ربَّ صديق فيسبوكي أعظم من سلة أصدقاء علي السوداني تلك كانت من نعم الفيسبوك عليَّ، إذ زرعت المصافة الجميلة على مائدة العوافي ولذة الحديث اللطيف، صديقاً كان ألكترونياً وصار الآن حقيقياً. إنه نجم سهيل وكنيته أبومحمد. حميم إلى الحدّ الذي يكاد يقصف فيه قلبك كلّ ليلة من الليالي الثلاث التي قضاها بربة عمّون، بقصة عراقية منكّهة بعطر بصراوي نبيل، فترد عليه بحكاية بغدادية عباسية الهوى والمهوى. وجهه المريح هو خلطة من إبراهيم العبدلي ومحمود البريكان الشاعر المغدور الذي أكل جلَّ ليلتنا الطويلة بمطعم سلطان إبراهيم البديع. نجم ومجلسه الأدبي تحت أيمانهم مقترح نشر ديوان شعر فخم لقريبه البريكان، وأظن أنه قد حصل على قصائد غير منشورة للشاعر المعتزل غير المحظوظ ، فقلت له عليك إذن بأهل البصرة من الأدباء وتابعيهم وجلاسهم وسهيريهم ومريديهم. في باب العونة هذا جئنا على ذكر محمد خضير وكاظم الحجاج وطالب عبدالعزيز ولؤي حمزة عباس وجابر خليفة جابر، ثم وسّعنا جغرافيا المشهد، فذهبنا إلى بلاد ما بين القهرين كلها، وطفرنا صوب دلمون حتى حططنا الرحال التخييلي بمرسم الثنائي عباس يوسف وجبار الغضبان، ثم عبرنا جسرها الطويل الذي سيكتسي اللون الأبيض ليلة الخميس على الجمعة، بسبب حشود العابرين السعوديين المدشدشين المتعجلين صوب ليل المنامة الحلوة وما حولها، فنزلنا بديار حسن دعبل، فاستأنس صاحبي وارتاح لقصة قدر الرز المطبق بسمك الزبيدي الطيب، الذي جاءني به حسن صاحب كتاب البحبوح، صوغة مدهشة من بيته البعيد. وجدت أنّ أبا محمد الذاهب صوب السبعين، يستعمل الشوكة بمهارة عالية وبمقدوره أن يصطاد بها، حبة رزّ وحيدة نائمة بخاصرة الصحن، أما أنا فلقد فشلتْ محاولتي الأولى لقنص حبة زيتون كبيرة، بعد أن دستُ على جسمها الأملس فانزلقت خارج المائدة، كما لو أنها خروف هرب من سكّين الذبّاح. نصحني النادل الجميل خالد بأن أفرش على صدري، وصلة بيضاء كما فعل جليسي، لكنّ نصيحته ذهبت مذهب بولة في شط، بعد أن رأيت أن فوطة نجم قد سقطت على الأرض ألف مرة وثلاثا. باهر/12