×
محافظة المنطقة الشرقية

كيف تدمر بلدا في 30 سنة بقلم: سميرة رجب

صورة الخبر

زواج المؤانسة ضرورة للمسنين يرفضها الأبناء بضراوة على الرغم من أن زواج كبار السن، أو ما يطلق عليه زواج المؤانسة، يمثل في الكثير من الأحيان ضرورة حياتية، نفسية وصحية ومجتمعية، لهؤلاء الكبار، إلا أن المجتمعات العربية مازالت لا تتقبله حتى الآن، وتنظر إليه باعتباره عيبا، بل ويراه البعض من الأبناء كارثة، فيسارعون إلى المحاكم لإيقافه، لكنهم في الحقيقة يكونون خائفين من الفضيحة، ومن ضياع الميراث. العرب شيرين الديداموني [نُشرفي2017/01/28، العدد: 10526، ص(21)] مطاردة الذكريات وانتظار النهاية في ظل انفراط عقد الأسرة الحديثة، أصبح “خريف العمر”، بما يحفره من تجاعيد على الوجوه، مرحلة عمرية ذات وقع قاس على كل من يعايشها، ولا يتبقى لهؤلاء المسنين سوى مطاردة الذكريات وانتظار النهاية، إذ يؤدي خلو البيت من الدفء والصحبة، واستقرار الأبناء في حياة جديدة، إلى فقدان المسن الرغبة في الحياة، وتهاجمه أمراض الشيخوخة، وتفترسه هواجس الوحدة والفراغ، وتصبح الحياة والموت لديه سواء، ويتخذ البعض منهم أحيانا القرار بالانتحار. إحصائيات حديثة أكدت ارتفاع أعداد المسنين في المنطقة العربية، بفضل التقدم في الرعاية الصحية وأساليب العلاج وتوفر الخدمات الاجتماعية، وفي مصر وصل عدد المسنين إلى عشرة ملايين و648 ألف مواطن، حسب أحدث إحصائيات التعداد السكاني. مع ذلك، فإن غاية ما استطاعت المجتمعات العربية القيام به، أنها وفرت لكبار السن دورا للعجزة، كما يحلو للبعض أن يطلق عليهم، ونادرة هي البلدان التي اعترفت بإنسانيتهم، وتعاملت معهم باعتبارهم فئة، ليست قضيتهم التقاعد أو الضمان الاجتماعي أو توفير المستشفيات الحكومية ومراجعاتها، إنما هم أناس يحتاجون إلى الحب، والرعاية.. والزواج أيضا. لذلك قامت البعض من جمعيات رعاية الأسرة في السنوات الأخيرة، بتبني فكرة “زواج المؤانسة أو الونس”، بعد دراسات ميدانية اكتشفت أن زواج الرجل المسن من سيدة مسنة، من شأنه رفع الحالة المعنوية للجانبين، ويتيح لهما فرصة المشاركة الوجدانية وتقاسم الأفراح والأحزان، في ظل أمراض الشيخوخة التي تصيب كبار السن. وحديثا كشفت دراسة، نشرت في دورية “ماتوريتاس” الطبية، في جامعة سرقسطة في إسبانيا، عن أن وجود شريك في حياة المسنين، قد يقي من الإصابة من الأمراض، ويكون بارقة أمل لحياة هادئة وسعيدة، تعيد للمسن القدرة على التواصل والعطاء والتكيف مع طبيعة المرحلة العمرية. إن كلا من الرجل والمرأة، في زواج المؤانسة، يجمعهما دافع واحد، هو الرغبة في الاطمئنان إلى أن هناك شريكاً يعيش معه تحت سقف بيت واحد، يفهمه، ويتنفس بجواره، ويتدخل لإنقاذه إذا تعرض لأزمة صحية، حيث أن الخوف من الوفاة أثناء النوم دون أن يشعر به أحد، يمثل هاجسا يسيطر على كل من يعيش وحيدا وتزداد هذه المشاعر كلما تقدم العمر به. وفي مصر، رغم أن معظم المسنين الراغبين في الزواج لا يحددون مواصفات معينة في الشريك، إلا أن البعض من الجمعيات، ومنها جمعية تدعيم الأسرة، وضعت شروطا محددة يجب أن تكون متوفرة لدى المسن الذي يرغب في الزواج، كأن يكون لديه مصدر للدخل، ومسكن، ويقدم ما يثبت أنه مطلق أو أرمل، وألا يقل عمر العروس عن 50 سنة والعريس عن 60 سنة أو أكثر. ثم يجلس المسن بعد ذلك مع الأخصائية المسؤولة لتتعرف على ما يطلبه وتوفر له مبتغاه، وبعدها يتم عقد جلسة تعارف، فإذا حدث الوفاق يتم الزواج، وإذا لم يحدث يتم البحث عن شريك جديد. الرجل الشرقي اعتاد وجود زوجة بجواره تتحدث إليه أو حتى تتشاجر.. والعرف الاجتماعي يطالبه بالتضحية دائما أحد كبار الصحافيين المصريين، خاض التجربة، ورحب بها، وأكد أن زواج المؤانسة للمسنين جديرة بالتفهم، وأوضح لـ“العرب”، أن المجتمعات العربية في بعض دوائرها تتقبل فكرة “زواج المسيار” للمتزوجين فعلا، لتلبية احتياجاتهم البيولوجية، في حين أن كبار السن هم الأحوج إلى الزواج من أجل المؤانسة، لا سيما وأن الرجل الشرقي اعتاد وجود سيدة بجواره تلبي حاجاته، وتتحدث إليه، أو حتى تتشاجر معه. على جانب آخر، لم تلق الفكرة ترحيبا، وحاربها البعض، ووصفوها بـ“الغريبة والدخيلة” على مجتمعاتنا العربية، التي ترى في زواج كبار السن كارثة اجتماعية، وفي البعض من الطبقات، يعد هذا النوع من الزواج من الأمور التي ينظر إليها بخجل باعتبارها “عيبا اجتماعيا”، بل وخيانة ودليلا على عدم الولاء للطرف الثاني في حالة وفاته. آخرون يطلقون على زواج المؤانسة، “زواج الخرف”، ويتساءلون مندهشين: كيف يحدث هذا بعد أن وصل الأحفاد إلى مشارف الزواج؟ لأن فكرة الزواج في نظر هؤلاء مقتصرة على الإنجاب، ولا يعترفون بأن هناك أسبابا أخرى للزواج في سن معينة؛ كالصحبة والمؤانسة. وأشارت سلمى محمد، أخصائية اجتماعية بدار الهنا لرعاية المسنين بالقاهرة، إلى أن هذا النوع من الزواج، بالرغم من فائدته للمسنين، إلا أنه مرفوض بشكل كبير ويسبب الكثير من المشاكل الاجتماعية، التي تتعلق برفض معظم الأبناء زواج آبائهم أو أمهاتهم، خاصة إذا كان الأب المسن لديه أملاك، والعروس امرأة مازالت لديها القدرة على الإنجاب؛ ويخشى مثل هؤلاء الأبناء زواج والدهم أو والدتهم من آخرين حتى لا تشاركهم أرملة أب، أو الأخ غير الشقيق في الميراث. وأكدت لـ”العرب”، أنه حدثت الكثير من المشكلات، التي وصلت إلى حد اللجوء إلى المحاكم والقضاء بين المسن وأولاده، بعد أن قاموا برفع دعاوى لـ”الحجر” أي الحجز على أمواله، عندما علموا بفكرة الزواج، خوفاً من أن ينجب في خريف العمر، فيأتي بمن يقاسمهم الميراث. المشكلات بين الآباء والأبناء التي نشأت نتيجة تبني فكرة “زواج المؤانسة” أرجعها خبراء الإرشاد النفسي إلى أنانية الأبناء، وجهلهم بما يشعر به المسنون من الوحدة والإهمال، وشعورهم القاتل بأنهم لم يعد لهم دور في المجتمع، ولم تعد هناك حاجة إلى وجودهم بين ذويهم. أكد فتحي السبيلي، أستاذ الفقه المقارن، لـ”العرب”، أن المجتمع العربي يضع معايير تتماشى مع أهوائه، ومهما تقدم الرجل أو المرأة في السن، طالما أنه- أو أنها- قادر ماليا وجسديا على القيام بواجباته الشرعية تجاه زوجته، وكذلك الزوجة تجاه زوجها، فليس هناك مانع من الزواج مادامت قد توافرت أركانه الشرعية وشروطه. ودعا إلى تغيير الكثير من المفاهيم الاجتماعية الخاصة بزواج المسنين، لأن لهم احتياجات خاصة لا يشعر بها الأبناء في الكثير من الحالات، وأكد أن زواج المسنين، هو أحد الحلول التي يجب اللجوء إليها لمعالجة مشاكلهم، وينبغي أن توضع في أول قائمة الحلول، قبل اللجوء إلى الخادمة أو الممرضة، اللتين تقدمان الخدمة للمسن مقابل مال، عكس الزواج الذي يقدم الحب قبل الخدمة. :: اقرأ أيضاً استجابة الأطفال للخوف تتأثر بشكل كبير بأصدقائهم طاولة الطعام بتصاميم مرنة هذه الألوان تزين أظافرك