لدي حلم وهو أن يكون هناك تفكير بإنشاء مجلس ثقافي في كل حي، أو لنقل لمجموعة أحياء متجاورة، يستقطب الشباب والبنات إلى نشاطاته الثقافية والفنية. وقد رأيت مثل هذه المراكز في أحياء عدد من المدن حول العالم، حيث تُسخر للشباب كل الإمكانات من كتب ووسائل سمعية وبصرية ليطلعوا ويتثقفوا وينموا مهاراتهم في كل المجالات. في إحدى الزيارات إلى لندن زرت واحدًا من هذه المراكز وأتيح لي الحديث إلى المدير المشرف عليه. وكانت إفادته كما توقعت وهي أن فكرة مراكز الأحياء الثقافية اللندنية وضع لها هدف واحد كبير، وهو أن يؤخذ الشباب من الشارع وتوفر لهم مراكز (محترمة) يلتقون بها ويتبادلون نصائح القراءة لهذا الكتاب أو ذاك، أو يناقشون بعض الأفكار التي تعود بالمصلحة عليهم وعلى وظائفهم النافعة في المجتمع. الشباب يحتاجون إلى الاستقطاب والتوجيه الوطني الذي يقوي عناصر الانتماء لديهم ويجعلهم أكثر حضورًا وقدرة في إضافة طاقاتهم الصالحة إلى أوصال التنمية في وطنهم. وشبابنا الذين أثبتوا ذكاءهم ووجودهم في كل مجال يريدون فقط حواضن ثقافية عامة تمكنهم من إخراج هذه الطاقات الهائلة والمؤثرة في مسيرتنا نحو المستقبل. وبطبيعة الحال فإن مثل هذه الحواضن تمثل ضمانات حقيقية لإبعادهم عن مزالق الشر والمخدرات والأرصفة التي لا تخلو من الأشرار والمتربصين بهم. دعونا نقل إنها فكرة غير فكرة مجالس الأحياء التي لم تنجح في استقطاب الشباب والتأثير عليهم، وأنها فكرة قابلة للتجريب خاصة وأنها كما قلت مجربة وناجحة في كثير من الدول. وهي، أيضا، ستحل محل المجالس أو الديوانيات الثقافية الخاصة التي اجتهد البعض في إنشائها وما زالوا، مشكورين، ينشطون في إقامتها وموضوعاتها. على الأقل ستكون هذه المجالس الثقافية في الأحياء نظامية وتحت إشراف الأجهزة الحكومية المعنية التي تبحث الآن عن سبل لتوجيه الشباب إلى ما فيه صالحهم وصالح وطنهم ومجتمعهم.