×
محافظة المنطقة الشرقية

مهرجان متنقل لتسويق تمور الأحساء بـ63 دولة

صورة الخبر

معنى كلمة «بوتيك» الفرنسية هو المتجر الصغير. وانتشرت الكلمة في العقدين الأخيرين لتشمل الفنادق الصغيرة في الأحياء الشعبية والغابات والمرتفعات الجبلية والمناطق السياحية. وهي فنادق تختلف عن فنادق السلاسل الكبرى ذات الأسماء الشهيرة في رخص أسعارها وقلة عدد غرفها وحميمية العلاقات بين النزلاء، حيث سرعان ما يتعارفون ويتآلفون وتبدأ بينهم علاقات صداقة مع اختلاف المدن أو الدول التي جاؤوا منها للسياحة. وهي أقرب ما تكون إلى بيوت الضيافة أو الاستراحات التي تخصصها الشركات أو المؤسسات أو المصانع لمنتسبيها في الإجازات السنوية، حيث يعرف النزلاء بعضهم بعضاً ويمضون أياماً طيبة في أجواء مريحة مقابل تكاليف مناسبة. إنها أكثر من مجرد مسكن وأقل من المستويات الفندقية الفاخرة. وهي تطوير لفكرة «البانسيونات» أو الشقق الواسعة التي تضم عدداً من الغرف التي تؤجر إلى الموظفين والطلبة وكبار السن، حيث يتشارك الجميع في المطبخ والحمام والصالة ومائدة الطعام والتلفزيون. وفي الغالب تتسم هذه «البوتيكات» بفولكلور المنطقة التي تقع فيها، حيث اللوحات القديمة والتحف اليدوية البسيطة والديكورات التقليدية، لكن هذا لا يمنع أن أغلبها ساير العصر فأدخل الإنترنت والاتصالات الحديثة والجاكوزي، ويمتلك بعضها حافلات لنقل النزلاء منها إلى الأسواق أو المطارات أو المزارات السياحية. اليوم انتشرت ظاهرة هذه الخانات أو «البوتيكات» في الولايات المتحدة وتركيا ومصر وإندونيسيا وماليزيا وسنغافورة وهونج كونج وأمريكا اللاتينية والمكسيك، وشاهدتها في اليابان، حيث تم تحويل آلاف المنازل التقليدية إلى «بوتيكات» تسمى «ريوكان» يتم استقبالك فيها كالأمراء ويسلمونك الملابس التقليدية اليابانية المسماة «الكيمونو» و«اليوكاتا» ذات الألوان الزاهية وقبقاباً خشبياً تحتفظ به بعد عودتك إلى الوطن وتضعه على جدار غرفة الاستقبال منعاً للحسد. آخر الصرعات هي تحويل بعض السجون في دول مختلفة إلى ما يشبه «البوتيكات» لتقدم أفضل الخدمات لنزلائها كأنهم في منازلهم، دعك من السجون العربية التي تحمل شعار «السجن تهذيب وإصلاح» ولا تجد فيها تهذيباّ ولا إصلاحاً حتى لو بقيت فيها نصف قرن. من تلك «البوتيكات» سجن «باستوي» في النرويج، وهو الوحيد من نوعه في العالم من حيث الشكل فهو يشبه المنتجعات، وطبيعة التعامل مع السجناء لأنه منطقة مفتوحة بلا أسوار أو أسلاك، ويتألف من مجموعة من المنازل الفارهة والغابات والأراضي الزراعية التي تُربى فيها المواشي. ويعيش كل ثلاثة أو خمسة نزلاء في منزل مستقل عن المنازل الأخرى، ولكل منهم غرفة خاصة، مع اشتراكهم في المطبخ والصالة والحمامات. وفي جنيف عاصمة سويسرا سجن يدعى «شومب» ويعتبر من أفضل السجون في العالم، وياليتنا نقضي بقية أعمارنا هناك، حيث يتم تخصيص «سويت» أي جناح خاص مجهز بكامل مرافقه لكل ثلاثة أشخاص، أما في النمسا فإن «مركز العدالة» وهو سجن في مقاطعة «شتاير مارك» هندسته الخارجية زجاجية بتصميم فاخر، بينما هندسته الداخلية تضم مساحة لكل سجين يمارس فيها حياته براحة مطلقة. وهذه السجون «البوتيكية» ليست وقفاً على الدول المرفهة، ففي إندونيسيا سجن يسمى «بامبو بوندوك» يقع في جاكارتا العاصمة، وهو مخصص لمدمني المخدرات، وفيه عيادة راقية لعلاج هؤلاء، لكنه ليس مستشفى، فهو «معهد» لهندسة الديكور والتجميل! إلا أن العالم لا يعرف أن العرب المسلمين هم أول من ابتكر فكرة فنادق «البوتيك» في مكة المكرمة والمدينة المنورة وبغداد ودمشق والنجف وكربلاء وسامراء والكاظمية! وقد وجدوا في تحويل المنازل الكبيرة نسبياً إلى «بوتيكات» فندقية حلاً لمشكلة قلة عدد الفنادق المعتادة في المواسم الدينية الكبرى كالحج والعمرة ورمضان ومحرم وعاشوراء، لم تكن هذه المدن تعرف إلا «الخانات» أو ما يطلق عليها في بعض الدول «المسافر خانة» أو المخيمات التي تكاد تخلو من أي خدمات فندقية باستثناء الحصران والمخدات والأغطية والمياه والإسطبلات والعقارب. وبعد أن اهتدوا إلى تحويل المنازل الكبيرة إلى «مسافر خانات»، طوروا الفكرة فأصبح عملها لا يقتصر على المواسم الدينية، وإنما تجاوزها إلى أيام السنة كلها، حيث ينزل فيها التجار والوافدون، وأصبحت إستراحات منتصف الطريق في المسافات الطويلة سواء لقوافل الإبل أو السيارات القديمة المتهالكة، وما زالت آثار هذه «المسافر خانات» شاخصة على الطريق إلى كربلاء، حيث «خان النص» أي نصف المسافة بين بغداد وكربلاء و«خان بني سعد» بين بغداد ومدن شرقي العاصمة، وامتلأت بغداد في عصرها الذهبي في زمن الخلافة العباسية بهذه «البوتيكات» ومازال بعض بقاياها قائماً في العاصمة العراقية مثل «خان جغان» و«خان الإسترابادي» و«خان الشهبندر» و«خان دلة» و«خان مرجان» الذي تحول في السبعينيات من القرن الماضي إلى مطعم خمس نجوم يسهر فيه البغداديون مع المقامات العراقية و«ثريد الباجة» أو«الكوارع» والمغنية الشهيرة الراحلة سعاد عبد الله صاحبة «أوبرا» «أنا المسيكينة أنا.. أنا المظيليمة أنا».