في منزله الصغير بمدينة الرياض، وعلى عكس بقية أقرانه في مختلف أرجاء المعمورة، احتفل الطفل السعودي عوض الغامدي، اليوم، وحيدًا بيومه العالمي، فيما بقية أطفال العالم ينظمون احتفالات كبيرة برعاية رسمية وأخرى مجتمعية. عوض أو “دودي” كما تسمّيه والدته، طفل مميّز، ليس لأنه يصف نفسه كذلك في فيلم تعريفي قصير عن حالته المرضية، وإنما لأنه كذلك بالفعل، لأنه آمن رغم غضاضة سنِّه بأنه ووالدته، قادران على توجيه أنظار المؤسسات الحكومية والمجتمعية إلى محنة يعاني منها العشرات إن لم يكن المئات دون أن يدركهم أحد. ظلت والدة عوض تتنقل بين المستشفيات وأشهر الأطباء حولين كاملين علّها تجد تشخيصًا مناسبًا لحالة طفلها، دون أن تصل إلى نتيجة، فقد لاحظت منذ أيامه الأولى عدم قدرته على التعبير أثناء البكاء أو الضحك، وعدم قدرته على الرضاعة مثل بقية الأطفال. لم تيأس الأم ووجدت ضالتها حين أخبرها طبيب التشخيص أن فلذة كبدها مصاب بـ”متلازمة موبيس”، وهو “اضطراب عصبي خلقي (نادر) يتمثل بشلل في الوجه وعدم القدرة على تحريك العينين من جهة إلى أخرى (أفقيًّا). وقد يصاب المريض بشلل الشفة، وصعوبة في التنفس، وتآكل القرنية والإصابة بالحول، وتأخر في المشي. ويؤكد الأطباء أنه يمكن التعرّف على الأطفال المصابين بهذا الاضطراب عند الولادة، من خلال ملاحظة عدم القدرة على التعبير التي يتم اكتشافها أثناء البكاء أو الضحك، وعدم القدرة على الامتصاص، ولكن معظم الأطفال تشخّص حالاتهم بشكل خاطئ (توحّد، تخلّف عقلي) بسبب تعابير وجوههم، وبعض الأنماط السلوكية، أو الترويل المتكرر (سيلان اللعاب). “أنا طفل مثلي مثل غيري”، يقول عوض الغامدي ذو الست سنوات وهو يتحدث عن مرضه، ويضيف: “لكن عندي بعض الاختلافات الصحية التي يمكن أن تلاحظوها.. عندي وجه وابتسامة ربي خلقها مميّزة.. بسبب متلازمة موبيس”. وفي اليوم العالمي للمصابين بمرض “مايبوس ساندروم” الذي يصادف 24 يناير من كل عام، وجّه عوض رسالة مسجّلة إلى كل أطفال السعودية، قال فيها: “أصدقائي المميزون حول العالم عددهم قليل؛ بسبب مرضنا النادر، عشان كذا احنا مميّزين.. لكن أنا أختلف عنهم.. تعرفون ليش؟ لأنهم هم عندهم اليوم العالمي للمرض، لكن أنا ما فيه أحد يحتفل معي باليوم هذا بالسعودية”. ويحاول عوض، وهو سفير فريق الفهدة الإنساني، أن تصل رسالته التوعوية التي تضمنها فيلم قصير من دقيقة واحدة إلى كل فرد في المجتمع السعودي، متمنيًا ألا تعاني الأسر التي لديها طفل مصاب بذات المتلازمة، كما عانت والدته طيلة سنتين حتى اكتشفت حالته. ولأنه مميز فعلًا “فالكثير يسأل عن دودي، حالته، وضعه، تشخيصه”، كما تقول والدته، وتشير إلى أن هناك مَن يضع أسئلة من هذه الشاكلة “دودي يشوف؟ دودي يفهم!! دودي يعرفنا؟؟”. وتفاخر والدة عوض بفرادة ابنها وبرسالته العظيمة للمجتمع ولكل الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، فـ”عندما يتميز طفلي بكل شيء أيقنت أن هديتي من الله تفوق جميع الهدايا والحمد لله”، وفقًا لتعبيرها. ومن واقع تجربتها وخبرتها الطويلة مع المرض، تقول والدة عوض: “علاجيًّا لا يوجد علاج محدّد، ويتم النظر بالأعراض ومحاولة التخفيف من حدّتها كالعلاج الطبيعي لتحسين المهارات الحركية والتنسيق.. وعلاج النطق والتخاطب لتحسين القدرة على الكلام.. والعلاج الوظيفي للتدريب على التآزر الحركي والبصري.. ودودي تناسب معه العلاج بالتكامل الحسّي والحمد لله”. ختامًا، يقول دودي: “كل أهلي وأصدقائي يحبون ضحكتي.. ويضيف مازحًا “اذا شفتوني مبسوطًا فهذا تعبير مني”، لكنه يعود إلى جديته ليؤكد “أنا ما عندي توحّد ولا إعاقة عقلية، لذا لا تحدق وتطيل النظر إليّ بشفقة.. تقدّم إلينا وبادر بالسؤال.. بكون جدًّا سعيد أنا وماما من أسئلتكم والرد عليها”.