رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري في ذكرى اغتيال والده، حرصه على الحفاظ على الأجواء الإيجابية السائدة في البلاد، مع التأكيد في الآن ذاته على الثوابت وأهمها رفض سلاح حزب الله، أو جر البلاد إلى محور يستهدف الدول العربية. العرب [نُشرفي2017/02/15، العدد: 10544، ص(2)] الملك عبدالله الثاني استقبل الرئيس ميشال عون في عمان، حيث بحث معه العلاقات الثنائية بيروت - وجه رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري في خطاب، بمناسبة ذكرى اغتيال والده رفيق الحريري جملة من الرسائل إلى الداخل والخارج، أهمها التأكيد على الاستمرار في نهج الأب القائم على الانتصار لمفهوم الدولة ورفض انخراط لبنان في أي محور معاد للمنظومة العربية. وأحيا لبنان، الثلاثاء، الذكرى الثانية عشرة لاغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري عبر تفجير في العاصمة بيروت، أسقط أيضا أكثر من 20 قتيلا، من بينهم وزير الاقتصاد الأسبق باسل فليحان. وبدت المواقف التي أطلقها الحريري في مجمع بيال وسط العاصمة بيروت، وبحضور العشرات من السياسيين، والمئات من الأنصار، مرنة بيد أنها في ذات الوقت حازمة تجاه عدد من الملفات. وأكد رئيس الحكومة اللبنانية التمسك بالمبادئ التي وضعها والده لبناء الدولة في لبنان، وشدد على “أن شجاعة قرارنا بانتخاب ميشال عون رئيسا للجمهورية وضعت نقطة على السطر، ومن يدعونا إلى الصدام مخطئ في العنوان ومن يتهمنا بالتنازل عن الثوابت مخطئ أيضا”، مشيرا إلى أنه لن يساوم على موقفه من النظام السوري والسلاح غير الشرعي وعلى قتال “حزب الله” في سوريا. وتوقع العديد من المتابعين للشأن اللبناني أن تُفجّر تصريحات الرئيس ميشال عون، الأخيرة حول سلاح حزب الله، صداما بينه وبين الحريري، ورجحوا أن يركز خطاب الأخير، الثلاثاء، على تلك التصريحات بيد أنه ارتأى عدم الانجرار في هذا السياق، والحفاظ على الجو الإيجابي العام الذي يشهده لبنان. واقتصر الحريري على التأكيد، في ما يشبه الرد غير المباشر، على وجود “إجماع حول الجيش والقوى الشرعية والدولة فقط”. وكان عون قد صرح الاثنين، لصحيفة حكومية مصرية أن سلاح الحزب ضروري في ظل ضعف قدرات الجيش اللبناني، الأمر الذي أثار انتقادات واسعة في الداخل اللبناني. ولم يحضر الرئيس اللبناني الاحتفال بذكرى الاغتيال لوجوده في الأردن في زيارة رسمية، التقى خلالها العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، حيث ناقش الطرفان العلاقات الثنائية وبحثا تعزيز التعاون خاصة في ما يتعلق بمكافحة الإرهاب، وفق بيان الديوان الملكي الأردني الذي تحصلت “العرب” على نسخة منه. واعتبر الحريري أن لبنان يعيش “معجزة الأمن والاستقرار بفضل جهود الجيش والقوى الأمنية”. ورأى المراقبون في تشخيصه نفيا لخطاب حزب الله، الذي يرى أن تدخله في سوريا حمى لبنان من الإرهاب. وركز في جزء كبير من خطابه على مسألة القانون الانتخابي الذي بات يشكل أزمة حقيقية في لبنان، مؤكدا حرصه على التوصل إلى قانون جديد شرط ألا يشكل حالة قهر أو عزل لأيّ من مكونات العيش المشترك وعلى رأسهم “حلفاؤنا في السراء والضراء”. وأوضح أنه يعمل بكل أمانة لإنهاء حالة دوران القانون الجديد في الحلقة الفارغة، وسيذهب إلى صناديق الاقتراع تحت سقف أي قانون يقره مجلس النواب. وتوجه إلى جمهور تيار المستقبل قائلا “الانتخابات على الأبواب ولا أحد يستطيع أن يمنعكم من الحضور في كل لبنان”. وأضاف الحريري “نحن أمّ الصبي.. كلما يكون العنوان حماية الحياة المشتركة، ولكن لسنا جمعية خيرية سياسية تتولى توزيع الهبات والمواقع المجانية”. ويأتي إحياء الذكرى الـ12 لاغتيال الحريري على وقع متغيرات عدة عرفها لبنان، منذ أواخر العام الماضي ترجمت في انتخاب ميشال عون رئيساً للبلاد في 31 أكتوبر، تلاه التوافق على تولي سعد الحريري رئاسة الحكومة. ولم يفوت الحريري الابن الفرصة على التأكيد على تمسكه بالثوابت مثل المحكمة الدولية الخاصة باغتيال والده، خاصة بعد ترويج البعض لإمكانية تجميد عمل المحكمة، في إطار التسوية السياسية التي تمت والتي يصفها هؤلاء بـ”الصفقة”. وأوضح رئيس تيار المستقبل أنه “لا مرجعية يمكن أن تعلو على مرجعية الدولة، فلا مرجعية للأحزاب ولا مرجعية للاستقواء بالخارج”، هو تأكيد على الموقف الرافض لسياسة حزب الله الذي يعمل على ربط لبنان بأجندة طهران. مشددا على أن “قرار لبنان بيد الدولة لا بيد محاور ولا أي جهة إقليمية”. وتوقف المراقبون عند تأكيد الحريري أن لبنان “لن يكون جزءا من أي محور في وجه أشقائه العرب”، بما اعتبر غمزا من قناة المتحالفين مع إيران ضد المحيط العربي. وشكل اغتيال الحريري الأب لحظة فارقة في تاريخ لبنان، خاصة وأن المتورطين في العملية هم رموز النظام السوري وعناصر من حزب الله اللبناني التابع لإيران، والتي عجزت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان والتي تشكلت في العام 2008 عن الوصول إليهم.