على الرغم من التأثير المباشر للقرارات الأخيرة للهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض المتعلقة بأنظمة البناء والاستخدامات للعقارات الواقعة على بعض شوارع العاصمة على أسعار العقارات المتضخمة وتوجهات الاستثمار العقاري، إلا أن التناول الإعلامي للتنظيمات الجديدة كان محدوداً واقتصر على نشرها بشكل مقتضب لم يكن واضحا لمعظم المواطنين، وقد تسبب عدم إبراز المتخصصين العقاريين لأثر تلك التنظيمات في تضرر صغار المستثمرين الذين كانوا يجهلون تلك القرارات بسبب عدم الإبراز الإعلامي لذلك وخصوصا مايتعلق بالأراضي الواقعة على شوارع ال(30 و36)م التي تُحمل القرارات التنظيمية ملاك المباني التي ستقام عليها بثلاثة ادوار ونصف تكلفة أعلى بالتنفيذ وقصرت استخدامها على السكني فقط، وهو ماسيغير من وجهة المستثمرين ويخفض أسعار الأراضي السكنية الأخرى وهو مايهم شريحة كبيرة من المواطنين. إن أهمية تلك القرارات التي شملت أيضا الأراضي الواقعة على خطوط قطار الرياض وألغت الاستخدام التجاري على شوارع (30-36)م التي تمثل معظم الطرق التجارية بمخططات الرياض أنها تزامنت مع حالة ركود كبير في السوق العقاري، وتردد من قبل شريحة من المستثمرين لمعرفة اثر تلك القرارات التي تدعم الاستخدام السكني غير المغري استثماريا بسبب عدم الرغبة في التأجير السكني لعدم وجود نظام يحفظ الحقوق ولفشل مشاريع شقق التمليك، ومع أن هناك من الملاك سيتضرر من تلك القرارات لكونه لم يكن لديه علم بالقرار قبل صدروه إلا أن المؤسف هو استغلال بعض أصحاب مكاتب العقار لجهل بعض المواطنين بالتنظيمات الجديدة عند تسويق أراضيهم عليهم وإبراز المجالات التجارية لاستثمار مبانيها للتخلص منها بأسعار عالية، وهو مايستوجب أن تسارع أمانة الرياض بإصدار إيضاح مفصل للتنظيمات حتى لايكون هناك غبن وبيع غرر، وبعيدا عن العاطفة والترقب لقرارات وتوجهات يرى البعض أنها ستخفض أسعار العقار الحالية التي تفوق القدرة المالية لمن يبحث عن سكن، فان القرارات الاستثمارية دائما هي الأساس في توجه أسعار العقار عبر إيداع السيولة النقدية العالية المتدفقة لشريحة من المجتمع التي تفتقد لقنوات استثمار آمنة والحصول على عائد مناسب، ولذلك فانه من خلال "عصف ذهني" لأثر التنظيمات الجديدة للأراضي الواقعة على شوارع ال(30م) و(36م) سنجد أنها ستؤثر عليها خاصة وأنها في السنوات الأخيرة ارتفعت أسعارها بعد السماح ببناء (3.5)أدوار وتعدد استخداماتها التجارية كمكاتب وشقق مفروشة ومدارس ومستوصفات..الخ وتجاوزت أسعار بعضها (4000) ريال للمتر وهو ماتسبب في ارتفاع الإيجارات وأسعار باقي الأراضي السكنية، وبالتالي فإنه من المؤكد أن الأسعار ستنخفض بعد إلغاء الاستخدامات التجارية لتلك الأراضي التي تمثل في عددها الجزء الأكبر من الأراضي التجارية بالرياض، ولذلك فإن أي انخفاض في سعر المتر لتلك الأراضي سيخفض أسعار الأراضي السكنية الداخلية، كما انه بافتراض ثبات جميع العوامل المؤثرة بالعقارات والعائد منها وتكلفة البناء، فانه من المهم عدم تجاهل المتطلب الجديد بتوفير المواقف داخل المبنى والذي سيترتب عليه تنفيذ قبو تحت المبنى او تخصيص الدور الأرضي للمواقف، فالخيار الأول سيرفع تكلفة التنفيذ من (800-1000) ريال على اقل تقدير والخيار الثاني سيخفض العائد بنسبة تتجاوز(25%) وكلا الخيارين يفرضان على المستثمر حدا أعلى لسعر شراء الأرض، وهو ماسيجبر المستثمرين وفق الأسعار الحالية ووجود المئات من المباني الخالية كشقق تمليك او إيجار إعادة النظر كليا في ذلك! وبالتالي القرار الاستثماري سيفرض أن ينخفض سعر المتر ب(1000) ريال مقابل تكلفة القبو وهو غالبا (30%) من السعر الحالي لتلك الأراضي وبالتأكيد سيتبع ذلك انخفاض لأسعار الأراضي السكنية الداخلية الى أسعار اقل وربما بنسب لافته! أما اثر تلك القرارات على الأراضي التجارية (40-60 )م فانه بسبب حالة الركود ونظام البناء الحالي عليها قد لاتتأثر بتلك القرارات بشكل كبير لكون أسعارها أساسا مرتفعه ولتسرب توصيات الدراسة والتنظيمات لملاكها، ولكن يجب أن لانستبعد رفع أسعار الإيجارات بها بسبب أن النشاط التجاري سيكون محتكرا عليها وهو ايضاً قد يؤثر سلبا على الأنشطة التجارية الصغيرة والمتوسطة ويحد منها.