مع الانتهاء من عملية إخلاء بؤرة الاستيطان الاستعماري «عمونة»، والبدء بهدم المساكن التي أقاموا فيها، أعلن رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو عن تشكيل طاقم خاص لبناء مستوطنة جديدة في الضفة الغربية لمستوطني عمونة وغيرهم. ويأتي هذا القرار استمرارا للتفاهمات التي توصل إليها ديوان نتنياهو مع سكان البؤرة، حتى يوافقوا على إخلائهم بلا عنف. وفي حال تطبيقه ستكون هذه هي المرة الأولى التي تقرر فيها الحكومة إنشاء مستوطنة جديدة في الضفة، وذلك منذ أكثر من 20 سنة. ويأتي هذا القرار مكملاً للقرارين السابقين، اللذين اتخذتهما حكومة نتنياهو لتخطيط بناء نحو 6 آلاف وحدة سكنية جديدة في المستوطنات، وهو يمثل ضعفي عدد الوحدات التي تقرر بناؤها في الضفة الغربية طيلة سنة 2016. وقد زار نتنياهو أمس مدينة أرئيل الاستيطانية المقامة قرب نابلس، بعمق مداه 21 كيلومترا في قلب الضفة الغربية، وقال إنه لا توجد حكومة في تاريخ إسرائيل عملت للاستيطان أكثر من حكوماته، موضحا أنه من بين الوحدات السكنية الجديدة، هناك ألف وحدة ستقام في أرئيل، ولذلك فإن عدد سكانها سيزيد من 20 إلى 25 ألفًا في غضون خمس سنوات، وستبقى هذه البلدة ضمن السيادة الإسرائيلية إلى الأبد، حسب تعبيره. وقال ديوان نتنياهو إن الطاقم الذي سيقيم المستوطنة الجديدة، سوف يضم ممثلين عن مستوطني عمونة، إضافة إلى مساعد وزير الدفاع للاستيطان، ورئيس الطاقم في ديوان نتنياهو. وسيبدأ العمل فورًا من أجل العثور على مكان لإقامة المستوطنة الجديدة. وحسب الاتفاق مع المستوطنين فإنه في حال عدم مصادقة المحكمة العليا على «مخطط عمونة» (يقضي بالسيطرة على أراضٍ فلسطينية مجاورة بحجة أنها أملاك غائبين لإنشاء البؤرة)، فإن الحكومة تلتزم بإنشاء مستوطنة جديدة لهم حتى نهاية مارس (آذار) 2017. وكانت المحكمة العليا قد رفضت «مخطط عمونة» أمس، وقرر القضاة بغالبية صوتين، القاضي سليم جبران والقاضي يورام دنتسيغر، بأنه لا يمكن تنفيذ مخطط فك الشراكة في القسائم المجاورة للبؤرة، ولذلك لا يمكن نقل المستوطنين إليها. أما القاضي نيل هندل فقد أيد المخطط، فيما قال نفتالي بينت، رئيس البيت اليهودي وزير التعليم، ردًا على قرار المحكمة، إنه سيطلب من الحكومة المصادقة على إقامة مستوطنة لسكان عمونة، مضيفًا أن هذا القرار «سيكون الرد الصهيوني المناسب، ويجب تنفيذه بأسرع ما يمكن». وجاء قرار المحكمة أمس في أعقاب الالتماس الذي قدمه تسعة فلسطينيين، ورئيس مجلس بلدة سلواد، القريبة من عمونة، بواسطة جمعية «يوجد قانون». وادعى الملتمسون ملكيتهم للأرض أو ارتباطهم بها. وانتهى أمس صراع قضائي دام نحو عشر سنوات لإخلاء بؤرة عمونة. وبعد أربع سنوات من التزام الحكومة بهدم البؤرة، بناء على قرار المحكمة العليا، وبعد تأجيل تلو آخر، بدأت الشرطة صباح أول من أمس بإخلاء البؤرة. وعلى الرغم من تعهد مستوطني عمونة أمام المحكمة العليا في ديسمبر (كانون الأول) الماضي بإخلاء البؤرة دون مقاومة، وتم بناء عليه تأجيل التنفيذ من 25 ديسمبر إلى مطلع فبراير (شباط) الحالي، إلا أن عملية الإخلاء قوبلت بمقاومة عنيفة، خاصة من الشبان الذين وصلوا من مستوطنات أخرى ومن إسرائيل للاحتجاج على الهدم. وقد لخصت الشرطة الإسرائيلية الحدث بقولها إن نحو 60 رجل شرطة أصيبوا بجراح مقابل 32 مستوطنًا خلال عملية الإخلاء. وتم اعتقال 15 شخصًا، فيما هرب عشرة منهم خلال نقلهم إلى مركز الشرطة. وأوضحت الشرطة الإسرائيلية أن جميع المباني أخليت، بما في ذلك الكنيس (بيت العبادة اليهودي)، الذي سوف ينقل من مكانه سالمًا احترامًا لرجال الدين اليهود. وقد تم البدء بهدم المنازل. ولوحظ أن المستوطنين الذين تحصنوا فيه قبل إخلائهم، تركوا شعارات معادية للصهيونية والشرطة مثل «شرطة إسماعيلية» (يقصدون عربية) و«الموت للصهاينة»، مما يدل على أنهم ينتمون لتيار ديني متزمت يرفض الصهيونية، كما رسموا الصليب المعقوف (شعار النازية).