النسخة: الورقية - دولي لو نظرنا اليوم الى ما يجري في البلدان المنتجة للنفط، لاستخلصنا ان وضع عدد كبير منها، السياسي والامني، من شأنه ان يقلق العالم بالنسبة الى امن امدادات النفط والغاز. وعكست ازمة الغرب مع روسيا ورئيسها فلاديمير بوتين تخوفاً اوروبياً من عقوبات صارمة عليه كون اوروبا وبالاخص المانيا تعتمد بشكل كبير على امدادات النفط والغاز الروسي. اضافة الى ان اعتماد اوكرانيا اساسي وكبير على امدادات الطاقة الروسية. اما اذا نظرنا الى الوضع السياسي الداخلي والامني في فنزويلا وهي من بين اكبر الدول المنتجة للنفط في "اوبك"، فهو لا يدعو الى التفاؤل بإدارة الرئيس مادورو لشؤون بلد غني والتي دفعتها الى المزيد من التدهور على الصعيد السياسي والامني وعلى صعيد شركة نفطية وطنية تدهورت اوضاعها. ليبيا بلد آخر مهم في الاوبك. الاوضاع السياسية والفوضى وغياب الامن وانتشار السلاح والعصابات ادت كلها الى انخفاض الانتاج النفطي في البلد الى حوالى ٢٣٠ ألف برميل في اليوم، في حين ان ليبيا كانت تنتج مليوناً ونصف المليون برميل في اليوم من النفط. في ايران، صحيح ان انتاج النفط ازداد قليلاً عما كان في بداية السنة وبلغ في شباط /فبراير حوالى ٢,٩٠ مليون برميل في اليوم عن مستوى سابق كان ٢،٧٠ مليون برميل، لكن العقوبات الدولية ما زالت قائمة على البلد. واذا رفعت فلن يكون ذلك قبل نهاية السنة بأحسن الحالات. اما وضع الجزائر حيث انتاج النفط والغاز يسير بشكل طبيعي، فالوضع السياسي المتوقع لا ينبئ بمستقبل واعد من حيث الاستقرار في بلد تعمد المؤسسة العسكرية الحاكمة فيه الى اعادة ترشيح رئيس مريض لا يمكنه حتى القيام بحملته الرئاسية ليقود بلداً كبيراً يمثل الشباب ٧٠ في المئة من عدد سكانه البالغ أكثر من ٣٨ مليوناً. والبطالة فيه متزايدة وأزمة الإسكان مستمرة وثروة البلد تهدر بالفساد وعدم المسؤولية عن مصير البلد. نيجيريا البلد النفطي الكبير الآخر الاكثر فساداً يشهد أحداثاً امنية اصبحت عادية في بلد اعتاد على اعمال عنف وسرقات في المناطق النفطية. العراق تمكن من زيادة انتاجه في شهر شباط بحوالى ٥٠ ألف برميل اضافي عما كان في كانون الثاني / يناير وأنتج ٣،٦٠ مليون برميل في اليوم، إلا ان الاوضاع الامنية فيه غير مستقرة والخلاف بين المنطقة الكردية والحكومة المركزية ما زال قائماً على رغم الوساطة الاميركية. والخلاف الخليجي بين قطر والدول الخليجية لم يؤثر في انتاج النفط والغاز في هذه الدول، خصوصاً ان امدادات الغاز من قطر الى الامارات عبر مشروع دولفين بقيت على ما هي عليه، ما جعل كثراً يتكهنون بأن الخلاف قد يكون سحابة صيف اذا نجحت الوساطة الكويتية. لكن الخلاف الخليجي لن يكون له تأثير في انتاج النفط والغاز، فالسعودية اكبر منتج للنفط في العالم وسياستها النفطية مسؤولة وهي تلبي دائماً اي نقص في الإمدادات فيما قطر اكبر منتج للغاز في العالم وتزويدها للعالم على ما هو. اما بالنسبة الى الدول النفطية الصغيرة الانتاج مثل سورية حيث الحرب قائمة والصورة غير واضحة عما يجري للمناطق النفطية والحقول واليمن حيث ما زالت الاوضاع الامنية متدهورة وجنوب السودان فكلها بؤر حروب وعدم استقرار يخيم عدم يقين على وضع انتاجها النفطي. ان كل هذه المعطيات في ساحات الدول النفطية تساهم في بقاء سعر النفط في الاسواق العالمية بأكثر من مئة دولار للبرميل منذ فترة. ولفت احد مسؤولي الصناعة النفطية العالمية الى ان سعر النفط هو بهذه المستويات منذ ثلاث سنوات في فترات كانت هناك توترات في مناطق نفطية كما في فترات كانت التوترات ولم يتغير التوازن في مستوى الاسعار. وأضاف، حتى لو افترضنا ان كل التوترات في المناطق المشار اليها قد زالت فلن نشهد تدهوراً كبيراً في مستوى اسعار النفط هذا على رغم اعترافه بأن التوترات لها دور في إبقاء سعر النفط مرتفعاً.