يشكّل الأنف إحدى أهم أدوات الطبيب. منذ العصور القديمة، اعتمد الأطباء على حاسة الشمّ بهدف تحديد ما يعانيه المرضى. على سبيل المثال، أتاحت لهم رائحة الحلاوة في النفس مراقبة حالات مثل الداء السكري. أما الرائحة الكريهة فساعدتهم في تشخيص أخماج الجهاز التنفسي. ما التطوّر الذي طاول هذه الطريقة من التشخيص اليوم؟ لا يستطيع الأطباء اليوم، على غرار الماضي، شمّ إلا ما تلتقطه أنوفهم، فضلاً عن أن مركبات عدة تميّز الأمراض لا رائحة لها. بهدف تخطي هذه العقبة، طوّر المهندس الكيماوي حسام حايك جهازاً يدّعي أن باستطاعته الاضطلاع بالمهام التي يعجز عنها أنف الإنسان. لا تُعتبر الفكرة الرئيسة وراء ابتكار الدكتور حايك جديدة، فيتوافر راهناً عدد من أجهزة «تحليل النفس» تساهم في تشخيص الأمراض، فضلاً عن أن من الممكن تدريب الكلاب على اكتشاف أمراض مثل السرطان. لكن معظم هذه المقاربات يركّز على أمراض محددة، في حين رغب الدكتور حايك في تطوير عملية عامة. كما ذكر الطبيب في مجلة ACS Nano، طوّر هو وزملاؤه مجموعة من الأقطاب المعدّة من أنابيب كاربون نانوية (صفيحات مجوفة أسطوانية الشكل مصنوعة من ذرات الكربون) وجسيمات ذهب صغيرة. وغطّت كلاً من هذه الأقطاب واحدة من 20 طبقة عضوية يتأثر كل منها بمجموعة مركبات تنتشر في نفس مَن يعانون 17 مرضاً تشمل الباركنسون، والتصلب المتعدد، وسرطان المثانة، وارتفاع الضغط الرئوي، وداء كرون. عندما تتفاعل إحدى هذه الطبقات، تتبدل مقاومتها الكهربائية بطريقة متوقَّعة. فتوّلد التبدلات مجتمعةً بصمة كهربائية أملَ الباحثون أن تساهم في تشخيص الداء الذي يعانيه المريض. بغية اختبار اختراعهم، جمع الدكتور حايك وزملاؤه 2808 عينات نفس من 1404 مرضى مصابين بواحد على الأقل من الأمراض التي يبحثون عنها. لكن نجاح الجهاز لم يكن ثابتاً، إذ استطاع التمييز بين عينات مرضى سرطان المعدة ومَن يعانون سرطان المثانة بنسبة 64% فقط. ولكن عند تمييزه بين سرطان الرئة وسرطان الرأس والعنق، جاء نجاحه بنسبة 100%. نتيجة لذلك، بلغ معدل نجاحه العام 86%. قد لا يكون الجهاز مثالياً، إلا أنه يشكّل أداة مفيدة تساعد الأطباء الذي يخططون لإجراء فحوص إضافية. علاوة على ذلك، إنه مجرد نموذج، وعندما يُعدَّل ويُضبط من المتوقع أن ترتفع نسبة نجاحه.