نشرت «عكاظ الأسبوعية» في صفحتها آخر الأسبوع ( 28/8/1434هـ ) «قصة مثل .. القانون لا يحمي المغفلين». تدور قصة هذا المثل حول رجل أمريكي عانى وعائلته من فقر شديد اضطر معه إلى أن ينشر في الصحف الأمريكية إعلانا عنوانه ( إن أردت أن تكون ثريـا، فارسل فقط دولارا واحدا على صندوق بريدي، وسوف تكون ثريـا )!. استجاب القـراء إلى دعوة الرجل، فأقبل كل واحد منهم بإرسال الدولار المطلوب.. حتى تجمعت عنده ملايين الدولارات. حصد الرجل تلك الملايين فأصبح من أكبر الأثرياء. ثم نشر إعلانا آخر تحت عنوان : (هكذا تصبح ثريـا) .. مصرحا بأنه أصبح ثريـا.. شارحا الطريقة التي اتبعها ليكون من أكبر الأثريـاء !. رفع القـراء قضية إلى المحاكم يطلبون حقوقهم من الرجل، غير أن المحكمة أصدرت حكمها مشيدة بذكاء الرجل ودهائه.. معلقة أن القانون لا يحمي المغفلين!!. وتعليقا على هذا المثل وقصته، بدت لي هذه الخواطر : أولا: إن ما فعله الرجل ليس ذكاء ولا دهاء، بل دهاء من جانبه السلبي، وهو خبث وخداع، وهو أيضا نصب واحتيال تجب محاسبته عليه. أوليس ذلك الذي يعلن عن مشروع وهمي، فيجمع مالا من المشاركين ثم يختفي.. أليس فعله خداعا ونصبا واحتيالا تتعقبه الجهات المختصة ليرد الأموال إلى أصحابها ثم يخضع للتحقيق والمحاكمة ؟!.. لم لم نعد ذلك الفعل ذكاء وأن «القانون لا يحمي المغفلين» ؟!. ثانيا: لا أجدني إلا مستنكرا هذا المثل الذي اخترعه شخص متعسف مترفع عن المغفلين، وهم في الحقيقة غافلون وليسوا مغفلين. ثالثا: لقد وضعت القوانين لكي تحمي الناس من بعضهم بعضا، كيف لا يحمي القانون المغفل إن ارتكب في حقه خطأ، أو وقعت عليه جناية، أو تعرض لنصب واحتيال، أو نصب له شرك وهو (يا غافل لك اللـه)؟. ما ذنبه أن يعاقب بمنع القانون أن يحميه فلا نأخذ له حقه ممن اعتدى أو تعدى عليه.. فقط بحجة أنه مغفل؟. لقد وضعت القوانين لتحمي الناس من بعضهم.. دون تفرقة بين من كان مغفلا أو غافلا، أو يقظا أو ذكيا، أو غنيا أو فقيرا، أو كبيرا أو صغيرا ؟!. إنها خواطر ألحت علي.. لأستشف رأي المهتمين بمثل هذه السفسطات ؟. وما إذا كان يستقيم مخالفة مثل مضى عليه دهـر من الزمن. فمن يقدر على المخالفة، ومن الذي يؤمن بها.. فلا يحيد عنها قيد أنملة ؟!.