بغداد: حمزة مصطفى لندن: معد فياض شيع آلاف العراقيين أمس الصحافي محمد بديوي الشمري الذي قتل على يد ضابط في حماية الرئاسة العراقي وسط بغداد أول من أمس، فيما تسلمت قوة عراقية حماية المقر بدل البيشمركة الكردية التي تسببت بأزمة سياسية. وأثارت قضية مقتل الصحافي سخطا شعبيا ضد قوات البيشمركة في بغداد، ما عدوه «استهتارا» من قوة غير نظامية وطالبوا بطردها من بغداد. وتحولت حادثة مقتل الصحافي والأكاديمي الشمري إلى قضية رأي عام بعد نشر صورته وهو مسجى على الأرض مضرج بدمائه إثر إطلاق النار عليه من قبل ضابط ينتمي إلى الفوج الخاص بحماية الرئيس العراقي جلال طالباني. وكان آلاف المواطنين العراقيين الغاضبين شيعوا جثمانه من أمام منزله في منطقة العزيزية (شرق بغداد) فيما أقيمت له مراسم تشييع رمزية أمام الجامعة المستنصرية التي يتولى بديوي التدريس فيها أستاذا مساعدا لمادة الإعلام. وتولت الكثير من فروع نقابة الصحافيين العراقيين في أكثر من محافظة عراقية مراسم تشييع رمزية له. وأدانت كتلة التحالف الكردستاني في البرلمان العراقي الحادثة مطالبة بعدم تحويلها عن مسارها الجنائي، فإنه طبقا لمعلومات لم يجر تأكيدها من مصدر رسمي، فإن وفدا من مكتب طالباني الذي يعالج في ألمانيا حاليا برئاسة زوجته هيرو خان، يعتزم زيارة عائلة بديوي لتقديم واجب العزاء وتعويضهم. وقال رئيس كتلة التحالف الكردستاني في البرلمان العراقي فؤاد معصوم في بيان إن «البعض ركب موجة السخط على عملية قتل الإعلامي محمد بديوي الإجرامية الفردية، للتسلق إلى مواقع قيادية طالما طمعوا فيها»، محذرا من «تحويل القضية نحو إثارة العداء ضد الكرد وكردستان». وعد معصوم أن «إطلاق النار بهذه الصورة على الصحافي بديوي يشكل خرقا للقانون ولضوابط العمل العسكري»، مطالبا بـ«إجراء التحقيق العادل ومحاسبة الجاني وتوضيح جميع ملابسات الجريمة النكراء». وأشار إلى أن «قيادة حماية رئيس الجمهورية نفذت بسرعة أمر القائد العام للقوات المسلحة بتسليم المتهم إلى السلطات المعنية»، مشيرا إلى أن «العمل الطائش لا ينبغي بأي حال من الأحوال تحويله إلى قضية تسيء إلى الأخوة العربية الكردية». من جهته كشف نقيب الصحافيين العراقيين مؤيد اللامي لـ«الشرق الأوسط» عن أن «الفوج الخاص بحماية رئيس الجمهورية لم يتعاون معنا ومع الجماهير الغاضبة التي تجمعت بالقرب من المجمع الرئاسي حتى وصل قائد عمليات بغداد وجرت مفاوضات مع المسؤول الخاص عن الفوج»، مشيرا إلى «أنهم تستروا في البداية على القاتل لولا التدخل المباشر لرئيس الوزراء نوري المالكي الذي حضر شخصيا إلى موقع الحادث حيث بدأت بعده عملية التعاون من قبل مسؤول حماية الفوج وهو ضابط برتبة عقيد». وردا على سؤال بشأن ما إذا كان المالكي أجرى اتصالا مع زوجة الرئيس طالباني بشأن ذلك، قال اللامي إنه «لا علم له بما إذا كانت الاتصالات التي أجراها المالكي مع زوجة طالباني، إلا أن المعلومات المتوفرة لدي تشير إلى أنه أجرى اتصالات مع القيادة الكردية أسفرت عن تسليم القاتل وبطريقة مهنية». ومن جهة أخرى، أفاد العميد سعد معن المتحدث باسم القيادة لوكالة الصحافة الفرنسية: «تنفيذا لتوجيهات رئيس الوزراء تسلمت قوة تابعة لعمليات بغداد مداخل ومخارج المنطقة التي يشغلها الفوج الرئاسي». وأضاف أن «عناصر القوة الجديدة تسلموا فعليا المسؤولية الأمنية لحماية هذه المنطقة التي تضم مكاتب الرئيس جلال طالباني ونائبه خضير الخزاعي». وقال محمد الربيعي عضو مجلس محافظة بغداد، في تصريح، إن «منطقة الكرادة منطقة مدنية يجب الحفاظ على طابعها، وهذه القوات يجب أن تنسحب منها». وطالب أساتذة وطلاب جامعة المستنصرية التي كان يدرس فيها بديوي في لافتات رفعوها، بطرد قوات البيشمركة من بغداد، وتسليم زمام السلطات الأمنية إلى القوات العراقية النظامية. وبعد حادث قتل الصحافي أمس رفض قادة البيشمركة تسليم الضابط إلى القضاء العراقي لعدة ساعات، ما أثار غضبا عارما استدعى تدخل رئيس الوزراء نوري المالكي للإشراف على اعتقاله شخصيا. وقال أحد الأساتذة: «نطالب رئيس الوزراء بإخراج قوات البيشمركة من بغداد، وكل قوة أخرى غير نظامية». وأثارت القضية غضبا عارما في الأوساط الشعبية والسياسية وأدان عدد كبير من النواب «الجريمة»، فيما طالب الأكراد عدم تسييس القضية. ومن جهته، استنكر الدكتور برهم صالح، رئيس حكومة إقليم كردستان العراق السابق وعضو الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة طالباني، «جريمة قتل الصحافي العراقي محمد بديوي» أستاذ الإعلام في الجامعة المستنصرية من قبل ضابط في فوج حماية الرئيس العراقي أول من أمس. وقال صالح لـ«الشرق الأوسط» أمس: «أتقدم بتعازيَّ إلى ذوي الشهيد الدكتور بديوي الذي قضى في جريمة تدعو إلى الاستهجان والاستنكار». وأضاف صالح قائلا: «ألقت قوات حرس الرئاسة القبض على المتهم بقتل الشهيد بديوي، وهي بذلك قدمت مثلا في الخضوع للقانون، والامتناع عن حماية الجريمة وتبريرها». وحذر السياسي الكردي الذي كان شغل منصب نائب رئيس الحكومة العراقية «من تحويل دم الشهيد بديوي إلى وسيلة لتأجيج روح العداء القومي واستثماره الفج في الدعاية الانتخابية». وفي السياق ذاته قال مصدر مقرب من رئاسة الجمهورية إن «فوجي حماية الرئيس طالباني لا يخضعان لوزارة البيشمركة لكنهما يخضعان مباشرة لتوجيهات مكتب الرئيس شخصيا»، مشيرا إلى أن «جهودا بذلت لسحب الفوجين كون الرئيس طالباني غير موجود في مسكنه أو مكتبه ببغداد، وهو يخضع للعلاج منذ أكثر من عام في ألمانيا، إلا أن المقربين من الرئيس وممن يسيرون الأعمال الشخصية للرئيس وبالاشتراك مع كبار ضباط الفوجين رفضوا هذه الطلبات وأصروا على بقاء الفوجين في موقعهما». ونبه المصدر الذي رفض نشر اسمه إلى أن «هناك ميزانية ضخمة مخصصة لهذين الفوجين ولبقية فعاليات حماية الرئيس طالباني وسكرتارياته قد تتجاوز أربعة ملايين دولار، ولا نعرف من يتصرف اليوم بهذه الميزانية وكيف لا تخضع للرقابة».