×
محافظة المنطقة الشرقية

المبالغة بالتوقعات تفشل 80% من المشاريع الناشئة

صورة الخبر

أراجع بين فترة وأخرى ما تبقى من الأرشيف الصحافي الضخم الذي كنت أراكمه يوماً بعد يوم في بدايات عملي الصحافي قبل أن أشعر بالملل واللاجدوى تجاه الأمر كله. عندما بدأت العمل في الصحافة لم يكن الإنترنت قد ظهر وبالتالي فلا جوجل ولا غيره يمكن اللجوء إليه عندما يريد الصحافي، أو غير الصحافي أن يعود إلى معلومة منشورة في جريدة أو مجلة، ولذا كان علينا، نحن العاملين في الصحافة، أن نعتمد على الأرشيف العام للمطبوعة التي نعمل فيها أو الخاصة الذي ننشئه بأنفسنا وفقاً لاهتماماتنا في القراءة والكتابة والعمل الصحافي عموماً. كان أرشيفي أحد أضخم الأرشيفات الصحافية الفردية خصوصاً على صعيد الصحافة الثقافية، فقد كنت أحتفظ فيه بكل ما تقع عليه عيناي من مقالات ثقافية ومقابلات مع الأدباء والكتاب إضافة إلى القصائد والقصص القصيرة المميزة التي كانت تحفل بها صحافتنا في تسعينيات القرن الماضي، وكنت أخصص قسماً مهماً من أرشيفي المرتب بملفات منظمة لكثير من المقالات والقصائد التي تنشر فيما كنا نسميه يومها بالصحافة الشعبية؛ ونعني بها الصفحات الأسبوعية والمجلات الشهرية التي كانت تعنى بنشر كل ما يتعلق بالشعر العامي (الشعبي)! تحت وطأة الهيمنة الإنترنتية على عالم الصحافة ووجود السيد جوجل بخدماته السريعة وإمكاناته الساحرة رغم مثالبه التي لا يمكن تجاهلها، لم أعد أشعر بحاجة إلى العودة إلى أرشيفي القديم الذي هجرته منذ سنوات طويلة، ثم إن إهمالي له طوال تلك السنوات جعله يضمحل؛ ذلك أنني كنت في كل مرة أعود إليه أتخلص من بعض الأوراق والقصاصات التي أجد أنها لا تستحق أن تبقى، وفي آخر مرة عدت فيها إليه قررت أن أطلق عليه رصاصة الرحمة وأسلمه لسلة تدوير الورق المستعمل، فمعظم ما فيه من مواد يمكن الحصول عليها عبر نقرات قليلة في نافذة جوجل المشرعة دائماً على الشاشة أمامي، ثم إنني لم أعد أستفيد منه عملياً إلا كمخزن للذكريات ومصب لأنهار الشجن وذكريات العمر المتصرم. سأتخلص من معظمه إذن ولن أحتفظ إلا ببعض القصاصات التي تمثل لي مفاصل من التاريخ الشخصي فلعلي أحتاج إليها زاداً للذاكرة عندما يحين وقت استرجاعها، إضافة إلى القليل مما لا أظن أن جوجل سيسعفني به إن احتجت إليه يوماً ما. بدأت تنفيذ قراري بملف الشعر الشعبي وما يتعلق به، ولم تكن بداية مخطط لها ولكنها المصادفة وحدها التي قادتني إليه. بعد استلال بعض القصاصات منه لقراءتها على سبيل الفضول واستدراج كوامن الذاكرة توقفت تماماً، فقد كنت كمن يعبث بجرح قديم شارف على الالتئام ليفتحه من جديد ويسيل الدم الساخن منه! قصاصات وقصائد وقصص وحكايات وصور فوتوغرافية وكلمات مكتوبة بخط اليد ورسومات تزين هوامش بعض الصفحات ومقالات وأسرار كانت من عظائم الأمور يوم أن احتفظت بها فانتهت إلى أن تكون مجرد طرائف مضحكة ولكنه ضحك.. كالبكا!