تونس: «الشرق الأوسط» قال وزير المالية التونسي حكيم بن حمودة أمس إن الحكومة التونسية خفضت النمو الاقتصادي المتوقع إلى 2.8 في المائة هذا العام بما يتماشى مع توقعات صندوق النقد الدولي. وبحسب «رويترز» كان الوزير يتحدث عقب اجتماع مع وفد من صندوق النقد الدولي. وكان التوقع السابق للحكومة أن ينمو الاقتصاد أربعة في المائة. وبعد ثلاث سنوات من الانتفاضة التي أطاحت بحكم زين العابدين بن علي ودشنت الربيع العربي، تتجه تونس إلى إجراء انتخابات في وقت لاحق هذا العام بعد إسدال الستار على أزمة سياسية أضرت باستقرارها الاقتصادي وهددت بإخراج التحول الديمقراطي عن مساره. لكن الحكومة ما زالت تواجه تحديات خفض العجز الضخم في الميزانية وتدبير ما يكفي من مصادر التمويل الخارجي وإصلاح الدعم وخفض الإنفاق العام الذي يطالب به المقرضون الدوليون. وأبلغ بن حمودة الصحافيين: «نتوقع نموا يبلغ 2.8 في المائة نظرا للوضع الاقتصادي العالمي وسياق عملية التحول الداخلي.. علينا أن نكون واقعيين». كان اقتصاد تونس نما 2.6 في المائة العام الماضي. ويتوقع صندوق النقد الذي وافق مطلع العام الماضي على إقراض تونس 1.7 مليار دولار على عدة شرائح، أن يبلغ عجز الميزانية نحو ثمانية في المائة من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام مقارنة مع 8.4 في المائة العام الماضي. من جهة أخرى، تسعى تونس، التي تواجه مصاعب اقتصادية خانقة، إلى رسم صورة جديدة في العالم لسياحتها، بالاعتماد أساسا على شبكات التواصل الاجتماعي، من أجل استقطاب مزيد من السياح وتحقيق إيرادات مالية أعلى. وتعد تونس من الوجهات السياحية «الرخيصة»؛ إذ تبيع وكالات أسفار في أوروبا إقامة كاملة لأسبوع في أحد فنادق تونس ببضع مئات من اليوروات. وقالت وزيرة السياحة الجديدة آمال كربول أخيرا في لقاء صحافي: «إن تحويل بلد يُعتبر نسبيا سوقا (سياحية) رخيصة، إلى بلد يقدم خدمات سياحية عالية الجودة، يستوجب ما بين 10 و15 عاما.. لكن تغيير صورة البلد من وجهة سياحية رخيصة إلى بلد (المرح) يمكن أن يحصل في وقت أسرع، وهذه إحدى أولوياتنا». وتأمل وزيرة السياحة أن تستقبل بلادها سبعة ملايين سائح في 2014، وهو هدف يقول مراقبون إن تحقيقه يبقى مرتبطا بحالة الاستقرار الهش في تونس. وآمال كربول (41 عاما) عضو في حكومة لا تضم حزبيين، تسلمت مهامها نهاية يناير (كانون الثاني) الماضي. وستكون مهام هذه الحكومة التي يرأسها مهدي جمعة، قصيرة لأنها ستنتهي بإجراء انتخابات من المفترض تنظيمها قبل نهاية 2014. وخلال السنوات الثلاث الأخيرة، تراجع عدد السياح الوافدين إلى تونس وحجم الإيرادات المالية السياحية، مقارنة بسنة 2010 التي حقق فيها القطاع نتائج غير مسبوقة. ونتج هذا التراجع عن حالة عدم الاستقرار التي شهدتها البلاد بعد الإطاحة مطلع 2011 بنظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي. وكانت تونس استقبلت في 2010 نحو 6.9 مليون سائح وفّروا للبلاد إيرادات مالية بقيمة 3.5 مليار دينار (نحو 1.75 مليار يورو). لكن عدد السياح تراجع إلى 4.7 مليون سنة 2011 قبل أن يعاود الارتفاع إلى 5.9 مليون سنة 2012، ثم إلى 2.6 مليون 2013، بحسب إحصاءات وزارة السياحة. كما تراجعت الإيرادات إلى 2.4 مليار سنة 2011 قبل أن ترتفع إلى 3.1 مليار دينار في 2012، ثم إلى 3.2 مليار دينار في 2013 (1 يورو = نحو دينارين). وكان السلطات التونسية تأمل أن تكون سنة 2013 سنة انتعاش السياحة. لكن ذلك لم يتحقق جراء اغتيال اثنين من قادة المعارضة العلمانية ومقتل أكثر من 20 من عناصر الجيش والشرطة في هجمات نسبتها وزارة الداخلية إلى جماعات إسلامية متطرفة. وتعيش البلاد حاليا فترة هدوء نسبي. وتؤكد وزيرة السياحة أن تونس أصبحت «أكثر أمانا» اليوم وأن السياح شرعوا في التوافد عليها، خاصة من ألمانيا. وتقول الوزيرة إن الحملات الدعائية التقليدية للسياحة التونسية في الخارج «تتكلف أموالا كثيرة، وأثرها (..) يكون على المدى الطويل، وتونس مواردها المالية محدودة جدا». والشهر الحالي، استغلت وزارة السياحة النجاح الباهر الذي حققته أغنية «هابي» (سعيد) للفنان الأميركي فاريل ويليامز، للترويج للسياحة التونسية عبر شبكات التواصل الاجتماعي. وكان آلاف المعجبين عبر العالم بهذه الأغنية سجلوا مقاطع فيديو لأنفسهم وهم يرقصون ويغنون على أنغامها، ثم أنزلوا المقاطع على شبكات التواصل الاجتماعي. وقد استلهمت وزارة السياحة التونسية الفكرة نفسها. واختارت الوزارة صحراء ولاية تطاوين (جنوب) حيث جرى تصوير مشاهد من فيلم الخيال العلمي «حرب النجوم» للمخرج الأميركي جورج لوكاس، لتسجيل فيديو مشابه. وجرى تسجيل الفيديو في الديكور نفسه الذي صُوِّرت فيه مشاهد «حرب النجوم». وشارك في تصوير الفيديو ممثلون يرتدون ملابس مشابهة لأزياء الأبطال الحقيقيين للفيلم. وشوهد الفيديو، منذ تنزيله على «يوتيوب» في 6 مارس (آذار) الحالي وحتى اليوم، أكثر من 1.5 مليون مرة حتى إن الفنان الأميركي فاريل ويليامز نفسه قام بتنزيله على حسابه الخاص في «تويتر». وقالت الوزيرة: «هناك عشاق لفيلم (حرب النجوم) في الولايات المتحدة الأميركية والدول الإسكندينافية وأميركا الجنوبية، حيث تونس غير معروفة» متوقعة أن يساهم الفيديو في التعريف خصوصا بالجهات الداخلية لتونس. وتعمل وزارة السياحة على تنويع العرض السياحي الذي يتركز أساسا على سياحة الشمس والشواطئ.