كنت أظنه أجلاً بعيداً، إلى أن بلغت الثلاثين.. و لم تكن تمر الأعمار في مخيلتي الصغيرة سريعاً، أتوقف عندها جميعها على اختلاف محطاتها متسائلة كيف تمر عليهم السنوات هكذا ويكبرون؟ كيف لأجساد غضة أن تصبح بهذه القوة؟ كيف لسنوات العمر أن تترك على جبينهم آثارها وتمضي؟! أنهيت عقدي الثالث وما زلت على قيد الحياة، أنهيت عقدي الثالث وما زلت أتنفس، أصلي، أستمتع بالطعام، أرى وجهي أمي وأبي، أقرأ وأكتب، ألعب وأتخيل، أضحك وأبكي، ما زال في القلب لهفة للحب، وما زلت أحمل في روحي شيئاً من الدهشة التي أصحبها معي عنوة أينما ذهبت.. فالشكر لله أن وهبني من سنين الحياة سنة جديدة لأحياها.. وها قد جاءت الثلاثين مصطحبة معها إنفلونزا وإعياء شديداً مع نيتي المسبقة بالاحتفال هذا العام بطريقة مختلفة، إنه عقد جديد ومرحلة تثير لدي العديد من التساؤلات، وتضعني أمام تحد جديد في حياتي: "ما الجديد الآن؟". كثيراً ما يوجه لي هذا السؤال عن الجديد الذي أقدمه في مجال الإعلام؟ لكني هذه المرة أوجه السؤال لنفسي قائلة ما جديدك؟ وماذا ستضيفين في عقدك الرابع؟ لصفاء، لزوجي، لطفلتي، لعائلتي الكبيرة، لأصدقائي، لعملي، لمجتمعي، لأمتي!! جميعها أسئلة تجول في بالي، وقد أصبحت الآن وبلا شك أكثر نضجاً من قبل، أصبح استفزازي ليس بالأمر الهين، كما أني أصبحت قادرة على فهم من حولي بسهولة أكثر، التجاوز والتسامح وحتى العفو أصبح أسهل مما مضى، أما المشاعر فقد أصبحت أكثر كرماً بها من سابق السنوات، ثلاثون عاماً أضافت لي العديد من التجارب والخبرات والمهارات، كما صاحبتها سقطات وهفوات، جراح وبكاء، ألم وحزن، لكنها جميعها لم تمر مرور الكرام كنت أدخل مع نفسي بصراعات تأخذ مني أياماً وأسابيع ليستقر بي الحال أن أقرر بدء صفحة جديدة علها تكون بداية أجمل، وهكذا بين شد وجذب.. كنت قد قرأت في ثلاث دراسات نفسية تثبت أن نسبة سعادة المرأة وإقبالها على الحياة تزداد بعد تجاوز سن الثلاثين، كما أن علماء النفس في دراسات الصحة النسائية يؤكدون أن فكرة الاستمتاع بالحياة التي يصبو لها الجميع تتحول عند المرأة بعد تجاوزها لسن الثلاثين لواقع ملموس فيزداد إقبالها على الحياة، كما أن روحها المعنوية ترتفع، وتتحسن حالتها النفسية أكثر من الرجل في نفس السن.. لكن أكثر ما أصبحت متأكدة منه في الثلاثين أني أزداد جمالاً، ليس من باب الغرور، كلا إنما هناك دراسة علمية تدعم هذا، فالنساء أجمل بعد الثلاثين. ومع اختلاط المشاعر هذا العام إلا أن قراراتي كانت حاسمة فلا وقت بعد لأضيعه، وأهمها أن أحصن نفسي بالعلم والمعرفة، فهما سلاحي في التصدي لشيخوخة العمر. وتبقى مراحل الحياة تأخذ منا كما تعطينا، إلا أن في الثلاثين جعبة السعادة، وكفة البهجة تزداد وتزداد، ولا تزال طفولة القلب تسكنني. ملحوظة: التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.