يلعب جهل المرأة وعدم وعيها بحقوقها كاملةً عند التوكيل والتحقيق والترافع فيما يختص بعقد النكاح وقضايا الطلاق والإرث وحقوقها التجارية والتعليمية والوظيفية والصحية دوراً كبيراً في جعلها فريسة سهلة وامرأة خاملة لا دور لها في كثير من الأحيان، كما أنَّ بعض العادات والموروثات الثقافية والاجتماعية والسلطة الذكورية لعبت دوراً كبيراً في حرمان العديد من النساء من حقوقهنَّ، إلى جانب وجود من تضطر منهنَّ إلى التنازل عن حقوقها المشروعة، إمَّا تحت الإجبار والتهديد أو بكامل إرادتهن؛ بهدف الحد من المشكلات والخلافات العائلية، وقد يتسبَّب خوف المرأة أو حياؤها من الرجل في جعلها تستسلم لطلباته فيما يتعلَّق بتوقيع الشيكات وإبرام العقود والوكالات، سواءً لقروض شخصية أو شراء سيارات، وغير ذلك، إلى جانب التوقيع بحسن ظن أو جهلٍ منها، الأمر الذي يجعلها تكون في النهاية هي المجني عليها، خاصةً حينما تكون هناك حقوق للغير أو مطالبات مالية لابد من الوفاء بها. وتقع المسؤولية على المرأة فيما يتعلَّق بتوعية ذاتها وتثقيفها، خاصةً حينما تكون متعلمة تجيد القراءة والاتصال عبر الهاتف و"الإنترنت"، حيث أنه بإمكانها الاتصال بمحامٍ أو شيخ ليُطلعها على حقوقها الشرعية والأنظمة، وهو ما يضمن في النهاية عدم استغلالها أو استغفالها، كذلك يتحمل المجتمع جانباً من مسؤولية التوعية، سواءً عبر البرامج التوعوية والتأهيلية التي تقيمها المؤسسات المختلفة أو عبر وسائل الإعلام المتنوعة. نصيب شرعي وأشارت "سعيدة العبدلي" إلى أنَّها كانت ترغب في الحصول على نصيبها الشرعي من تركة وأرض والدها وتحلم ببناء منزل يؤيها ويسترها، لاسيَّما أنَّ زوجها طلقها وأعادها إلى بيت أهلها، بيد أنَّ تمسُّك إخوتها بالأرض وخشيتها من اتساع دائرة الخلاف بينهم جعلها تتنازل عن نصيبها في الأرض مقابل مبلغ مالي بسيط. وقالت "عائشة المسعودي": "أبي يعاني من مرض نفسي مزمن جعله لا ينام ليالٍ طويلة، كما أنَّه مصاب بداء الشك والغيرة، فهو يضربني ليل نهار، وأمي ضعيفة لا حول لها ولا قوة، الأمر الذي جعلها تلتزم الصمت وتبكي حسرة وألماً عليَّ، والمشكلة أنِّي لم أجد من ينقذني وليس لي سند يعاونني، فإخوتي منغمسون قي بعض الأمور السلبية، وأنا أخاف منهم أكثر من والدي، وقد أخبرتني إحداهنَّ أنَّ لي حقوقاً شرعية تترتب على عضل الولي، وهو ما سيوفِّر لي الحماية ويجعلني أتزوج بشخص يؤمِّن لي حياةً كريمة، بيد أنِّي لا أعرف عن ذلك شيئاً". برامج توعوية وبيِّنت "نوال محمد" أنَّها مطلقة منذ (10) سنوات، مضيفةً أنَّها عاشت مهملة لوحدها مع أخيها، مشيرةً إلى أنَّها لم تستلم صك الطلاق حتى الآن، كما أنَّ طليقها لم يُسقط اسمها من بطاقة العائلة؛ مما حرمها من الزواج مرة أخرى، على الرغم من أنَّه تقدَّم العديد من الرجال للزواج بها، لافتةً إلى أنَّها حُرمت أيضاً من المساعدات التي يُقدمها "الضمان الاجتماعي". وقالت "إنعام حمراني" -طالبة بجامعة جازان-: "بادرت أنا و(10) طالبات من زميلاتي في الجامعة إلى تشكيل لجنة نسائية تنفذ برامج توعوية متنوعة تخدم أهدافاً كثيرة وتركز على تثقيف المرأة بحقوقها المشروعة في مختلف قرى ومراكز ومحافظات جازان، وذلك تحت شعار "طموحنا التغيير"، وقد بدأنا العمل عبر الإعلان والتنظيم للقاءات ومحاضرات تُنفَّذ في الدور النسائية"، مضيفةً أنَّ هذا المشروع قوبل بتفاعل وحضور كبير من نساء المنطقة. وتمنَّت أن تتم رعاية هذا المشروع من قبل جهات رسمية؛ لتتمكن هي وزميلاتها من إيصال رسالتهنَّ التوعوية للمرأة بكل يسر وسهولة، مضيفةً أنَّ ديننا الإسلامي الحنيف وضع الأسس التي تكفل للمرأة حقوقها، كما أنَّه سنّ القوانين التي تصون كرامتها وتمنع استغلالها بأيّ شكل من الأشكال، ثمَّ ترك لها حرية الخوض في مجالات الحياة، مشيرةً إلى أنَّ بعض العادات والموروثات الثقافية والاجتماعية لا تزال تقف أمام وصول المرأة إلى وضعها العادل في بعض المجتمعات الشرقية. حقوق المطلقة وأوضحت "إنعام حمراني" أنَّ خجل وخوف المرأة وجهلها في كثير من الأحيان بطريقة المطالبة بحقوقها المشروعة قد يُفقدها الكثير، مضيفةً أنَّ هناك أموراً أخرى ساعدت في ذلك، ومنها تسلط العديد من الرجال، إلى جانب عزل المرأة عن المشاركة الفاعلة في المجتمع، وكذلك قلَّة التوعية عبر مؤسسات المجتمع ووسائل الإعلام المختلفة، لافتةً إلى أنَّ المرأة تنتظر حالياً إقرار حق من حقوقها المشروعة، وهو الاعتماد والتفعيل للائحة حقوق المرأة المُطلقة التي أوصى "مجلس الشورى" قبل حوالي (10) أشهر بسرعة إعدادها وتطبيقها؛ لضمان حقوق المطلقات وأطفالهنَّ. استشارات قانونية وأشار "د.هادي بن علي اليامي" -عضو مجلس هيئة حقوق الإنسان- إلى أنَّ "هيئة حقوق الإنسان" تُولي موضوع نشر ثقافة الحقوق اهتماماً بالغاً، موضحاً أنَّها رصدت انتهاكات لحقوق الإنسان خاصةً المرأة، مبيناً أنَّ الهيئة تباشر متابعة تلك الانتهاكات بالتنسيق مع الجهات الحكومية ذات العلاقة، ومن ذلك متابعتها لقضية تزويج القاصرات وعلاجها، لافتاً إلى أنَّها تعمل على تنفيذ العديد من البرامج التوعوية والمعارض والأجنحة المتنقلة في العديد من المهرجانات التي يتم تنظيمها بالمملكة. وأضاف أنَّ ذلك يتم بمشاركة عدد من الباحثين والباحثات؛ بهدف تقديم الاستشارات القانونية، والرد على الاستفسارات، إلى جانب إقامة العديد من الأجنحة التوعوية في المجمعات التعليمية؛ لتوعية الطلاب والطالبات. فريسة سهلة وقالت "عائشة شاكر زكري" -حقوقية-: "حرص خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- منذ توليه مقاليد الحكم على أن تنال المرأة في المملكة حقوقها كاملة، وفقاً لما نصَّت عليه الشريعة الإسلامية، وقد ظهر ذلك عبر مشاركتها لأخيها الرجل في الميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية، فها هي تُبتعث للدراسة في الخارج وتشارك في الحوار الوطني والمجالس البلدية ومجلس الشورى". وأشارت إلى أنَّ جهل المرأة وعدم تثقيفها وتوعيتها بحقوقها في الأنظمة القضائية عند التوكيل وعند التحقيق وعند الترافع فيما يختص بعقد النكاح وقضايا الطلاق وحقوقها التجارية والتعليمية والوظيفية والصحية جعلها فريسة سهلة وامرأة خاملة لا دور لها في كثير من الأحيان، مضيفةً أنَّ بعض العادات والموروثات الثقافية والاجتماعية والسلطة الذكورية لعبت دوراً كبيراً في حرمان العديد من النساء من حقوقهنَّ. حسن ظن وأوضحت "عائشة زكري" أنَّ خوف المرأة من الرجل قد يجعلها تستسلم لطلباته فيما يتعلَّق بتوقيع الشيكات وإبرام العقود والوكالات، سواءً لقروض شخصية أو شراء سيارات، وغير ذلك، إلى جانب التوقيع بحسن ظن أو جهلٍ منها، موضحةً أنَّها تكون في النهاية هي المجني عليها، مبينةً أنَّ حياءها قد يمنعها من مراجعة مراكز الشرط والمحاكم ومزاحمة الرجال، مشيرةً إلى أنَّ من أبسط حقوقها في حالات العنف الأسري حمايتها في دور الحماية و الإيواء. وأضافت أن ما تتم مشاهدته -للأسف- هو عكس ذلك، إذ تتم إعادتها لولي أمرها وعدم قبولها في دار الايواء ومحاولة حل مشكلتها الأسرية ودياً؛ لأنَّ المطالبة بهذا الحق يجعلها سجينة في هذه الدور لا طالبة حق، موضحةً أنَّها حتى في حال علمت بحقوقها، إلاَّ أنَّها قد تجهل كيفية الخروج لها والمطالبة بها ولأيّ جهة تتقدم، فعندما تتعرَّض للتحرّش -مثلاً- تجهل الجهة التي ينبغي عليها أن تتقدَّم لها بالشكوى. وأشارت إلى أنَّ زواج القاصر من أجنبي يحرمها من ضم أطفالها وتعليمهم وعلاجهم، داعيةً إلى استحداث مكاتب لخدمة النساء الوحيدات اللاتي بدون عائل أو لهنَّ عائل عاجز أو يمارس عليهنَّ العنف والظلم، على أن تتولى هذه المكاتب اصطحاب المرأة للشرطة والقضاء، أو أيّ جهة تخدمها وتعينها في الحصول على حقوقها، مشددةً على ضرورة تعيين النساء في سلك القضاء؛ كي لا تضطر المرأة لوكيل شرعي أو البحث عن محرم. مسؤولية المجتمع وأوضح "خالد أبو راشد" -محام- أن الشريعة الإسلامية ضمنت للمرأة حقوقها كالرجل تماماً، مضيفاً أنَّ لها حقاً في الإرث والتعليم والوظيفة والزواج والعضل والطلاق إن استحالت العشرة، كما أنَّ لها الحق في أن تنعم بالأمن والأمان وسط أسرتها بعيداً عن أجواء القهر والعنف، مبيناً أنَّه يحق لها أيضاً ممارسة التجارة وسائر الأنشطة العقارية من بيع وشراء واستئجار، مشدداً على ضرورة توعية المرأة بحقوقها؛ لتتمكن من التمتع بها والمحافظة عليها والمطالبة بها. وأكد على أنَّ المسؤولية تقع على المرأة نفسها بالدرجة الأولى فيما يتعلَّق بتوعية ذاتها وتثقيفها، خاصةً حينما تكون متعلمة تجيد القراءة والاتصال عبر الهاتف و"الإنترنت"، مشيراً إلى أنَّ بإمكانها الاتصال بمحامٍ أو شيخ ليُطلعها على حقوقها الشرعية والأنظمة التي كفلت لها ذلك، إلى جانب قدرتها على القراءة والإطلاع في كافة المواقع المتاحة لذلك، لافتاً إلى أنَّ المجتمع يتحمل جانباً من مسؤولية التوعية، سواءً عبر البرامج التوعوية والتأهيلية التي تقيمها المؤسسات المختلفة أو عبر وسائل الإعلام المتنوعة. وعي وعلم وشدّد "أبو راشد" على ضرورة نشأة الفتاة منذ الصغر على العلم والوعي بكامل حقوقها من قبل أسرتها، إلى جانب تدريبها على كيفية الاحتفاظ بها والمطالبة بها بالطرق السليمة التي تضمن سلامتها واستمراريتها، موضحاً أنَّ بعض النساء قد يلجأن للتنازل عن حقوقهن إمّا تحت الإجبار والتهديد أو بكامل إرادتهن؛ بهدف الحد من المشكلات والخلافات، مؤكداً على أنَّ ذلك لا يُعدّ حلاً أمثل، مبيناً أنَّ التنازل عادةً يقود لتنازل آخر وخسارة أكبر، وبالتالي العيش تحت مظلة الظلم والحرمان، ذاكراً أنَّ جهل المرأة بحقوقها قد يحرمها من حقوق كثيرة، ومن ذلك حضانة أطفالها، موضحاً أنَّها قد تقبع تحت عنف والدها وإخوتها وتُحرم من الزواج بالرجل الكفء؛ بسبب جهلها بحقها في عضل الولي ونقل الولاية لآخر حينما يثبت أنَّ أسباب أبيها لحرمانها واهية، لافتاً إلى أنَّه لا يحق لوليها منعها من الزواج بالرجل الكفء. وأضاف أنَّ الولي إذا منعها كان عاضلاً لها، إذ إنَّه يحق لها حينئذ رفع أمرها للقاضي الشرعي ليزوجها أو يأمر وليها بتزويجها، وعند بعض العلماء تنتقل الولاية إلى غيره من الأولياء، لافتاً إلى أنَّ الطلاق حقاً للمرأة في حالة استحالة العشرة والحياة مع الزوج.