في الوقت الذي يسعى فيه صانعو السياسات في الصين إلى دفع معدلات النمو لأعلى، والسيطرة على معدلات الدين ووقف آثارها السلبية على الوضع الاقتصادي، تأتي تحذيرات من مؤسسات دولية من الأبواب الخلفية التي تسلكها الصين للاستدانة، وحذرت وكالة «فيتش» للتصنيف الائتماني، من الخطر الذي تشكله الديون المحلية العالية من خلال مسارات الأبواب الخلفية. وسحب بنك الشعب الصيني (المركزي الصيني) 40 مليار يوان (5.82 مليار دولار) من السيولة النقدية في النظام المصرفي من خلال عمليات سوقية مفتوحة، وأشارت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) إلى أن هذه هي المرة الأولى التي يسحب فيها البنك المركزي سيولة من السوق بعد 5 أيام من الضخ المتواصل للسيولة. وقد نفذ البنك، أمس الخميس، عمليات شراء أوراق مالية مدتها 7 أيام، خلال عمليات «اتفاقية إعادة الشراء» بقيمة 20 مليار يوان، وباع أوراقا مالية مدتها 14 يوما بقيمة 20 مليار يوان وأوراقا مالية مدتها 28 يوما بقيمة 10 مليارات يوان، بنظام «اتفاقية إعادة الشراء» أيضا التي تعني قيام البنوك المركزية بشراء أوراق مالية من البنوك والمؤسسات المالية التجارية، مع التزام تلك البنوك بإعادة شرائها بسعر أعلى خلال الفترة الزمنية المتفق عليها. في الوقت نفسه، رد البنك المركزي أوراقا مالية حل أجلها بنظام «اتفاقية إعادة الشراء» بقيمة 90 مليار يوان، وهو ما يعني أن البنك سحب بالفعل من السوق سيولة نقدية بقيمة 40 مليار يوان. وذكر البنك المركزي، في بيان يوم الثلاثاء الماضي، أنه سيمدد سياسته النقدية التفضيلية التي تتيح للبنوك التي تقدم قروضا كبيرة للشركات الصغيرة والشركات الزراعية، الحصول على السيولة النقدية بتكلفة أقل. كما أظهر البيان تراجع معدل القروض المشكوك في تحصيلها، وتحسن أرباح البنوك الصينية خلال العام الماضي، وبحسب البيان فإن معدل الديون المشكوك في تحصيلها لدى البنوك الصينية تراجع إلى 1.74 في المائة في نهاية العام الماضي، مقابل 1.76 في المائة في نهاية الربع الثالث من العام الماضي. كما أظهر البيان تحسن وتيرة نمو أرباح البنوك بفضل الأداء الاقتصادي القوي. وارتفع صافي أرباح البنوك التجارية في الصين بنسبة 3.54 في المائة سنويا خلال العام الماضي، بزيادة قدرها 1.11 نقطة مئوية عن معدل نمو الأرباح في العام السابق. وقال ما جون، كبير الاقتصاديين في البنك المركزي، إن السياسة النقدية للصين هذا العام ستحتوي المخاطر الناجمة عن الديون ومنع فقاعات الأصول، والحفاظ على النمو الاقتصادي على الطريق الصحيح، وفي ديسمبر (كانون الأول) تعهد الزعماء الصينيون بأن تتسم السياسة النقدية لبلادهم بـ«الحكمة والحيادية» في عام 2017، وأكدوا على تطلعهم إلى طريق النمو المستقر والصحي. وأضاف جون في خطاب ألقاه في سنغافورة أمس الخميس، أن السياسة من شأنها أن تمنع الارتفاع السريع في نسب الرفع المالي وتجنب فقاعات الأصول، في إطار فرضية الحفاظ على نمو اقتصادي معقول واستقرار التضخم. ورفع بنك الصين الشعبي (المركزي الصيني) أسعار الفائدة على المدى القصير، للمساعدة في كبح مخاطر الديون، وتوقع جون انتعاش الصادرات، جنبا إلى جنب مع تسارع الاستثمار في التصنيع وتباطؤ الاستثمار العقاري، وقال: «من المرجح أن ترتفع أسعار المستهلكين إلى 2.5 في المائة في الصين». وقال إن الصين تدرس خططا للتوسع بشكل مناسب لتوسيع ساعات تداول السندات في السوق، وأكد أن إجراءات الصين لمواصلة فتح سوق السندات للمستثمرين الأجانب، يمكن أن تمهد الطريق لإدراجها في المؤشرات الرئيسية لسوق السندات العالمي. وفعليا، الحكومة الصينية قادرة على الاقتراض بشكل كبير من خلال شركات الاستثمار المملوكة للدولة، والمعروفة باسم مركبات التمويل الحكومي المحلي، وازدهرت هذه الطريقة في أعقاب الأزمة المالية العالمية، وبدأت كوقود هائل للتوسع في الائتمان في الصين، ووصل الاقتراض من هذه الشركات في 2015 إلى نحو أربعة أضعاف نمو الناتج المحلي الإجمالي، الأمر الذي أصبح يثير قلق المؤسسات الاقتصادية والمحللين.