×
محافظة المنطقة الشرقية

هنأ سموه الشباب المستفيدين من برامج جمعية «وئام» أمير المنطقة الشرقية لفريق الصقور السعودية: نعتز بوجود أمثالكم من أبناء الوطن

صورة الخبر

دبي: عبير مشخص اعتاد زوار معرض الفن السنوي «آرت دبي» على توقع عرض الأعمال المعاصرة لفنانين من مختلف دول العالم، وهو توجه أثبت نجاحه بالنسبة للمهتمين بالفنون وأيضا للمقتنين الذين يحرصون على اقتناء جانب من كبير من تلك الأعمال المعروضة. ولكن هذا العام، وللمرة الأولى، قرر القائمون على «آرت دبي» تخصيص قسم خاص لأعمال رواد الفن الحديث في القرن العشرين من العالم العربي والشرق الأوسط وجنوب آسيا تحت عنوان «آرت دبي مودرن». وتضمن الجناح الجديد معارض فردية وثنائية لأهم رواد الفن الحديث الذين كان لمجمل أعمالهم وإنتاجهم الوقع الأكبر على المشهد الفني لتلك الحقبة والأجيال اللاحقة. جرى تطوير محتوى هذا القسم في نسخته الأولى بالتعاون مع لجنة اختيارات فنية ضمت عددا من أبرز المؤرخين والقيّمين الفنيين، وهم: سافيتا آبتي، وكريستين خوري، وكاثرين ديفيد، وندى شبوط. وبدا العرض كأنه تحية خاصة لهؤلاء الرواد وفرصة جميلة للجمهور لمطالعة أعمال اختفت عن الأنظار لفترة في قاعات المتاحف أو المجموعات الخاصة.. من العروض المنفردة مثل العرض البديع للفنانة باية من خلال غاليري «المرسى»، إلى عروض لفنانين عمالقة مثل مقبول فدا حسين من الهند، وآدم حنين من مصر، وصولا إلى ناصر اليوسف وراشد آل خليفة من البحرين. في غاليري «آيكون» (نيويورك ولندن) تحدثنا إلى هاري هاتيسون، المسؤول عن العرض، الذي أوضح أنه يقدم أعمالا لفنانين كل منهما استحق لقب بيكاسو؛ فالأول هو الفنان الباكستاني سيد صادقين الذي تميزت أعماله باستخدام متفرد للخط العربي.. يقول هاتيسون إن صادقين الذي ولد في الهند وغادرها إلى باريس في الستينات ثم عاد لباكستان في السبعينات ليستقر بها: «يطلق عليه لقب (بيكاسو باكستان)، ويمكننا القول بأنه أشهر فنان حديث في باكستان». والثاني الفنان الهندي مقبول فدا حسين، حيث يشير إلى عمل للفنان، فيقول «حسين أيضا عرف بلقب (بيكاسو الهند)، نرى في عمله المعروض هنا أحد المواضيع الأساسية عنده، وهو البحث عن الأم». اللوحة أمامنا نرى فيها مجموعة من النساء يختفي وراءهم صبي صغير، لا نرى ملامحه، فهو قابع في الظل نرى ظهره. «المعروف أن حسين لم ير والدته، وأعماله تعكس الشوق للأم. وفي سلسلة (الأم تريزا) في آخر حياته عكس الموضوع ذاته». اللافت في اللوحات هو حضور النساء، ولكن بوجوه خالية من الملامح، خاصة العيون، التي تمثل أهم الملامح في وجه الإنسان، تختفي من وجوه النساء في لوحاته.. «حتى الأم تريزا رسمها دون وجه، فهو لا يتذكر وجه أمه ويعكس هذا ببراعة في لوحاته». الأسعار التي وضعت للوحات تعكس بالتأكيد مكانة الفنانين في المشهد الفني، فهي تتراوح بين مائة ألف دولار وثلاثمائة ألف دولار. ومن آسيا، ننتقل إلى مصر وإلى أعمال الفنانين آدم حنين وحامد عبد الله في غاليري «كريم فرنسيس». يجلس الفنان آدم حنين في المعرض، ويبدو في جلسته مثل أحد التماثيل المصرية التي نحتتها يداه. يقول لنا إنه يعرض خمسة أعمال «مختارة من بداياتي في فن النحت». يرفض أن يصف مضامين أعماله ويصر على التركيز على القيمة البصرية لها.. «أبحث عن الطريقة التي نظر بها أجدادنا للأشياء.. الموضوع في حد ذاته لا يهمني.. تهمني الطريقة، فالجانب البصري أهم بالنسبة لي». بحث حنين، حسب ما يذكر لنا، عن أسلوبه الفني وإلهامه في الفن المصري القديم، ثم في الفنون الحديثة في مصر وأوروبا. يستعيد أيامه الأولى، ويقول: «عندما انتهيت من دراستي الجامعية في عام 1953 كنت في حيرة.. لم أعرف ما الذي يمكن أن أصنعه، فلم تكن هناك نماذج أحتذيها، ولم يكن هناك نحاتون، كان هناك القليل ممن قلدوا النحات الشهير مختار، وعرفت وقتها أنني يجب أن أجد الطريق الخاص بي». يشرح لنا أكثر: «أنا أحب الفن المصري القديم، ولكني لا أنتمي إلى عصر الفراعنة، وبالتالي لا أستطيع استخدام هذا الفن. سافرت إلى أوروبا ورأيت فنونها وأعجبني هنري مور وجياكوميتي، ولكنها أيضا لم تمسني مثل الفن المصري القديم. وأمام الخيارات قررت أن أدرس الموجود في مصر، بقايا الحضارة المصرية وليس الفن المصري، فجذبتني البيوت القديمة في الصعيد، أجد إلهامي في أبوابها الخشبية، أو في بائعة تجلس أمام (صفيحة جبنة) في السوق، أو تلك التي تجلس أمام صفيحة ماء (هنا هو يشير إلى مجسمين من عمله معروضين أمامنا). هي كلها شخصيات مصرية». بالنسبة لحنين، الفن ينتج بتلقائية بعيدا عن العقل.. «كنت أعمل بكثافة لأني خائف من أن يتغلب عقلي، فعندما يتغلب العقل يصبح الفن مفتعلا. لهذا انهمكت في أعمالي لأدفع بعقلي للوراء ولكي أستطيع أن أخرج ما بداخلي بتلقائية. كان هذا هو الطريق الذي اخترته: (تلقائي، ولكنه يحمل تأثيرات مختلفة). هي خلطة صعبة، كل قطعة من أعمالي تجدين فيها خليطا من التأثيرات الشعبية والمصرية القديمة والأوروبية، (كله مختلط ببعضه)، لكن العمل لا ينتمي في النهاية لأي من تلك الأشكال. الروح المصرية هي الغالبة». الحديث مع حنين متعة خاصة.. يعبر عن نفسه وعن عمله ببساطة شديدة، ولكنها عميقة لدرجة محيرة. في غاليري «البارح» من البحرين نتحدث إلى القائمة عليه هيفاء الجشي التي تبادر بالقول إن المعرض يقدم للجمهور أعمالا لفنانين بحرانيين مؤثرين.. «أحضرنا أعمالا للفنان ناصر اليوسف (توفي في عام 2006) وهو من رواد الفن الحديث في البحرين، وأيضا نعرض للفنان راشد آل خليفة، وهو فنان معاصر من أهم الفنانين في البحرين والخليج، ولكننا هنا نقدم له أعماله الأولى التي تصور مراحل تطوره». بالنسبة للفنان ناصر اليوسف، تشير الجشي إلى أن أعماله المعروضة بعضها رسم في فترة السبعينات والثمانينات والبعض الآخر بالأبيض والأسود.. «رسمها بعد أن أصيب بمرض أفقده بصره وألجأه إلى استخدام وسيلة جديدة للإبداع اعتمد فيها على اللمس والحفر والطباعة على الورق. وفي كل أعمال اليوسف يظهر تأثره بالتراث البحريني.. يظهر من خلال مناظر لزفة العروس أو الرقصات الشعبية أو المناسبات الاجتماعية». ونعرف بعد اللقاء أن الغاليري باع أربع قطع لليوسف بأسعار تراوحت بين 20 ألفا و30 ألف دولار. أما باقي الصالات المشاركة، فحققت مبيعات قوية، فباع غاليري «المرسى» أربعة أعمال للفنانة باية، بينما باع غاليري «لوري شبيبي» لأحد المقتنين عملين للفنان نبيل نحاس بمبالغ لم يفصح عنها، كما باع غاليري «أجيال» من بيروت مجسما للفنان مايكل بصبوص بسعر تراوح بين 20 ألفا و30 ألف دولار لأحد المقتنين في الإمارات. النتائج تبدو إشارة إلى انتعاش واضح في الاهتمام بالفن الحديث، ولعل هذا الاهتمام يشير إلى عودة «آرت دبي مودرن» لدورة العام المقبل. ورغم أن «آرت دبي» قد أعلن من قبل أن عروض صالات الفن الحديث سوف تقدم أعمالا لفنانين رواد لم ينالوا حظهم من التقدير والعرض للجمهور العالمي، فإنه من الملاحظ أن ذلك المقياس لم يعمل به تماما، فلوحظ وجود فنانين معروفين على مستوى العالم وما تزال أعمالهم تعرض في المعارض الفنية العربية والعالمية. وسجل هذا الخلط تخبطا لمح إليه بعض الزوار والصحافيين الذين دهشوا من إغفال أسماء بارزة في الفن الحديث، بينما رأى الآخرون أن هدف تقديم الفنانين الأقل حظا أيضا لم ينجح. عموما، هي الدورة الأولى لـ«آرت دبي مودرن»، وقد تكون تلك الملاحظات مفيدة للقائمين عليه في الدورات المقبلة.