لولا وهمان يحفان بالمسألة المصرية، ما تحولت هذه المسألة إلى فتنة تغري من له شأن بها ومن لا شأن له بها أن يزج بأنفه فيها كما تغري الدول الكبرى والدول التي تحلم يوما أن تصبح كبرى والتي لا سبيل لها أن تحلم بذلك كذلك أن تزايد على المسألة المصرية وتمنح نفسها تفويضا بالتحدث نيابة عن الشعب المصري وتحديد ما فيه مصلحته والمطالبة باحترام حقوقه. وهمان يتدخلان في كافة تفاصيل وجوانب المسألة المصرية، يتمثل الأول منهما في وهم تمثيل حزب الإخوان المسلمين للإسلام ونهجه في الحكم، ومن ثم اعتبار وصول هذا الحزب إلى السلطة في مصر مقدمة لتحقيق حلم قيام الخلافة الإسلامية التي سوف تحقق ما عجزت كل الحكومات الحديثة والمعاصرة عن تحقيقه، بدءا من توفير الرخاء للشعوب الإسلامية، وانتهاء باستعادة القدس وطرد اليهود من فلسطين. هذا الحلم أو الوهم يستمد قوته من الإرث التاريخي لمفهوم الخلافة من ناحية، كما يستمد قوته مما رسخته جماعة الإخوان المسلمين ومن يشايعها في مختلف البلدان العربية والإسلامية من مقولات تزعم أنها تستمد نهجها من الشريعة، وأنها تمثل البديل الإسلامي للأنظمة القائمة والحل الإسلامي للمعضلات الراهنة، بينما لا تخرج تلك المقولات عن المزايدة على أحكام الشريعة وعواطف الشعوب الإسلامية؛ بغية تحقيق أطماع، تتسع فتكون حزبية، وتضيق فتكون فردية لا تهدف إلا إلى الوصول إلى السلطة، حتى وإن كانت قيمة هذا الوصول دماء الشعوب الإسلامية وقيم الشريعة الإسلامية. أما الوهم الثاني الذي يحف بالمسألة المصرية، فهو وهم الديموقراطية التي أوصلت حزب الإخوان المسلمين إلى الرئاسة المصرية، وهي ديموقراطية لم يتوفر منها إلا حق الانتخاب وصناديق الاقتراع فحسب، والذين طاروا فرحا بما تحقق من الديموقراطية لم يدركوا أن من حق الشعوب التي تنتخب أن تنزع الثقة ممن انتخبته حين يخون ثقتها به، ولم يدركوا كذلك أن النسبة الضئيلة والظروف الاستثنائية التي أوصلت حزبا أيدولوجيا إلى السلطة في مصر لا ينبغي لها أن تمنح ذلك الحزب الحق في تحويل المجتمع المصري إلى مجرد جماعة وتحقيق مصلحة حزب على حساب أمة لها تاريخها وهويتها الضاربة في عمق التاريخ. وهم الديموقراطية ووهم «الإخوانجية» في مصر وخارج مصر يقفان وراء تعقد المسألة المصرية وتحولها من مسألة داخلية مصرية بحتة إلى مسألة عربية إسلامية دولية لا تنبني على احترام حق الشعب المصري في معالجة قضاياه الداخلية، بقدر ما توفر لكثير من الحالمين بالديموقراطية والغارقين في الأيدولوجيا مجالا خصبا للحديث نيابة عن الشعب المصري. Suraihi@gmail.com للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات، 636250 موبايلي، 737701 زين تبدأ بالرمز 165 مسافة ثم الرسالة