغرافية على الأراضي المحتلة في الضفة الغربية وقطاع غزة والجولان السوري، وذلك رداً على خطط الكيان تكثيف المشاريع الاستيطانية ومحاولات التهجير القسري لأصحاب الأرض الحقيقيين جراء سياسات هدم المنازل والتجمعات السكنية ومصادرة الأراضي والممتلكات.في ظل الوضع الإقليمي المتردي، يمكن للشعب الفلسطيني أن يطمئن قليلاً إلى أن قضيته ليست ميتة أو منسية في الغرب وفي أوروبا على وجه التحديد. وما أقدم عليه النواب الفرنسيون جدير بالتنويه، لأنها خطوة يمكن البناء عليها في إيجاد حاضنة دولية تدعم القضية وتحاصر كيان الاحتلال وسياساته الإجرامية. ومع التأكيد بأن الاعتراف الفرنسي الرسمي بالدولة الفلسطينية مستبعد على المدى المنظور لاعتبارات عديدة، إلا أن مجرد الخوض فيه يعتبر مكسباً لما سيأتي، مثلما كان نتيجة لما سبق من اعتراف غير الرسمي بدولة فلسطين من بعض البرلمانات الأوروبية في السنوات الماضية. أما اليوم فيبدو أن إرهاصات الاعتراف الرسمي قد بدأت فعلا، وأصداؤه تتردد في السويد وإيرلندا، وقد تكون فرنسا هي المنعرج الحاسم. Chouaibmeftah@gmail.com